لم يتبق لنا إلا أن نردد لحمدوك أغنية الفنان الرائع محمد ميرغني (كلمني يا حلو العيون.. عذبني صمتك يا حنون) لعلنا ننجح في اإخراج الرجل من صمته المريب والمدهش، رغم جسامة الأحداث التي تجري يومياً في الساحة إلا إن حمدوك يصر بطريقة مذهلة على ممارسة فضيلة الصمت.
نعم هناك مثل يقول (إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب)، ويبدو أن حمدوك ملتزم بهذا المثل نصاً وروحاً. ولكن من أطلق هذا المثل أول مرة لم يقصد السكوت في كل المواقف يا حمدوك.
هناك أمور يجب أ نسمع صوتك فيها، ويجب أن نسمع رأيك فيها بكل وضوح، إلا إذا كنت لا تملك رأياً من الأساس أو انك قررت بينك وبين نفسك أن تترك الأمور تذهب على سجيتها دون أي تدخل منك ( وخليها تجي زيما تجي وخلاص).
الفشل في الأداء التنفيذي للدولة في كثير من مناحي الحياة يكاد يمشي على قدميه وسط الناس وانت تمارس الصمت .
وزراء في حكومتك اصبحوا كالحجر الثقيل فوق صدور مواطنيك لا يقدمون شيئا بل يخصمون يوميا من رصيدك ومن رصيد الثورة وانت مازلت صامتا .
حكومتك حتى اللحظة تفشل حتى في تحديد موعد فتح المدارس للعام الدراسي الجديد، والتشاكس على أشده بين وزارات الصحة والتعليم والمالية، والكل يتهرب من مسؤولياته. وزارة التعليم لا تجد المال الكافي لطباعة الكتاب المدرسي، بينما المالية تصرف صرف من لا يخشي الفقر في إقامة المهرجانات والاحتفالات الزائفة لسلام المخصصات، واستيراد فارهات السيارات لأعضاء الحكومة الجدد، بينما سيارات المجلس السيادي تضرم فيها النيران، وتشتعل وهي في مخازنها كما حدث أمس، وتشتعل معها بطون الجوعي والمرضى من أبناء شعبك وأنت صامت يا حمدوك.
حكومتك رفعت الدعم عن الوقود، وقالت: لا صفوف للبنزين بعد اليوم.. ورضخ الشعب لهذا القرار المجحف وهو يأمل ان تنتهي صفوف الوقود. زادت اسعار الوقود، وزادت أسعار المواصلات، وزادت أسعار كل السلع، وللأسف الشديد زادت معها صفوف البنزين طولاً أمام كل محطات الوقود.. وأنت مازلت صامتاً.
انفلاتات أمنية في عدة أحياء في الخرطوم، وعودة السرقات الليلية، وخطف حقائب النساء في رابعة النهار في شوارع الخرطوم، وسيارات الشرطة تجوب الشوارع بأصواتها المزعجة، ولا نجني منها غير الإزعاج، وصرف الوقود دون أن نشعر بالأمن والأمان .. وأنت يا حمدوك صامت ولا تقول شيئاً.
جائحة كورونا تعود بقوة في موجتها الثانية، وتحصد الأرواح بشدة هذه المرة، وتبدأ الضرب هذه المرة من داخل وزارة الصحة نفسها (مع دعواتنا بالشفاء لوزير الصحة وطاقمه الوزاري)، وهذا مؤشر خطير.. وحكومتك تفشل حتى في توزيع الأدوية والمحاليل الوريدية المكدسة في الإمدادات الطبية، وعشرات الشاحنات تقف، ولأيام طويلة في الشارع في انتظار تفريغ الحمولة.
كل الذي فعلته حكومتك الموقرة أنها أزاحت مديرة الإمدادات من منصبها، كأنها هي المسؤولة عن هذا التدهور المريع .. يا سيدي الكريم هذه مسكنات عفا عنها الزمن، ولا تعالج المشكلات بهذا الطريقة البدائية.
هذا غيض من فيض المنغصات والمشكلات والأمور الجسام أانت لا تحرك ساكناً، كأنك لا تريد أو حتى ترغب أن تقول أو تفعل شيئاً.
سؤال … هل انت تعاقب هذا الشعب؛ لأنه قال يوماً شكراً حمدوك؟
قريبا سيقول لك نفس هذا الشعب ارحل يا حمدوك
أتمنى ألا يأتي هذا اليوم رغم أنى ارى بأم عيني أن ملامح هذا اليوم قد بدا للعيا.
رمزي المصري