كتاب الرئيس البرازيلي السابق لولا دي سلفا “الجوع صفر -ZERO HUNGER”، يحكي واحدة من أهم التجارب الاقتصادية الناجحة في العالم التي نقلت البرازيل من الفقر والجوع والديون والتخلف الإداري، إلى بلد متقدم ينافس الدول الصناعية.. وفي أربع سنوات “مدة رئاسية واحدة” سدد كل مديونية صندوق النقد..!
بل إن الصندوق “اقترض” من البرازيل 14 مليار دولار أثناء الأزمة العالمية في 2008، أي بعد خمس سنين فقط من حكم “لولا دا سيلفا”..!
بدأ الرئيس إصلاحاته بالقضاء على الفساد، والتقشف في المصروفات العامة والتركيز على تحفيز قطاعات الإنتاج الكبيرة؛ الصناعة، التعدين، الزراعة ثم تطوير التعليم، واختار برنامجا خاصا ومدروسا بعناية لانتشال الطبقة الفقيرة بالدعم الاجتماعي، من خلال وضع بند في الموازنة العامة للدولة أسماه “الإعانات الاجتماعية المباشرة” وقيمته 0.5 في المائة من الناتج القومي الإجمالي للدولة، ويصرف في صورة رواتب مالية مباشرة للأسر الفقيرة، تم توجيه الدعم إلى 11 مليون أسرة تشمل 64 مليون برازيلي، بمعدل 735 دولارا للأسرة.
معتمدا في ذلك على رفع الضرائب عن رجال الأعمال والفئات الغنية من الشعب مقابل منحهم “تسهيلات” كبيرة في الاستثمار وآلية تشغيل وتسيير أعمالهم ومنح الأراضي مجانا وتسهيل التراخيص. وإعطاء قروض بفوائد صغيرة. ساعدتهم في فتح أسواق جديدة، وساعدت إعانات الفقراء في تنشيط السوق، وزيادة القوة الشرائية لمنتجات رجال الأعمال، فتضاعف حجم مبيعاتهم وبدأ الركود ينفض غباره.
بعد ثلاث سنين فقط عاد مليونا مهاجر برازيلي، وجاء معهم 1.5 مليون أجنبي للاستثمار والحياة في البرازيل. (وفقاً لما تناوله الكاتب الاقتصادي (بالاقتصادية) فهد العيلي الذي اهدي نسخة (مترجمة).
الملاحظ من تجربة (البرازيل) انها ركزت على قطاع واحد بدل التشتيت بين أكثر من قطاع.. وفقا للميز النسبية والتنافسية التي تتمتع بها (البرازيل) يعني باختصار (القطاع الصناعي).. باعتبار ان تطويره سيؤدي قطعا الى نتائج إيجابية، لتطوير القطاعات الأخرى..
ووفقاً لهذه المعطيات علينا ان نتخذ (القطاع الزراعي) نموذجا مشابها تعزيزاً للقيمة النسبية والتنافسية التي يتمتع بها لسودان في هذا المجال، ولتجربة (القمح) خير شاهد على إمكانية نجاح التجربة.
ولكن كيف؟ بدعم وزارة الزراعة بمستشارين في العديد من المجالات ذات العلاقة، وتكوين لجان استشارية للوزارات ذات العلاقة (بالقيمة المضافة).. للمنتجات الزراعية، الصناعة، التجار، الثروة الحيوانية، ووضع سياسة وطنية للأمن الغذائي، وضع خارطة للاستثمار الزراعي في الولايات ذات العلاقة، تطرح على المستثمرين المحليين والأجانب والزراعيين والبياطرة، وانشاء شركات للاكتتاب وطرحها للمواطنين، تحت اسم شركات (الكرامة)، مع تحفيزهم بضمان الأرباح عند النجاح، والاستفادة من توقعات الفجوة الغذائية المتوقعة في العالم ما بعد (كورونا).