الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي (25 ديسمبر 1935 – 26 نوفمبر 2020م) رئيس حكومة السودان فترتي (1966 -1967م، و1986 – 1989م).
سياسي ومفكر سوداني وإمام الأنصار ورئيس حزب الأمة. ولد بالعباسية بأم درمان. جده الأكبر هو محمد أحمد المهدي مفجر الثورة المهدية في السودان. وجده المباشر عبدالرحمن المهدي.
والده: السيد الصديق عبد الرحمن المهدي (1911-1961)، خريج كلية غردون التذكارية قسم الهندسة، تقلد إمامة الأنصار إثر وفاة والده الإمام عبد الرحمن في مارس 1959م. قاد معارضة نظام الفريق إبراهيم عبود والكفاح لاسترجاع الديمقراطية حتى وفاته دونها في 2 أكتوبر 1961م.
والدته: السيدة رحمة عبد الله جاد الله (1909-1985)، ابنه ناظر الكواهلة عبد الله جاد الله، متفقهة في التراث الديني، كانت من رائدات النهضة النسوية بالسودان، وقد أنشأت مع أخريات أول جمعية نسوية وهي جمعية نهضة المرأة. توفيت في 31 ديسمبر 1985م.
مراحل التعليم
الخلوة: بالعباسية – أم درمان في الطفولة الباكرة على يد الفقي أحمد العجب، ثم في الجزيرة أبا على يد الفقي علي السيوري.
الكتّاب: في الجزيرة أبا.
الابتدائي: مدرسة الأحفاد في أم درمان.
الثانوي: بدأه في مدرسة كمبوني (الخرطوم)، وواصله في كلية فكتوريا (الإسكندرية 1948-1950م)، حيث ترك الكلية هاجراً التعليم النظامي، رافضا لعدة مظاهر بالكلية تسلخ الطلاب عن هوياتهم العربية والإسلامية. ورجع إلى بلاده ملازماً للشيخ الطيب السراج لينهل من علوم الفصحى وآدابها.
العودة للتعليم النظامي: في 1952م، اقتنع بالرجوع للتعليم النظامي بتشجيع من أستاذ مصري قابله في جامعة الخرطوم اسمه ثابت جرجس، جلس لامتحانات شهادة أكسفورد الثانوية من المنزل، والتحق بكلية العلوم في جامعة الخرطوم كمستمع على وعد بأن يواصل معهم لو نجح في امتحان آخر السنة.
لاحقاً أخبره المستر ساندون (العميد) باستحالة ذلك، وساعده على إيجاد قبول للالتحاق بكلية سانت جون (القديس يوحنا) بأكسفورد ليدرس الزراعة، وكان القبول مصحوباً بشرط واحد هو أن ينجح في امتحان الدخول للجامعة.
الدراسة في جامعة الخرطوم: التحق الصادق بطلبة السنة الأولى لكلية العلوم في الفصل الأخير من العام، حيث دخل الجامعة في يوليو 1952م، وكان العام الدراسي ينتهي في ديسمبر، وكان يحضر المحاضرات صباحاً، ويواصل تلقي دروس العربية من الشيخ الطيب السراج عصراً، ثم يدرس مساءً للحاق ما فاته والتحضير لامتحان السنة النهائية.
الدراسة في كلية القديس يوحنا بجامعة أوكسفورد (1954- 1957م): امتحن الصادق المهدي لكلية القديس يوحنا عام 1953م وقبل لدراسة الزراعة، ولكنه لم يدرسها، بل ذهب لأكسفورد في عام 1954م وقرر دراسة الاقتصاد، والسياسة، والفلسفة، في أكسفورد على أن يدرس الزراعة بعد ذلك في كاليفورنيا.
وفق في نيل شهادة جامعية بدرجة الشرف في الاقتصاد والسياسة والفلسفة، ونال تلقائياً درجة الماجستير بعد عامين من تاريخ تخرجه، حسب النظام المعمول به في جامعة أكسفورد.
الحياة العملية
- عمل موظفا بوزارة المالية في 1957م، وفي نوفمبر1958م استقال عن الوظيفة، لأن انقلاب 17 نوفمبر كان بداية لعهد يرفضه.
- عمل بعد ذلك مديراً للقسم الزراعي بدائرة المهدي، وعضواً بمجلس الإدارة، كما كان رئيساً لاتحاد منتجي القطن بالسودان.
- انخرط في صفوف المعارضة، وبعد ذلك دخل المعترك السياسي الذي جعل همه لخدمة قضية الديمقراطية والتنمية والتأصيل الإسلامي في السودان.
المناصب القيادية التي تقلدها
- رئيس الجبهة القومية المتحدة في الفترة من 1961- 1964م.
- انتخب رئيسا لحزب الأمة نوفمبر 1964م.
- انتخب رئيساً لوزراء السودان في الفترة من 25 يوليو 1966- مايو 1967م.
- رئيس الجبهة الوطنية في الفترة من 1972- 1977م.
- انتخب رئيساً لحزب الأمة القومي مارس 1986م.
- انتخب رئيساً لوزراء السودان في الفترة من 1986- 1989م.
- رئيس مجلس إدارة شركة الصديقية.
- رئيس حزب الأمة القومي المنتخب في أبريل 2003م.
- إمام الأنصار المنتخب في ديسمبر 2002م.
كتابات الصادق المهدي
- مسألة جنوب السودان.
- جهاد من أجل الاستقلال.
- يسألونك عن المهدية.
- العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الإسلامي.
- تحديات التسعينات.
- الديمقراطية عائدة وراجحة.
الجمعيات والروابط
- عضو في المجلس العربي للمياه.
- عضو في نادي مدريد.
- عضو في المؤتمر القومي الإسلامي بيروت.
- عضو سابق في المجلس الإسلامي الأوروبي، لندن.
- عضو سابق في مجلس إدارة دار المال الإسلامي، جنيف.
- عضو سابق في جماعة الفكر والثقافة الإسلامية، الخرطوم.
- عضو مجلس أمناء المؤسسة العربية للديمقراطية.
- عضو مؤسس ورئيس المنتدى العالمي للوسطية في ديسمبر 2007م.
العمل والنضال السياسي
كان أول بروز للصادق المهدي في ساحات العمل السياسي السوداني في معارضة نظام عبود، وفي أكتوبر 1961م توفي والده الإمام الصديق الذي كان رئيساً للجبهة القومية المتحدة لمعارضة نظام عبود القهري. وقد شارك بفعالية في معارضة نظام عبود، واتصل بنشاط الطلبة المعارض، كما كان من أوائل المنادين بضرورة الحل السياسي لمسألة الجنوب، حيث أصدر كتابه “مسألة جنوب السودان” في إبريل 1964م، ونادى فيه بالأفكار التي كانت أساس الإجماع الوطني لاحقا من أن مشكلة الجنوب لا يمكن أن تحل عسكريا.
وحينما قامت أحداث 21 أكتوبر 1964م اتجه منذ البداية لاعتبارها نقطة انطلاق لتغيير الأوضاع وسار في الموضوع على النحو الذي أوضحه في البيان الذي نشره بعنوان (رسالة إلى المواطن السوداني) وقد نجحت مساعيه في توحيد جميع الاتجاهات السياسية في السودان وفي جمعها خلف قيادة الأنصار في بيت المهدي وفي جعل بيت المهدي (أي القبة والمسجد الرابع الشهير بمسجد الخليفة) مركز قيادة التحول الجديد. حدث هذا رغم وجود اتجاهات وسط بعض كبار بيت المهدي وكيان الأنصار كانت ترى التريث والابتعاد عن الثورة ولكن اتجاه المشاركة كان غالباً فجرّ الجميع في اتجاهه حتى انتصر وتم القضاء على الحكم العسكري وقامت الحكومة الانتقالية القومية وقد قاد موكب التشييع وأم المصلين في جنازة الشهيد القرشي، وكان ذلك هو الموكب الذي فجر الشرارة التي أطاحت بالنظام. كما كتب مسودة ميثاق أكتوبر 1964م الذي أجمعت عليه القوى السياسية.
الديمقراطية الثانية (1964-1969م)
انتخب رئيسا لحزب الأمة في نوفمبر 1964م، وقاد حملة لتطوير العمل السياسي والشعار الإسلامي وإصلاح الحزب في اتجاه الشورى والديمقراطية وتوسيع القاعدة، استغلها البعض لإذكاء الخلاف بينه وبين الإمام الهادي المهدي مما أدى لانشقاق في حزب الأمة وصار رئيسا للوزراء عن حزب الأمة في حكومة ائتلافية مع الحزب الوطني الاتحادي في 25 يوليو 1966م- خلفا للسيد محمد أحمد محجوب الذي كان رئيسا للوزراء عن حزب الأمة والذي قاد جزءا من عضوية حزب الأمة بالبرلمان للمعارضة. قامت الحكومة الجديدة بإجراءات فاعلة في محاصرة الفساد وتحقيق العديد من الإنجازات وأهمها: السعي بجدية لكتابة الدستور الدائم وفي حل قضية الجنوب وعقد مؤتمر جميع الأحزاب لذلك الغرض، وكذلك إجراء الانتخابات التكميلية في الجنوب في مارس 1967م، الإنجازات الاقتصادية المتمثلة في ضبط الميزانية وإنهاء التدهور المالي، ولكن كثرة المنجزات في فترة قصيرة أثارت ضدها غيرة سياسية من المنافين فتكون ضدها ائتلاف ثلاثي بين الجناح المنشق من حزب الأمة والحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي فأسقطها في مايو 1967م.
خاض حزب الأمة انتخابات 1968م منشقا ثم التأم مرة أخرى في 1969م، ولكنه لم يستفد من قوته الجديدة بسبب انقلاب 25 مايو 1969م الذي قوض الشرعية الدستورية.
الديكتاتورية الثانية (1969-1985م)
• حينما وقع الانقلاب توجه الصادق المهدي للجزيرة أبا حيث كان هنالك إمام الأنصار عمه الهادي المهدي. أرسل قادة الانقلاب بطلبه للتفاوض وأعطوا الإمام الهادي عهدا بألا يمس بسوء، ثم غدروا بالعهد حيث لم يجر تفاوض بل اعتقل ثم تعرض لمحاولة اغتيال. أبعد السيد الصادق عن الكيان واعتقل في 5 يونيو 1969 في مدينة جبيت بشرق السودان ثم حول لسجن بور تسودان ثم اعتقل بمدينة شندي، ثم نفي إلى مصر ووضع تحت الإقامة الجبرية، ثم أرجع لسجن بور تسودان معتقلا حتى مايو 1973م. وفي أثناء ذلك قام النظام الجديد الذي حمل رايات اليسار الشيوعي، بالتنكيل بالأنصار مما أدى لمجزرة الجزيرة أبا وحوادث ودنوباوي قصفت الجزيرة أبا بالطائرات عصر الجمعة 27 مارس 1970، واستمر القصف حتى الثلاثاء..وحواداث ودنوباوي يوم الأحد 29 مارس 1970، ثم حوادث الكرمك التي استشهد فيها إمام الأنصار ورفيقيه.
• أطلق سراحه لعدة أشهر ثم اعتقل بعد انتفاضة شعبان 1393هـ/ سبتمبر 1973م والتي تجاوب معها الشارع وهزت النظام ولكنها لم تلق أي تجاوب عسكري كما استعجل في خطواتها بعض السياسيين، عاد الصادق بعدها نزيلا بسجن بور تسودان (من ديسمبر 1973- حتى مايو 1974م) وكتب خلال هذه الفترة: “يسألونك عن المهدية”، وفي السجن تعرض لوعكة صحية وأوصى الطبيب الدكتور أحمد عبد العزيز بسفره للخارج للعلاج، وقد كان.
• في 1974 سافر إلى خارج البلاد حيث بدأ جولة في العواصم العربية والغربية والأفريقية كتب خلالها “أحاديث الغربة” وألقى العديد من المحاضرات في جامعات درهام ومانشستر وأكسفورد ببريطانيا وجامعة كادونا بنيجريا، داعيا للحل الإسلامي ومبشرا بالصحوة الإسلامية وعطائها في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية.
• تكونت الجبهة الوطنية الديمقراطية المعارضة لمايو بقيادته في المهجر (شملت حزب الأمة، والحزب الاتحادي والأخوان المسلمين). قامت الجبهة بمحاولة تحرير السودان من الاستعمار الداخلي عبر الانتفاضة المسلحة في يوليو 1976م التي فشلت في إسقاط نظام مايو، ولكنها أقنعت النظام بجدوى وقوة المعارضة وأدى ذلك متضافرا مع عوامل أخرى للمصالحة الوطنية -الاتفاق السياسي بين مايو والجبهة الوطنية في 1977، الذي تعين وفقا له على النظام إجراء إصلاحات ديمقراطية أساسية.
• عاد السيد الصادق المهدي للسودان في 1977م ولكن ما لبث أن تبيّن له الخداع المايوي في ضمان الديمقراطية والإصلاح السياسي، فاعتبر أن المصالحة قد فشلت ولكنه آثر البقاء في السودان لمعارضة النظام المايوي من الداخل.
• في 8 سبتمبر 1983م أعلن النظام المايوي ما أسماه الثورة التشريعية، التي اعتبرها السيد الصادق المهدي أكبر تشويه للشرع الإسلامي، وعقبة في سبيل البعث الإسلامي في العصر الحديث، وجاهر بمعارضتها في خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1403هـ الموافق 18 سبتمبر 1983م، فاعتقله النظام المايوي (في 25 سبتمبر 1983م) وحاول الكيد له ومحاكمته بحجة معارضة الشريعة وقد كانت الشريعة من تلك القوانين براء (لاحقا وحينما صار رئيسا للوزراء حرص الإمام الصادق المهدي على تقييم تجربة نميري بآراء فقهية مختلفة واستقدم لجنة من العلماء من مختلف بلدان العالم الإسلامي ومذاهبه أفتت بأن تلك القوانين معيبة في جوهرها وفي تطبيقها). في تلك الفترة من الاعتقال كتب: “العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الاجتماعي الإسلامي”، أطلق سراحه في ديسمبر 1984م. فخرج يقود المعارضة للنظام من الداخل ويتناغم مع الغضبة الشعبية التي أثمرت ثورة رجب/إبريل 1985م.
الديمقراطية الثالثة (1985- 1989م)
قامت سنة انتقالية جرت بعدها انتخابات عامة ( إبريل 1986م) حصل حزب الأمة فيها على الأكثرية، وانتخب السيد الصادق رئيسا للوزراء. تعاقبت عدة حكومات أو ائتلافات -تفاصيلها مسجلة في كتابه: الديمقراطية في السودان راجحة وعائدة- حتى قام انقلاب 30 يونيو 1989م. وكان من أهم ما قام به في تلك الفترة السعي للتجميع الوطني لحل القضايا الأساسية قوميا، والسعي للتأصيل الإسلامي عبر الإجماع الشعبي وبالوسائل الدستورية.
الديكتاتورية الثالثة (1989- 2018م)
• اعتقل الصادق المهدي في 7/7/1989م وقد كان بصدد تقديم مذكرة لقادة الانقلاب وجدت معه. حبس في سجن كوبر حتى ديسمبر 1990. في 1 أكتوبر 1989م تعرض للتصفية الصورية والتهديد فكتب شهادته عن فترة حكمه: كتابه عن “الديمقراطية في السودان عائدة وراجحة”. وفي أكتوبر 1989م وقع مع قادة القوى السياسية الموجودين داخل السجن “الميثاق الوطني”.
• في ديسمبر 1990 حوّل للاعتقال التحفظي في منزل زوج عمته بالرياض (بروفسور الشيخ محجوب جعفر)، حيث سمح لأفراد أسرته بمرافقته. كتب خلال هذه الفترة : “تحديات التسعينيات” متعرضا فيه للوضع العالمي وتحديات العالم العربي والإسلامي وإفريقيا، و”ضحكنا في ظروف حزينة”.
• أطلق سراحه في 30 إبريل 1992 وكان تحت المراقبة اللصيقة من الأمن السوداني ومحدودية الحركة حيث لا يسمح له بمغادرة العاصمة. رفع راية الجهاد المدني ونصح الحكام من على المنابر، وأظهر تلاعبهم بالدين وبالشعار الإسلامي لصالح الكسب الدنيوي وتشويههم له، مما عرضه للتحقيقات المطولة والاعتقالات المتوالية في: 1993، يونيو 1994، واعتقال “المائة يوم ويوم” من مايو إلى سبتمبر 1995 الذي تعرض فيه للتنكيل وارتياد أماكن التعذيب التي أطلق عليها السودانيون “بيوت الأشباح”. تعرض بعد ذلك لتهديدات السلطة واستئناف المتابعة الأمنية اللصيقة، أقنعه ذلك -علاوة على ما رآه من استخدام النظام له كرهينة- بضرورة الخروج فهاجر سرا في فجر الاثنين التاسع والعشرين من رجب 1417هـ الموافق 9 ديسمبر 1996 قاصدا إرتريا – سميت عملية الهجرة: تهتدون.
• التحق السيد الصادق بالمعارضة السودانية بالخارج، وبدأ أكبر حملة دبلوماسية وسياسية شهدتها تلك المعارضة منذ تكوينها.
• في أول مايو 1999م استجاب لوساطة السيد كامل الطيب إدريس للتفاوض مع النظام فتم لقاء جنيف بينه وبين الدكتور حسن الترابي.
• في 26 نوفمبر 1999م تم لقاء جيبوتي بينه وبين الرئيس البشير وعقد حزب الأمة اتفاق نداء الوطن مع النظام في الخرطوم، وذلك تحت رعاية الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر قيلي.
• في 23 نوفمبر 2000 عاد للبلاد في عملية أطلق عليها اسم “تفلحون”، وذلك للقيام بالتعبئة الشعبية والتنظيم الحزبي والتفاوض مع النظام والاستمرار في الاتصالات الدبلوماسية.
• عمل مع هيئة شئون الأنصار على نقل كيان الأنصار الديني نحو المؤسسية، فكان أن اكتمل بناء الهيئة المؤسسي بعقد المؤتمر الأول لهيئة شئون الأنصار في الفترة ما بين 19-21 ديسمبر 2002م وكان أول كيان ديني سوداني يقوم على الشورى والمؤسسية، وقد تم انتخابه إماما للأنصار في ذلك المؤتمر كما تم انتخاب الأمين العام لهيئة شئون الأنصار، ومجلس الشورى، ومجلس الحل والعقد.
• وفي الفترة ما بين 15-17 أبريل 2003م انعقد المؤتمر العام السادس لحزب الأمة حيث تمت إعادة انتخابه رئيسا للحزب.
• قاد حملة لتعديل اتفاقيات السلام السودانية الثنائية في نيفاشا بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان، والتي تم توقيعها في نيفاشا 9 يناير 2005م، واتفاقية أبوجا بين الحكومة وإحدى الفصائل المتمردة في دارفور والتي تم توقيعها في مايو 2006، واتفاقية أسمرا التي وقعتها الحكومة مع بعض ثوار الشرق في أكتوبر 2006م. وذلك بتحويلها إلى اتفاقيات قومية يجمع عليها السودانيون، وإصلاح الخاطئ فيها، وتوضيح ما غمض فيها من نقاط، وتوسيعها بإضافة القضايا الهامة التي أهملتها وذلك بإشراك جميع الفاعلين في المجتمع السوداني في منبر قومي جامع. وقال ما لم يحدث ذلك فإن اتفاقية نيفاشا لن تحقق السلام ولا الوحدة ولا التحول الديمقراطي، وبالفعل تحققت نبوءته فانفصل الجنوب في يناير 2011م، وانفجرت الحرب في جبال النوبة والنيل الأزرق بسبب الخلاف حول المنطقتين، وتحولت البلاد إلى شمولية أشد شراسة.
• في 25-26 ديسمبر 2005م نظمت اللجنة القومية للاحتفال بالعيد السبعيني للإمام الصادق المهدي مهرجانا احتفاليا وندوة لتقييم عطائه، وقد كانت علاوة على ردود الأفعال في الصحف وأجهزة الإعلام الأخرى مناسبة لإلقاء الضوء على عطائه وتكريمه من قبل أحبابه وأصدقائه والمهتمين عامة على مستوى قومي بل وتخطى الحدود.
• في العام 2006م اختاره معهد الدراسات الموضوعية بنيودلهي/ الهند واحدا من مائة قائد مسلم عظيم في القرن العشرين ضمن قائمة القادة والحكام.
• وفي 20 مايو 2008م وقع حزبه اتفاق التراضي الوطني مع الحزب الحاكم المؤتمر الوطني وكانت الاتفاقية تقتضي تحويلها قوميا عبر مؤتمر قومي جامع يبحث كافة قضايا البلاد وينهي خطة السلام بالتجزئة والعمل الثنائي عبر الإجماع القومي، ولكن صقور المؤتمر الوطني أفرغوا الاتفاقية من محتواها فعليا.
- وافق رئيس النظام الحاكم في لقاء ببيت الإمام الصادق المهدي بالملازمين في 27 أغسطس 2013 على أن الحكم والدستور والسلام قضايا قومية لا ينبغي أن يسيطر عليها أحد ولا يقصى منها أحد، ثم بدا بعد انتفاضة سبتمبر 2013م التي قمعها النظام بالحديد والنار مطلقاً الرصاص الحي على المتظاهرين ما أسفر عن أكثر من مائتي شهيد، بدا أنه سوف يسير في الخط الذي طالب به الإمام فأعلن حوار الوثبة في يناير 2014م، واشترك فيه الإمام بحماسة ولكن النظام ضاق برؤاه حول ضرورة ان تكون رئاسة الحوار محايدة بينما يصر على رئيسه، فتحجج بحديث أدلى به في اجتماع لحزب الأمة حول الفظائع التي ترتكبها قوات الدعم السريع في مناطق النزاع في دارفور وجبال النوبة، وقام باعتقاله في 16 مايو 2014م ووجه له تهماً تصل عقوبتها للإعدام، وأعلن نواب برلمانه أنه ينبغي أن توجه له تهمة الخيانة العظمى ثم شن حملة إعلامية ضارية تمهد للاغتيال القضائي، ولكنه استجاب لضغوط كثيرة داخلية وخارجية فأطلق سراحه في يوم الأحد 15 يونيو 2014م.
- في 8 أغسطس 2014م وقع باسم حزب الأمة مع الجبهة الثورية السودانية إعلان باريس الذي كان اختراقاً في الساحة السياسية السودانية بإجماع الفصائل المقاتلة على أسس الحل السوداني التي تنطوي على وسيلتين هما الحوار باستحقاقاته أو الانتفاضة السلمية باستبعاد الحل العسكري، وعلى استبعاد تقرير المصير لمناطق النزاع والإجماع على وحدة السودان تحت أسس جديدة عادلة. ولكن النظام بدلاً من الترحيب بهذا الاختراق الوطني الضخم خونه ولفق حديثاً عن صفقات سرية، وفي النهاية صار الإمام من جديد مطلوباً للنظام البوليسي، وتم اختطاف نائبة رئيس حزب الأمة د. مريم الصادق المهدي حال عودتها من اجتماعات باريس في المطار في 10 أغسطس 2014م وظلت في الحبس الانفرادي لمدة شهر.
- واصل الإمام الصادق المهدي مناشطه في الخارج والتي تكونت من أجندة وطنية لبناء الإجماع القومي حول أجندة الوطن، وإقليمية عبر منتدى الوسطية العالمي، ودولية عبر نادي مدريد..
- وفي الرابع من سبتمبر 2014م تم الاتفاق على نقاط ثمانية إطارية للحوار تلبي مطلوبات الحوار المطلوب، حيثُ وقع الوسيطُ الأفريقي السيد ثامبو امبيكي على تلك النقاط مع قوى إعلان باريس من جهة، ومع لجنة السبعة زائد سبعة التي تمثل مفاوضي النظام من جهةٍ أخرى.. شكلت تلك النقاط أساس قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي رقم 456 في الثاني عشر من نفس الشهر.
- الاختراقُ الثاني في الأجندة الوطنية كان في أديس أبابا في 3 ديسمبر من نفس العام حيثُ وقعت الجبهة الثورية وحزبُ الأمة وقوى الإجماعُ الوطني ومبادرةُ المجتمعِ المدني على نداءِ السودان.. ومن جديد تم الاتفاقُ على خياري الحل السلمي والانتفاضة للقضية الوطنية، والبناءِ على قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي رقم 456. وبالتالي نجح الإمامُ أن يقود باتجاهِ تبنٍ قومي للحل السلمي كأولوية. أما النظام، فقد واصل في اتهام هذه المجهودات الحثيثة، وتم اعتقال كل من الدكتور أمين مكي مدني رئيس مبادرة المجتمع المدني والأستاذ فاروق أبو عيسى رئيس هيئة قيادة قوى الإجماع الوطني بعد عودتهما من أديس أبابا.
- مباشرة بعد توقيع نداء السودان، في الخامس من ديسمبر، وبتكليف من زملائه كتب الحبيب الإمام الصادق المهدي خطابا للوسيط السيد ثابو امبيكي قدم فيه مقترحا لخريطة طريق للحوار السوداني المفضي للحل، وفي العشرين من نفس الشهر كتب خطاباً لمجلس الأمن الدولي يحثه على تبني حل الأزمة السودانية وفق حوار باستحقاقاته مساندة لقرار مجلس السلم والأمن الأفريقي. أما النظام، فقد كان يسير عكس تيار الحوار والحريات، وفي الرابع من يناير 2015م أجرى تعديلات دستورية تسحب كل الملامح الديمقراطية في الدستور الانتقالي لسنة 2015م وتدشن جهاز الأمن وقوات الدعم السريع كناب رسمي للحكومة. كما صعد من الحرب والفتنة الإثنية بين القبائل. في التاسع عشر من يناير وجه الحبيبُ الإمام في التاسع عشر من يناير منشوراً يناشد الجميع (أرضاً سلاح) فيما بينهم والعمل على المصالحات الإثنية والقبلية.
- في أبريل من عام 2015م اتجه الحبيبُ الإمام إلى الدوحة لتسجيل حلقاتِ شاهدٍ على العصر بقناة الجزيرة، وهي الحلقات التي تم بثها في شهري أكتوبر ونوفمبر من نفس العام.
- في هذه الفترة تعددت رحلات الحبيب الإمام إلى برلين وباريس وأديس أبابا للتشاور حول القضية السودانية معه وغيره من قادة المعارضة، لكسر الجمود في العملية السلمية بعد تنصل الحكومة، وأسفر الأمر عن توقيع النظام على خارطة طريق اقترحها الوسيط أمبيكي في 21 مارس 2016م، ثم بمجهودات الإمام وسعيه لاستصحاب ملاحظات المعارضة وقعت فصائلها على الخارطة بأديس أبابا في 2016/8/8م، وبرغم ذلك لم ينفذ النظام ما في الخارطة حتى الآن.
- داخل منتدى الوسطية، قاد الحبيب الإمام حركة حثيثة لإنهاء الاستقطاب بين المسلمين وإطفاء النزاعات المشتعلة داخل بلدانهم وفيما بينها، فتم تبني نداء استنهاض الأمة الذي قدمه للمنتدى، أما بالنسبة لنادي مدريد فقد نشّط النادي برنامج (وقف التطرف العنيف) وعبره قدم التشخيص الموضوعي للإرهاب وجذوره لتبني السياسات المعالجة.
- بعدها أعلن الإمام أن مهامه بالخارج قد انتهت فقررت أجهزة حزب الأمة عودته للبلاد التي كانت متزامنة مع تاريخ مجيد هو تاريخ تحرير الخرطوم على يدي قوات المهدية في 26 يناير 1885م، فعاد في 26 يناير 2017م، وكان مهرجان عودته استفتاء شعبياً ضخماً يرد على المكابرين في النظام بشعبيته وقبول الجماهير لدعوته للحل السياسي باستحقاقاته أو الانتفاضة الشعبية.
- وما زال يواصل اتصالاته ومجهوداته الدؤوبة لتحقيق شمول السلام وتأكيد التحول الديمقراطي في السودان والتي يطرح عبرها مشروع التأصيل الإسلامي المستنير. وهو يواصل العمل للتعبئة الشعبية والحوار مع النظام والقوى السياسية الأخرى، والبناء الحزبي، والاتصالات الدبلوماسية لخدمة القضية السودانية والقضية الإسلامية عبر الكتابات والاجتماعات واللقاءات الداخلية والرحلات الخارجية.
- وفي مارس 2018م غادر إلى العاصمة الفرنسية باريس لحضور اجتماع قوى نداء السودان الذي تم فيه اختياره رئيساً للمجلس، وبقية اعضاء المجلس من قادة المكونات الاخرى نوابا له، كما تم في ذات الاجتماع اعتماد إعلان دستوري يوجه ويحكم عمل نداء السودان بوصفه تحالف مدنى سلمى يرتكز على استخدام وسائل المقاومة السلمية الجماهيرية لتحقيق التغيير المنشود، ومن ثم اعتماد هيكل يتكون من المجلس الرئاسي الذي يضم رؤساء المكونات المختلفة، للنداء والذي تحددت بأن تكون مهمته الإشراف والتخطيط وإدارة عمل النداء وتمثيله في المحافل المختلفة.
نشاطه الفكري:
يحرص على متابعة مستجدات الساحة الفكرية عبر قراءة الكتب والصحف والمجلات، والمشاركة في المنتديات والمناشط الفكرية الجماعية، وتتبع النشرات الإخبارية الإذاعية ومؤخرا الفضائيات.
ثورة 18 ديسمبر
حين اندلاع الثورة في ديسمبر من العام 2018 كان حزب المهدي من أوائل الموقعين على إعلان الحرية والتغيير ضمن الائتلاف الذي قاد الثورة التي أسقطت نظام الرئيس البشير في إبريل من العام 2019.
كما ظل الإمام الصادق المهدي يطرح رؤاه حول ضرورة تصحيح مسار الحاضنة السياسية.
قال المهدي، في منتدى لصحيفة “الانتباهة” السودانية، ، إن “التغيير الذي حدث في السودان كان غير دموي لذلك ترك كثيرا من عناصر قوة الردة الإسلاموية يتحركون ولهم مصالح وهم ينشطون الآن ويستغلون إخفاقات الحكومة للعودة إلى السلطة”.
ودعا إلى ضرورة تسليم رموز النظام البائد المطلوبين إلى المحكمة الجنائية؛ ورأى ذلك “إحدى وسائل التطبيع مع الأسرة الدولية، وهو أسهل وأفضل”.
وحول الأوضاع السياسية حالياً في البلاد قال المهدي: “الوثيقة الدستورية غير كافية واقترحنا استبدالها بدستور انتقالي”.
وأكد أنه ما لم يعالج موضوع الإصلاح الأساسي للفترة الانتقالية ستفشل، ورأى أن التعديلات الوزارية ليست كافية لمعالجة مشكلة الأداء التنفيذي.