شعبك يا بلادي أقوى وأعظم مما كان العدو يتصوّر…فنحن في وطن قد نختلف في رؤانا حول قضاياه ومشاكله، ولكن هدفنا الأصيل والنبيل الوصول إلى نقطة التقاء ثاقبة وجامعة لمصالحنا جميعاً، ونتصافى حينها ونتعانق عناق محبة ووفاء.
والشاهد على كل ذلك تحوّل كل ساحات الوطن إلى سرادق عزاء وحزن أليم وفراق جحيم حين رحل الحبيب السيد الصادق المهدي الذي ودعه كل الشعب صغاره وكباره، وبكل فئاته بقلوب ملؤها الحزن والعفو والتصافي ونعتوه استحقاقا وشفافية بحكيم الأمة تتويجاً لمواقفه التوافقية ورؤاه الحكيمة في حالات الاختلاف حول قضايا الوطن، حيث كان يرجح كفة مصلحة الوطن والمواطن في احرج مواقف الاختلاف مع المنافسين له، حتى أنه استجاب لوعود حكومة الانقاذ التي اخلفوا فيها، وتراجعوا عنها حين جنحوا ونادوا بالسلام والاتفاق على السير في جمع الصف نحو حكم وطن فيه مصلحة للجميع، رغم عدائهم له وسلبهم لسلطته التي نالها بالشرعية الدستورية والانتخابات.
لم يكن الصادق المهدي سياسياً فقط، بل كان مجموعة كفاءات وقدرات وتفاعلات إنسانية في شتى مناحي الحياة مجتمعيا وإسلامياً ووطنيا وعلى نطاق العالم أجمع بوصفه مشاركاً فاعلاً في قضايا وطنه حكماً ومواطنةً وفي قضايا الإسلام منافحاً ومدافعاً عنها في مؤلفاته المتعددة وجميع مشاركاته في المؤتمرات والندوات المحلية والدولية والعربية ومناديا ومساندا لمبادئ الوسطية والديمقرطية الحقة…
رحل الحبيب الصادق المهدي، وترك رصيداً كبيراً من المكانة الشامخة والسمعة العربية والعالمية الشهيرة بشخصيته السياسية والثقافية والفكرية الفذة ومنح وطنه وشعبه مزيدا ًمن الفخر والسمعة الطيبة بأعمال وتفاعل أحد ابناء الوطن النابغين والمؤثرين في مجرى احداث العالم ومستقبله.
وقد اشتهر بشخصيته المتجددة والواعية حيث كان كبيرا حكيما مع الكبار وشاباً خفيف الظل حلو المنطق جاذب الكلمة مع الشباب يحوارهم ويشجعهم ويستمع اليهم ويحترم آراءهم ويبشرهم بمستقبل في وطن ديمقراطي يسع الجميع وفيه الخير للجميع.
رحمه الله رحمة واسعة وادخله عالي الجنان والعزاء في فقده لكل شعب وطني الوفي الواعي والراقي وجميل الأصل والمكانة..