أُعزِّي فِيكَ نفسي يا إمامُ
عليكَ تحيتي..ولكَ السلامُ
أُعزِّيها فلا تقوَى… فتهوِي
لمثلِكَ كم يطيبُ لها القيامُ
وحيَّاً طبتَ يا شيخَ المعالي
وميْتاً أيُّها الشهمُ الهُمامُ
رحلتَ الآنَ والسودانُ يعدو
تُصارعُه المجاهلُ والظلامُ
رحلتَ الآنَ يا رمزاً فخيماً
تحيَّرَ في نبالتِه الفِخامُ !
(جُراب الرأي) يا من ظلَّ يعلو
على حظِّ النفوسِ وكم يُضامُ
وكنتُ إذا تهدَّدَنا انشقاقٌ
وحيفٌ وانقسامٌ وانهزامُ
أقولُ لخافقٍ في الصدرِ يبكي
رويدكَ.. عنده المسكُ الختامُ!
وكم عثرثْ خُطى الوطنِ المُفدَّى
وكم أمسى يُهدِّدُه اِضّطرامُ
فقمتَ له تردُّ النَبلَ عنهُ
تُقيمُ عِمادَه فيمَنْ أقاموا
ولستُ أقولُ معصوماً فمن ذا
لهُ عن كلِّ ما يأتي عِصامُ
ولكنْ كنتَ أنبلَ من تسامَى
وأكرمَ من سيعرِفُه الخِصامُ!
وحسبُكَ أنَّ قلبَكَ ظلَّ بيتاً
لكلِّ بني البلادِ به أقاموا
وحسبُكَ أنْ ظللتَ تذودُ عنها
مكارمَ زانَها الشرفُ المُقامُ
أتمضي الآنَ يا شيخَ المعالي
وتترُكُنَا يُنَازِعُنا السَقامُ ؟
فمن سيُعيدُ للعدلِ المُسجَّى
بهاهُ وقد تعهَّدَه السُخامُ ؟
ومَنْ سيكونُ درعاً من معانٍ
نبيلاتٍ بها أهلي تساموا؟
ومن سيقولُ للدُخلاءِ كُفُّوا
فهذي الأرضُ سمراءٌ حرامُ!
وأبكي يا كريمَ الروحِ خُلْقاً
رفيعاً قد كساهُ الاحترامُ
وأبكي الفكرَ حينَ يكونُ عيناً
بحكمتِه لنُبصرَ إنْ تعاموا
وأبكي حنكةً نحتاجُ منها
مزيداً كي يُظلِّلَنا الوئامُ
أرى السودانَ في قلبِ الرزايا
تَرصُّدُه الغبائنُ والسِهامُ
فكيف عبورُنا والريحُ تعوي
ونارُ الحُنقِ باتَ لها ضِرامُ؟
وإن لم يفطنِ العقلاءُ مِنَّا
فإنّ على أواصِرِنا السلامُ !
ءالآنَ ارتحلتَ أيَا عظيماً
سما حتى لَيغبِطُه العِظامُ!؟
مصابي فيكَ أكبرُ من حروفي
وحزني لا يُوفِّيه الكلامُ !
سألتُ اللهَ أن يجزيكَ عنَّا
بما يُجزى به الآلُ الكِرامُ
وأن يعفو عن السودانِ طُرَّاً
فيُكشفَ عن بصائِرنا اللثامُ