جاء في صحيفة التيار الصادر يوم 28/11/2020م نقلا عن “الراكوبة” خبراً مفاده (أن جمهورية مصر ترحب بطلبات تلقتها من شركات سودانية لفتح الموانئ المصرية لعمليات الاستيراد وتصدير المنتجات السودانية ورجحت مصادر مصرية فتح ميناء “العين السخنة” على البحر الأحمر وميناء إسكندرية على البحر الأبيض المتوسط للواردات والصادرات السودانية مساعدة للشعب السوداني، وتعزيز علاقات التعاون بين البلدين).
وتابعت الصحيفة (كما وافقت دولة إريتريا على فتح ميناء “مصوع” للتجارة السودانية وباشرت شركات سودانية الترتيبات لنقل الواردات والصادرات بالبر عبر طريق مسفلت مسافة “500 “كيلومتر إلى ميناء عصب، على ساحل البحر الأحمر حيث تتوفر للميناء 9 رافعات حديثة في مقابل 6 بميناء بورتسودان كثيرة الأعطال).
خبر مؤسف
حقيقة لم اجد خبراً اكثر أسفا وحزناً من هذا الخبر لما آل إليه حال ميناء السودان الأول والقديم وخبراً مؤسفاً لكل السودانيين ولدولة نالت استقلالها منذ عام 1956م ودولة يتوزع خبراءها وكوادرها في بلاد العالم أن تلجأ إلى ميناء دولة صديقة (ارتريا) نالت استقلالها 1991م بعد مجيء ثورة الانقاذ؟؟ واصبحنا كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول؟
لم تعد مشكلة الميناء كلام جرايد أخبار كيدية بل أصبحت مشكلة الميناء حقيقة واقعة يعاني منها منها الموردين والمصدرين والأفراد وعلى الناس ويرون أثرها في حياتهم حتى أصبحت مفردة الشحن والتفريغ والميناء الشماعة التي تعلق عليها كل الأزمات وشح الدواء والغاز والقمح والدقيق والمواد البترولية بدلاً أن يكون الميناء رافدًا لتغذية الخزينة العامة بملايين العملات الصعبة لدرجة تحول التجار منه إلى موانئ الدول الأخرى؟
لماذا لا يؤجر الميناء:
إن ما تصرفه الدولة على تطوير الميناء سيعود حتماً دعماً للاقتصاد والخزينة العامة في غداة اليوم التالي بدليل أن حكومة الإنقاذ كانت في أيامها الأخيرة وبتاريخ 3 يناير 2018 بتوقيع عقد امتياز ميناء بورتسودان مع شركة «آي سي تي إس آي» الفلبينية لمدة 20 عاماً لتشغيل وإدارة وتطوير ميناء الحاويات مقابل 530 مليون يورو، دفع منها 410 ملايين يورو، على أن يدفع الباقي بالأقساط، إلى جانب دفع مليون يورو أجرة شهرية تزيد مستقبلاً إلى 1.5 مليون يورو؟ لا يهمنا أين ذهبت هذه الملايين إلا أنه وفي أبريل 2019م علق المجلس العسكري (قبل تكوين الحكومة المشتركة) العمل بهذه الاتفاقية، بعد ضغط من العمال في الميناء الذين دخلوا في إضراب وأبدوا رفضهم أي خطوة لتخصيص الميناء.
اين لجنة حميدتي – حمدوك للطوارئ الاقتصادية؟
وفي أبريل 2020م تشكلت لجنة الطوارئ الاقتصادية العليا وفوراً اعلنت عن “خطة اسعافية لتطوير ميناء بورتسودان” بهدف تحديث عمليات المناولة وتضمنت الخطة تمويل صيانة الآليات والمعدات المعطلة وشراء معدات جديدة وبناء وتشييد كل الأرصفة لمرابط الميناء). وتضم اللجنة التي تم تشكيلها تحديدًا في 17/4/2020م في عضويتها كل من وزير المالية، وزير البترول والمعادن والكهرباء، وزير التجارة والصناعة، وزير العدل، مدير الجمارك، مدير الشرطة، مدير الضرائب، نائب مدير محافظ بنك السودان، نائب مدير ديوان المراجع العام، لواء أمن مدير الأمن الاقتصادي، ممثل الدعم السريع، ممثل القوات المسلحة، ممثلي الحرية والتغيير.
أين كل هؤلاء؟
اين كل هؤلاء؟ من الخطة الاسعافية لتطوير الميناء؟ ألم تستطع هذه اللجنة حتى الآن من شراء رافعة واحدة ولماذا تتفاقم المشكلة فالحديث عن تكدس البضائع بالميناء لم يعد حديث اسافير فقط بل هو حقيقة واقعة يعاني منه الناس وتأخر وصول البضائع للخرطوم؟ اليس من الافضل تأجير الميناء الى شركات اجنبية إذا عجزنا عن إدارة الميناء ؟ اين الخلل اين المشكلة أين الناطق الرسمي باسم لجنة الطوارئ الاقتصادية لماذا لا يخرج الينا وزير النقل المكلف بحديث شاف عن مشكلة الميناء ؟؟؟
بصراحة إن خبراً كهذا كفيلاً بأن يتقدم الوزير المسؤول واللجنة المسؤولة باستقالته فوراً لأن الميناء هو المدخل الوحيد للأمن والسلم الاجتماعي ولا يقل اهمية عن موضوع السلام لتوفير الأمن الاقتصادي السلعي لدولة باتت تعتمد على الاستيراد بشكل رئيس في غالب احتياجاتها من الخارج.