لا شك اننا نرتكب أخطاء تصل حد الجريمة بتقاعسنا و تجاهلنا عن التوثيق و تدوين السرد و التاريخ الشفاهي للآباء و الأمهات و كبار. السن في الحي و القرية و المدينة. حيث اننا نضيع فرصة نادرة لنا و للأجيال القادمة في معرفة كم هائل من المعلومات التاريخية و الاجتماعية و الفنية خلافا عن عدم معرفتنا لعلاقاتنا و صلات الرحم التي تجمعنا بالآخرين عبر قبر شجرة أنساب العائلات مع موت الكبار.. التاريخ الشفوي هو تسجيل و تدوين و تاريخ لمجمل المعارف و المعلومات و الأحداث خلال عصر معين أو سنين سابقة يمتلكها أشخاص بعينهم عاشوا تلك الفترة أو تواردت لهم عن طريق السرد و الحكايات.. و نقل هذه الذاكرة علي لسان الكبار و المعمرين حول العادات و التقاليد و المعارف الشعبية من اغان و شعر و قصص و ملاحم و صلات الرحم و الأنساب.. هنا يتوجب علينا أن لا نهدر وقتنا دون تسجيل و تدوين هذه المعارف و المعلومات عن طريق مجالسة كبار السن من جدودنا و جداتنا و الآباء و الأمهات حتي لا تضيع هذه الثروة المعرفية و لا يجد القادمون ما يعينهم من الماضي.. التاريخ الشفوي أو التاريخ الحي يندرج في الإطار العام لتاريخ مرحلة يشمل كل ما يتعلق بالتقاليد و العادات و اللغات و البني الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الموروث المنتقل شفهيا من جيل الي جيل كذلك العناصر الدالة علي البعد التاريخي و الثقافي و العمراني و الفكري للحقبة المراد توثيقها شفويا.. و يكون التاريخ الشفوي عن طريق تجميع و تحليل و توثيق معلومات يذكرها أناس شهدوا أحداثها و وقائعها بأنفسهم في الماضي أو تواترت إليهم من آخرين عايشوا تلك الأحداث. علي يتم ذلك بالتسجيل ثم تدوين حديث الأشخاص الذين يروون الوقائع اعتمادا علي ذكرياتهم و ذاكرتهم و ما لديهم من وثائق ثم يبدأ التحليل و البحث وصولا الي بناء ملامح و تفاصيل التاريخ.. تنبع أهمية التوثيق الشفوي و تدوين التراث الشفاهي كمصدر تاريخي و حفاظ علي الهوية. فالواجب يحتم علينا أن نسرع الخطي نحو هذه المهمة قبل أن يفقد كبارنا ذاكرتهم و تصيبهم أمراض الشيخوخة و الزهايمر و يتملكهم الموت.. بأن نستقي منهم التاريخ و التفاصيل الكاملة عن الماضي و جمع المعلومات و تسجيلها و تدوينها و حفظها.. حيث أن وسائل و أدوات التسجيل أصبحت في متناول أيدينا أن كانت سمعية أو بصرية.. فلا تتركوا تاريخنا يقبر مع الراحلين من الكبار.. و من لم يكن له تاريخ فلا مستقبل له.. و التحايا النواضر.. أكمنتود