تبقت أيام قلائل على تاريخ الذكرى الثانية للثورة في ١٩ ديسمبر القادم، وتبارت مجموعتان مختلفتان لاستباق الذكرى بالعمل على حشد الجماهير أحدهما تدعو للاحتفال بذكرى الثورة ودعم حكومتها وتضم احزاب قحت والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا ومجلس الوزراء ومجلس السيادة، والأخرى تدعو لإسقاط الحكومة وتضم الحزب الشيوعي ولافتاته وحزب المؤتمر الوطني ولافتاته، وبين المجموعتين يوجد صف طويل من جماهير الشعب السوداني الذين تتبارى المجموعتان في استقطابه إليهما.
الحكومة الانتقالية استقبلت ذكرى ثورة ديسمبر بتحركات ماكوكية من أجل تعيين المجلس التشريعي، وهي حركة ماكرة وذكية من الحاضنة السياسية التي اختطفت من المجموعة الأخرى أقوى كروتها لاستقطاب الجماهير والثوار وهو عدم تكوين المجلس التشريعي، بيد أن السؤال الذي يدور في الأذهان هل ستفلح تحركات الحاضنة السياسية في غضون الأيام القليلة المتبقية في إنجاز هذا الملف بما يطمئن الثوار ويحول دعوات الإسقاط إلى دعوات دعم؟!
الحكومة الانتقالية كذلك استقبلت ذكرى الثورة بخلاف مجلس الشركاء، الذي مثل هزة كبيرة في جسد تحالف الحكومة المدني-العسكري، وأظهر صورة خلافية لم تكن مشاهدة من قبل بين مجلسي السيادة والوزراء، فهل يستطيع التحالف الحاكم معالجة هذا الملف في غضون الأيام المتبقية قبل ١٩ ديسمبر بما يحول هذا الملف من ملف خلاف إلى ملف توافق وشراكة؟!
تصريحات البرهان الصادمة بعجز الحكومة الانتقالية هي ايضا احد مشاهد استقبال ذكرى الثورة، فهل نسمع تصريحات جديدة محفزة ومتفائلة تدعم صف الحكومة الانتقالية ام تستمر تصريحات العجز والاحباط مما يساعد تيار الإسقاط؟، ولا ننسى أن الأزمة الاقتصادية ستظل احد اكثر الأسباب المحبطة للشارع والجماهير واحد أكثر العوامل التي سيستفيد منها تيار الإسقاط، فهل في جعبة الحكومة الانتقالية أي خطوات جادة في ما تبقى من الزمن لحين ذكرى الثورة لتقليل أثر هذه الأزمة او التبشير باختراق حقيقي فيها؟
تيار الإسقاط سيستخدم كل الكروت التي ظل يستخدمها مثل مصطلح حكومة اللجنة الأمنية إلى حكومة الهبوط الناعم، إلى تأخر محاسبة رموز النظام إلى عدم الكشف عن التحقيقات في فض الاعتصام إلى الظروف الاقتصادية إلى استفراد قحت بأمر الثورة، وسوف يسعي لاختراق جميع لجان المقاومة بعد أن اخترق تجمع المهنيين وسيطر عليه وعلى صفحته، كما سيعمل على تعميق الازمة الاقتصادية، كل ذلك من أجل تهييج الجماهير وحشد الحشود في مليونية إسقاط الحكومة يوم ذكرى الثورة، ولكن تيار الاسقاط يواجه بمعضلة صعبة، وهي أن الجميع يعلم أن تيار الإسقاط تديره قوتان، القوى الشيوعية من قوى الثورة، والقوى الكيزانية من قوى الدولة العميقة، وهما قوتان مرفوضتان من الشارع السوداني، وكلاهما قوى انقلابية سابقة على الديمقراطية الثورية، فكيف ستتخطى قوى الإسقاط هذه المعضلة؟ وكيف تستطيع تجميل وجهها أمام الجماهير؟
sondy25@gmail.com