صوت البائع الجوال يصدح في أرجاء الحي : يلي عندو سعادة .. يلي عندو فرح .. يلي عندو حزن .. يلي عندو دمعات قديمة للبيع
أسرعت لأمي وقلت لها أنّ عندي ضحكتين قديمات أريد بيعهما ..
قالت لي افعل ما يحلو لك.
اتجهت للبائع وصرخت له :
يا عم يا عم بكم الضحكة اليوم؟
قال لي :
ضحكة الطفل بليرة .. وضحكة العجوز بألف .. وعلى حسب العمر نشتري .
دهشت من فرق السعر وأخبرته :
ياعم الضحكُ ضحكٌ .. لِم الفرق في الأسعار ؟ أو أنك تغشني لأني صغير؟
قال لي يا صغيري ضحكة الكبار نادرة .. هذا سبب غلائها.
لم أفهم ما يقول .. ولكني بعته الضحكتين .. واشتريت بثمنهما بسكوتاً.
رجعت للمنزل .. سألت أمي إن كان لدى أبي ضحكات قديمة فضحكة الكبار غالية.
بحثت أمي في كل أرجاء المنزل .. لم تجد أي ضحكة لأبي (أبي لا يضحك).
ولكنها عثرت على كثير من دمعاته .. أعطتني إياها .. وقالت لي هذا مصروفك للغد.
في اليوم التالي وعند سماع صوت العم الذي يشتري الأحاسيس والمشاعر، أسرعت إليه وسألته عن ثمن دموع الكبار فتلك غالية كضحكاتهم.
فقال لي : إن دموع الكبار رخيصة وهو لا يتاجر بها.
وقال الكبار يبكون دائماً يا ولدي.
في شارع مبنى المخابرات هناك نهر من الدموع وفي المقبرة هناك نهر آخر حتى أن أرملة الشهيد يوسف تمتلك أكثر من برميلين دموع لم أشتريهما يا بُني أنا أشتري ضحكات الكبار أما دموعهم فلا أشتريها.
أنا تاجر نوادر أشتري شرفاً من الفاجرين وكذباً من الأمهات وحكماً من المجانين ووفاءً من المسؤولين.
يا بُني لا عمل لي بدموع الكبار .. كل الكبار يبكون.
وقبل أن يذهب همس في أذني قائلاً : اليوم يوم الجمعة إن وجَدتَ صدقاً في خطبة الشيخ أو الإمام أحضره .. ذاك غالٍ سأشتريه منك