• ‹أُفتُعِلت› قبل أيام معركة -في غير معترَك- بين والي ولاية جنوب كردفان الدكتور حامد البشير إبراهيم من جهة، وجماعة يسمون أنفسهم رجال المقاومة بالولاية، وقوى الحرية والتغيير، من الجهة الأخرى..هي معركةٌ في غير معترك فعلاً، ومع أنه قد إنتهت تلك ‹الهوشة› بالتوافق على حلٍّ وسط، بفضل الله، ثم بحكمة الوالي ونظرته الحصيفة، ولكن نريد أن نغتنم المناسبة لنتكلم بشكلٍ عام من وحي هذه ‹المعيركة› !!
• بدأت القصة حين قام الوالي، وبما له من صلاحيات بإعفاء مدير مالية ولايته، وكلَّف شخصاً آخر، بصورةٍ مؤقتة، ليقوم بأعبائه. هذا إجراء عادي، وروتيني، ومن صميم الوظيفة المُناطة، والمتوقع أن أيَّ والٍ يقوم به ضمن صلاحيات تكليفه دون أي مشكلة..ولكن من أطلقوا على أنفسهم رجال المقاومة بكادقلي، وهي جماعة أو جهة لا يعرفها أحد، ثارت ثائرتهم، وفارت ‹حمِيَّتُهم›، وأصدروا بياناً شديد اللهجة، شحنوه بالشجب والإدانة، وأمهلوا فيه الوالي مدةً محددة إن لم يتراجع خلالها عن قرار إعفاء (صاحبهم) فسيكون لهم معه شأنٌ آخر !! ثم قالوا، وبحسب ما علمنا، إنَّ من تم تكليفه مؤقتاً بدلاً من صاحبهم هو (كوز) !!
• صحيح أن ‹جماعة› الحرية والتغيير، وعلى مستوى المركز، همُ الآن في ضلالٍ وتوهان عظيميْن، وعملياً فهم قد تفرقوا أيديَ سبأ، وأصبح الناس، ‹والعساكر› منهم يسخرون، ولكن أبناءنا في حرية وتغيير جنوب كردفان ركبوا الموجة كذلك، وربما ‹لبُعد› المسافة بينهم وبين رصفائهم في الخرطوم، أو ربما لسوء خدمات الإنترنت المقدمة من شركة ‹زين› للولاية فهم ما يزالون ينفخون في قِربة (ق.ح.ت) القديمة المقدودة، ويتقمصون شخصياتهم، ويلبسون جلابيبهم ذات الهواء غيرِ العليل..ما علينا !!
• المهم أن الوالي وشباب الحرية والتغيير، (ومن قالوا إنهم رجال مقاومة) قد توافقوا على حلٍّ مُرضٍ للطرفين، ولكننا لابد أن نذكّرَ بهذه المناسبة بصورةٍ عامة أهلنا السوادنة، وبخاصةٍ أبناءنا بعروس الجبال الجميلة بالآتي:
• إنَّ ولايتنا، ولايةُ جنوب كردفان ولايةٌ نائية، ومتخلِّفة، وموبوءة بحرب، ونزاعات قبلية، ومناطقية، و إنفلات أمني في كثيرٍ من أرجائها، حتى قبل تكليف الدكتور حامد البشير لإدارتها، ومع هذا فلقد وُفِّق الرجل، وفي مدةٍ قصيرة، تقلُّ عن أربعة أشهر، في تحقيق ما عجِز عن تحقيقه ولاةٌ آخرون في أضعاف تلك المدة..وكل ولايةٍ بهذا الوضع، يُتوقع أن تتناقص فيها الكفاءات المؤهلة تأهيلاً عالياً، إلا ما ندر، ولو كانت تلك المؤهلات من خاصة أبناء الولاية.. من جانب آخر فلقد مارس مؤتمر الإنقاذ الوطني بالسودان كله، وبالولايات البائسة خصوصاً، أشكالاً من القهر، والإجبار، والإبتزاز على الناس بحيث لا يمكنك أن تعمل بالولاية، لتقبض راتبك بإنتظام وإستقلالية إلا إذا كنت مُستَتبَعاً للمؤتمر الوطني، ولهذا، ومنطقياً، فإنَّ كل موظفي الدولة ممن تخرج، وعمِل في دواوين الحكومة في سني الإنقاذ الكالحة، وبخاصة في جنوب كردفان وأمثالها، هم ممن تم (تتبيعُه) للمؤتمر الوطني غالباً، سواء برضائهم، أو قهراً، أو جبراً، أو إبتزازاً !! والحالُ هكذا فمن أين يُؤتَى لهذه الولايات البائسة بأشخاص (مؤهلين بحسب مواصفات ناس المقاومة) ليديروا أي شأنٍ من الشؤون، ويكونون في ذات الوقت قد نجَوا طوال ثلاثين سنة من دنَسِ المؤتمر الوطني ؟!!
• أعتقد إنَّ على أهل السودان، وعلى أبنائنا في الحرية والتغيير بكادوقلي، وعلى المسمين أنفسهم ‹رجال المقاومة› أن يفهموا أن الإنتماء لأيِّ حزب، حتى ولو كان المؤتمر الوطني نفسِه، على قُبحِه، لا يؤثرُ على الأداء (المهني الصِّرف المحكوم) للشخص، ما لم يكن قد ثبت بالبرهان القاطع خلاف ذلك:
فمثلاً إذا جاء طبيبٌ جرّاح لمستشفى كادقلي العام فما الذي يضير أهل كادقلي فيه إذا كان كوزاً، أو شيوعياً، أو لا دينياً حتى، ما لم يخالف أخلاقيات مهنته بصورةٍ بائنة، ومُثبتة، تضِر بصحة المواطنين، وخاصةً إذا كان تكليفه مؤقتاً؟!! ونفس الشئ ينطبق على كل الوظائف المهنية المتخصصة في كل الدواوين الحكومية..
• وصيتي لكم يا شباب، وفي ظرفكم الراهن، أنْ تتواضعوا في ولايتكم المبتلاة على (المهنية ولا شئ سواها)، وكونوا عمليين، وواقعيين، ولكن كونوا عيناً حارسةً وراصدة، وضميراً يقظاً في ذات الوقت، ثم توافقوا على حب ولايتكم، لا على كراهية الإنتماء الهوجاء فقط، سواء للمؤتمر الوطني، أو لغيره !!!