بعد 27 عاما، يعود السودان للمجتمع الدولي، بعد أن رفعته الولايات المتحدة، الاثنين، رسميا من قائمتها للدول الراعية للإرهاب، ما سيسهم في دعم الانتقال الديمقراطي وتعزيز فرص نجاح الفترة الانتقالية، بحسب خبراء، وسط خلافات بين المكونين المدني والعسكري اللذين يشتركان في حكم البلاد.
وقال القيادي في حزب المؤتمر السوداني، نور الدين بابكر، لـ”موقع الحرة” إن الخطوة الأميركية تساعد السودان في مسارين، الأول أنها ستفتح السودان على جملة من الإصلاحات الاقتصادية والتعاون الخارجي وبالتالي تحسين الوضع الاقتصادي المتردي.
أما المسار الثاني، بحسب بابكر، فهو “دعم المكون المدني في السودان وإحباط المحاولات وقطع الطريق أمام التفكير في أي انقلاب على السلطة أو العودة للنظام القديم عبر القوات المسلحة”.
وظهرت مؤخرا مؤشرات على وجود توتر داخلي ضمن الهيئة الانتقالية في السودان، ويخشى البعض من انقلاب يقوده الجيش.
وندد رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، الأسبوع الماضي، بالمؤسسات الانتقالية التي تشكّلت في أغسطس 2019 بعد شهور من الاحتجاجات الشعبية التي طالبت الجيش بمشاركة السلطة مع المدنيين بعد الإطاحة بالبشير.
ويرى بابكر أن “الانقلاب على السلطة أو عودة النظام القديم سيكون عبر استغلال الأزمات الداخلية وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية، وبالتالي فإن خنق النظام المدني في السودان عبر هذا الملف يمكن أن يساهم في عودة النظام القديم مرة أخرى”.
لكن الباحث بمركز أفريقيا أتلانتك كاونسل، كاميرون هدسون، قال في مقابلة مع قناة “الحرة” إن “الإدارة الأميركية لم تكن ستأخذ هذه الخطوة التي أخذتها اليوم إذا اعتقدت أن الجيش سيعود ويسيطر على البلاد من جديد”.
وأضاف “نعم، الولايات المتحدة رفعت اسم السودان من لائحة الإرهاب ولكن لديها الكثير من نقاط الضغط كي يكون الانتقال في الاتجاه الصحيح”.
وقال بابكر إن الخطوة مرتبطة أيضا بقانون أميركي صدر منذ أيام بدعم الانتقال الديمقراطي، ويؤدي انتقال كل الشركات الأمنية والعسكرية لوزارة المالية وضرورة وضع إصلاحات اقتصادية”.
وشدد هدسون على أن الولايات المتحدة ستعمل مع السودان وستتأكد من أن العملية ستستمر إلى الأمام، وأن العسكر لا يتجاوزون حدودهم، وإذا حاولوا ذلك فإن أشياء وعدت بها واشنطن مثل الإعفاء من الديون والاستثمارات ستختفي”.
ورحّب رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، بالخطوة الأميركية، قائلا في منشور على فيسبوك: “اليوم وبعد أكثر من عقدين، أعلن لشعبنا خروج اسم بلادنا الحبيبة من قائمة الدول الراعية للإرهاب وانعتاقنا من الحصار الدولي والعالمي الذي أقحمنا فيه سلوك النظام المخلوع”.
وأضاف “يُساهم هذا الإنجاز الذي عملت من أجله الحكومة الانتقالية منذ يومها الأول في إصلاح الاقتصاد وجذب الاستثمارات وتحويلات مواطنينا بالخارج عبر القنوات الرسمية، وخلق فرص عمل جديدة للشباب، والكثير من الإيجابيات الأخرى”.
من جهته، كتب البرهان في تغريدة: “التهنئة للشعب السوداني بمناسبة خروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، هذا عمل عظيم نتاج جهد بذله أبناء بلادي وهو تم بذات الروح التكاملية لجماهير ثورة ديسمبر (كانون الأول) الشعبية والرسمية”، في إشارة إلى الشهر الذي اندلعت فيه احتجاجات عام 2018 ضد الرئيس السابق عمر البشير.
وأطاح الجيش بالبشير في أبريل 2019، بعد أربعة شهور من تظاهرات ضد حكمه وبعد 30 عاما على وصوله إلى السلطة بانقلاب دعمه الإسلاميون.
وأكدت وزارة الخزانة الأميركية، الاثنين، أنها تعتزم العمل مع السودان “للمساعدة في سداد متأخراته في المؤسسات المالية الدولية وتعزيز جهود السودان لتأمين تخفيف الديون في عام 2021”.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الاثنين: “نثني على دعوات الشعب السوداني من أجل الحرية والسلام والعدالة ونهنّئ أعضاء الحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون بشجاعتهم في العمل على تحقيق تطلعات المواطنين الذين يخدمونهم”.
كما أشاد الاتحاد الأوروبي بما اعتبرها “خطوة مهمة” مشيرا إلى أنها ستوفر “زخما إيجابيا لتعافي البلاد الاقتصادي واقترابه من (تحقيق هدفه) لتخفيف ديونه في نهاية المطاف”.