• نعم..حكومتُنا، حكومة الثورة هذه، متعثرةٌ جداً داخلياً، وتكاد أن تقع على خشُمها من التعثر، ولكنها خارجياً، ما شاء الله تبارك الله، قد كتب الله لها التوفيق والتسديد والقبول، وهي تجدُ الإحترام والتقدير والتجاوب، وربما بأكثر مما تجد في الداخل مع شعبِها !!
• عندما يكون همُّ المواطن اليومي هو رغيفُ الخبز، ودواء الضغط والسكري، وكونه ينتظره أن يقف لساعاتٍ طويلة في صفوف البنزين والغاز، والرغيف، ويكاد الذباب والظلام يحتلان عليه بيته والساحات، والطرقات، والمستشفيات، فسوف لن يُولي هذا المواطن إهتماماً كثيراً لما يقوله الآخرون من إطراء عن حكومته، التي هي بنظره تعجز حتى عن توفير ضرورياته اليومية..وهو في ذلك معه حق !!
• جاء في القصص العربية القديمة أن أعرابياً (عَلَق) زوجته الجميلةَ عَلْقةً قويةً ومُشبِعة، ثم طلَّقها، فلما أصبح عليها الصباح وجدها الناس تُلملِم أغراضها، ‹وقَشَّها› لتلحق بأهلها، فأجتمع أهلُ الحي على الأعرابي، وهم مستغربون لما فعل بزوجِه، ويترجونه لإرجاعِها، وقالوا له: والله ما رأينا من زوجِك ‹الجميلة› هذه إلا كل خيرٍ وإحسان، وإنها محسنةٌ إلينا، وترعى حقوق ‹الخُوةِ› والجيرةِ والجيران !!
وكان الأعرابي يحتذي نعلاً جديداً وجميلاً، وهو مطرقٌ ينظرُ إلى الأرض، ويشخِّت عليها بعودٍ في يده، فرفع رأسه ‹وخلع النعل من رجله ‹وجَدَعَه› أمام (الجودية) وقال لهم: هذا الحذاء، ألا ترونه جديداً، وجميلاً، ولا غبار عليه ؟! قالوا بلي..فقال لهم: (ولكنكم، والله، لا تدرون في أي المناطق يضيقُ ويؤلمُني)!!
وكان منطق الإعرابي قوياً وواقعياً ومُقنِعاً !!
• إننا نشعرُ بالسعادة والإرتياح للفتوحات الخارجية الكبيرة التي تحققها حكومتنا يوماً بعد يوم، ونحن على يقين أنّ نجاحها في تحريك ملف قائمة الدول الداعمة للإرهاب، والذي قاد آخيراً إلى الإعلان عن رفع الحصار عن كاهل شعبنا، وهذا وحده من أعظم الإنجازات، ولسوف يُسجل لها بمدادٍ من نور..
• ويكفي أن نتذكر فقط أن إنهيار سكك حديد السودان تماماً كان بسبب هذا الحصار، وعدم القدرة على توريد مستلزمات التشغيل والتحديث لهذه السكك الحديدية العظيمة، التي تعتبر من أقدم خطوط الحديد في القارة الإفريقية..
ونفس الشيء ينطبق على الخطوط الجوية والبحرية، وعلى مشروع الجزيرة وخلافه من المشاريع الزراعية، وينطبق على قطاعات الصناعة والطبابة والتعليم مما لابد للحصول عليه من معينات أن يكون السودان دولةً محترمةً ووادعةً ومسالمةً ومندمجةً في محيطيها الإقليمي والدولي، ولا تميل إلى زعزعة السلم العالمي، ولكن لم تكن دولتُنا، على عهد الكيزان، أبداً كذلك !!..
• إننا نزفُّ التهاني لشعبنا العظيم الصابر، الذي لم يقسِمِ اللهُ له أبداً أن ينعم بطيب العيش طوال سني الإنقاذ، وحتى ما قبل الإنقاذ، كما نزفُّ التهاني لحكومتنا الإنتقالية بقيادة الأخ الصديق دكتور حمدوك.. ولكننا، والله، عندما نتذكر فعائلها معنا، وهوانها مع البرهان ولجنته الأمنية، وعجزها حتى عن إنجاز الساهل الممكن، لا نملك إلا أن ‹نجدَع› نِعالنا أمام الجودية، ثم (نَفِتُّوا) ليهم، ولا نُبقِي شيئاً !!..