من يلقي نظرة فاحصة لخارطة موكب ١٩ ديسمبر ٢٠٢٠ ويتفحص مكوناته يجد أنهم حراس الثورة المجيدة اللذين تراصصوا مشمرين عن السواعد رافعين للاعلام والشعارات فاتحين لحلاقيمهم بالهتاف شباب وفتية أقوياء أصحاء يستطيعون ان يفلقوا الصخر ويذيبوا حبيباته … وبرغم ذلك لم يظهر من بين القاعدين علي كراسي الحكم من ينفخ في هذه القوة الفتية والثروة البشرية روح العمل والانتاج .
فالمجتمع السوداني مجتمع فتي، حيث بلغت نسبة ما هم دون سن الخامسة عشر عامًا نحو 40.8% من جملة السكان في عام 2017م، وفقًا لـ بيانات الأمم المتحدة، فيما 53.7% وقعوا في الفئة العمرية 15-64 عامًا، بينما 5.5% كانوا عند 65 عامًا وما فوق.
مرت شهور منذ أن طوى المؤتمر الاقتصادي آخر صفحاته وختم مداولاته علي أمل ان تفتح مسارات التنفيذ لغرس النتائج والتوصيات في شكل مشروعات تنموية وشركات صغيرة وخطط لريادة الاعمال الخ … صحيح ان السودان عاش فترة سوداء خلال الثلاثون عاما التي خلخلها ذات الفتية وقلعها من جذورها وبمسيراته وللعام الثاني علي التوالي حيث ختمت الحكومة الانتقالية العامان ولم تتحقق للمواطن علي ارض الواقع تغييرا ملموسا علي صعيد ” قفة الملاح ” وتيسير سبل المعيشة واستتباب الأمن الذي وصل لحالة مزرية فلا تخلوا الصحائف اليومية من جرائم مقلقة لا تشبه المجتمع السوداني يتزامن ذلك مع فرقعات عالية لما عرف ” البرق الخاطف ” والذي تفاءل بها الناس لأجل أمنهم وسلامتهم فاذا هي كما ذكرنا فرقعة لم تطفيء دخانا هنا وهناك إلا ما ندر ..
لا ننكر علي الحكومة الانتقالية انجازاتها في ملفي السلام ورفع الحظر الامريكي ولكن حتى هذين الملفين الامعين عميقي المعنى لن يكون أثرهما ملموسا دون النهضة التنموية المجتمعية والتي لن تتحقق بالمساعدات والهبات الخارجية فخير البلاد في جوفها وبأطن أرضها ويتجلى ذلك ويلمع فقط بايادي شبابه وبناته … ان هذه القدرات الفتية الكامنة تحتاج لمن ينفخ فيها الروح .. ويحرك بوصلتها ويملكها ادوات العمل البسيطة ويوجهها ويضخ حيويتها ويدفقها في مواعين العمل المنتج الذي يستقطب هذه الطاقات ويفرغها في آمكنتها المفيدة بدلا من العطالة المرهقة للشباب وللاسر وللمجتمع والتي هي ايضا انتقاصا من حق المواطنة ..
إن انصرم عامان من عمر الثورة وبهذه الجراحات والاحتقانات في جسم المواطن الاغبش تحتاج لقليل من الانكفاءة وكثير من الجهد لاعلاء قيمة ما نملك من قدرات وكفاءات شابة وذهنية متقدة فقط تحتاج لنفخ الروح في أوصالها وتهئية الانظمة والقوانين ومرونتها لاجل استنهاض الهمم ورسم المسارات الشابة وحضهم للقفز الي الامام وباياديهم وليس بأيادي غيرهم
إعلامية كاتبة
Awatifderar1@gmail.com