في قضية محاكمة الانقلابيين نريد قاضياً يضع صحة الوطن فوق صحته (ولا يعاني من ضغط الدم) الذي تعلل به القاضي المُنسحب من المحاكمة..! والشعب ينتظر من القاضي الجديد فرض الانضباط المهني العدلي داخل محكمته وأن يعيد لها هيبتها ومنع المتهمين المستهترين العابثين من هز وقارها.. وأن يكون مدركاً لخطورة الاتهام الذي يواجه المتهمين وان يشعرهم بذلك ولا يسمح لهم بأن يحدثونا بعدد زوجاتهم أو أن يتلاعبوا بالحديث عن أماكن سكنهم ووظائفهم حيث أن بعض المتهمين الذي يفتقرون إلى (الحياء العام) بدّلوا مهنتهم.. وأحدهم وهو أستاذ جامعي ينبغي أن يكون فقيراً مثل رصفائه معلمي الجامعات قال إن مهنته (أعمال حرة) حتى عندما يكمشوه بعماراته ومزارعه وشركاته وحسابه في المصارف ورصيد (ابنه الطالب) يقول إنه يعمل في السوق.!
الشعب ينتظر قاضياً جديداً يوقف مثل هذه المهازل التي تجعل محامياً في هيئة الدفاع يتجرأ على القاضي ويقول له: سيتم فصلك من منصبك مثلما فصلوا التمكينيين.. والقاضي صامت ينظر ولا يزجره على الإهانة الشخصية وعلى إهانة المحكمة والخروج عن إطار القضية المنظورة.. وهي قضية جسيمة خاصة بانتهاك دستور البلاد وتعطيله بالقوة الجبرية والقيام بانقلاب على حكومة مُنتخبة واستخدام مدنيين للسلاح باسم القوات النظامية..الخ فكيف يقبل القاضي بمثل هذه الفوضى والسخرية والاستهزاء وإثارة الفوضى داخل قاعة المحكمة في حين أن الشخص العادي لا يقبل بأن (يؤكل) كلامه بهذه الصفاقة..! ينتظر الشعب أن تنتقل محاكمة الانقلابيين إلى الجدية وأن تمتنع فيها ألاعيب (الثلاث ورقات) التي تستخدمها هيئة الدفاع الإنقاذية التي تدافع عن الإنقاذيين وكلاهما في قائمة الجُرم ومعظم المتخفين تحت روب المحاماة من المشاركين في الانقلاب والذين لحسوا ريعه وكرعوا (بقنينته)..! لن يقبل التقاضي ولا ميزان العدالة بقاضٍ لا يفرض هيبته واحترامه الذي هو من احترام المحكمة وسلامة إجراءات التقاضي.. وحتى المحاكم الأهلية والقروية وتقاليد القضاء الشعبي تؤكد أن التقاضي ليس (ملعبة) ولا تسمح بالتهاتر والفوضى وقلة الاحترام ومفارقة الأدب أو (قلته)..! هذه قضية تتعلق بخرق الدستور والخيانة الوطنية والانقلاب على الديمقراطية..
وهو انقلاب فاجع دخل على الوطن بالخراب والفساد العميم.. والانقلاب ليس مجرد حادثة تحرّكت فيها (حفنة دبابات) وإنما يؤخذ الانقلاب بهدفه ونتائجه ومآلاته الدموية وما جر إليه من تعطيل حياة الوطن ومن الإبادة الجماعية وتشريد الملايين وإضاعة سيادة الوطن وشطره نصفين وإشعال الحرب الأهلية وتحويل النزاعات إلى جهاد باسم الدين يسمح بالقتل المجاني والاغتصاب وقتل الأسرى والمحابيس ودهس الناس بالمجنزرات.! وبعد كل هذا تطالب هيئة دفاع الإنقاذيين بإسقاط تهمة الانقلاب للتقادم.. باعتبار أن الجريمة وقعت قبل 30 عاماً.!!
لا ينبغي أن يجلس على منصة المحكمة قاضٍ فارغ الذهن من كل الاعترافات المسجّلة وبعضها صدر من الترابي شيخ الانقلاب علناً وعلى القنوات الفضائية وبالصوت والصورة؛ علاوة على اعترافات علي عثمان وعلي الحاج وبقية العصبة من أنهم ألبسوا عصاباتهم المدنية أزياء الجيش واستخدموا شبكة اتصالات خاصة خارج دوائر الدولة، وأنهم أعدوا للانقلاب وقاموا بالتمويه وجاءوا بالمخلوع إلى القصر وأدخلوا الترابي بتدبيره إلى السجن..وسجلوا بيان الانقلاب داخل منظمة الدعوة شريكة الانقلاب وحاضنته..! متى تعرض المحكمة هذه التسجيلات الموثقة بألسنة الانقلابيين (أو متى يعرضها التلفزيون القومي في برامج الظهيرة)..؟! غريب أن يعتذر القاضي بمرض ضغط الدم الذي لا يأتي لصاحبه فجأة.. وغريب قوله إن مرضه (لا يحتمل الانفعال).. فمنذ متى كان القاضي مطالباً بالانفعال.. وهو الشخص الوحيد في المحكمة الذي تطالبه مهنته ببرود العدالة واسترخاء الأعصاب ورباطة الجأش ورزانة الحكمة وحياد السويسريين..!