درج الأنصار وحزب الأمة على الاحتفال سنويا في يوم ٢٥ ديسمبر من كل عام بميلاد الزعيم والمفكر الصادق المهدي’ لذا وفي اعقاب الرحيل المفجع للمهدي وكما هو متوقع اقامت أسرة الإمام إحتفالا بكلمة للحبيب بشرى الصادق المهدي تناول فيها السيرة العطرة لال المهدي بدءاً من الإمام محمد احمد المهدي ودوره في إرساء دعائم الدعوية المهدية والخلاص من الاستعمار التركي مرورا بالخليفة عبد الله بن محمد المشهور بعبد الله التعايش ومجاهدات السيد عبد الرحمن الذي أسس كيان الأنصار ودائرة المهدي الزراع الاقتصادي وواجهته السياسية حزب الأمة الذي شارك بفعالية في نيل استقلال البلاد’ كما تطرق بايجاز لكل من الإمام الصديق والد الصادق المهدي ولعمه الإمام الهادي والذي استشهد وهو يقاوم في نظام مايو’.
وذكر أن السيد الصادق تبوأ رئاسة حزب الأمة منذ عام ١٩٦٤ بعد فصل الحزب عن الكيان وشغر موقع الأمامية – لفترة طويلة- والتي زهد فيها الصادق الي أن جاء المؤتمر الأول لكيان الأنصار في عام ٢٠٠٢م حيث اجمع الحاضرون على اختياره إماما الأنصار. اما نضال الصادق المهدي ضد الأنظمة الديكتاتورية في السودان’ يشهد به القاصي والداني’ كذلك دوره الفكري وتأليفه للعديد من الكتب والمقالات الرصينة التي رفدبها المكتبتين السودانية والإسلامية.
وختم بشرى كلمته بالفقرة الأكثر إيلاما والتي رصد فيها ايام والده الأخيرة وصبره على الأبناء بعد إصابته بداء كورونا وكان ملازما لأبيه أثناء مرضه مثلما كان ملازما للزعيم في حله وتراحله بحكم تخصصه العسكري حيث كان يقود فريق الحراسة والتأمين للسيد الصادق’. سرد بشرى رحلة العلاج والتي بدأت بيومين بمستشفى علياء وانتقلت لدولة الامارات حيث اسلم الروح بعد صبر وجلد عظيمين’ ولنتابع تفاصيل تلك الأيام كما راوها ابن الإمام وملازمه وعلى لسانه حيث يقول:
بقينا يومين في مستشفى علياء وتحديداً فجر الاثنين تضايق نفس حبيبي فاقتنعت أنه لا بد من السفر، فذهبنا في معيته رفقة مريم المنصورة والتي رتبت الأمر كله، وشقيقتي حنين التي كانت تتابع حالته الصحية منذ البداية متابعة لصيقة، فكانتا خير معين لتسهيل المطلوب ولربطنا بالحبان المشفقين في السودان وفي كل مكان، بينما توليتُ أمر مرافقته رغم كل التعليمات الصارمة. في الإمارات كانت الحالة متقلبة من انتكاس إلى تحسن حيناً’ وكان الوالد الصادق ما أن يشعر بتحسن ولو طفيف يهرع للكتابة والمطالعة ومتابعة الأخبار والمستجدات وخصوصاً الانتخابات الأمريكية التي أهمته كثير اً. وفي يوم الخميس 5 نوفمبر قال لي: اديني الدفتر والقلم، فكتب مقالة بعنوان: تأملات في فقه السعادة والمشقة والممراضة والممات، وختمها بنعيٍ لنفسه حيث قال: “وأفضل الناس في هذا الوجود شخص يترحم عليه مشيعوه قائلين: لقد شيعنا حقانياً إلى الحق، إنَّ إلِىََٰ رَ بكَِ الرُّجْعىََٰ. ونشر المقال يوم السبت 7 نوفمبر.
كما كتب مقالاً آخر “هنيئاً للشعب الأمريكي وللإنسانية جمعاء”، وكتب خطاباً للشيخ طحنون شكرهم على حسن الاستقبال والعلاج في بلدهم الإمارات وأنه عازم على العودة للسودان يوم الخميس.
ويوم الاثنين 9 نوفمبر كان متحسناً وطلب مني شاياً شربناه سويا ً ومسح على رأسي بيده الطاهرة وقال لي: أنا بحبك يا بشرى، اعفي لي! وهكذا كان متجلداً ومحتسباً وصابراً على ألم المرض وضيق النفس والحمى والمعاناة إلى أن صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها، رحمة الرحمن تغشاه بكرة وعشية.
وختم كلمته انابة عن إخوانه واخواته الذين كلفوه بهذا الخطاب قائلا: سلام على صادق الوعد في الأولين، وسلام عليه في الآخرين، وسلامٌ عليه في الملأ الأعلى إلى يوم الدين. مضى طاهر الأثواب، عليك سلام الله.