عرفه الناس من خلال العديد من الادوار المسرحية، منها مسرحية «خطوبة سهير» التي مثل فيها الى جانب الفنان القدير مكى سنادة وتحية زروق.. انه الفنان الراحل فتحي بركية أو السميح، ذلك الكوميديان الساخر من كل شيء حتى نفسه التي وصفها بكوم الشناة. وعاش حياته القصيرة وهو يطلق النكات والطرائف في كل الاتجاهات، فيموت الناس من الضحك، وما من فنان مسرحي وجد تجاهلاً اعلاميا مثل فتحي بركية الذى لا يعرف الناس الا نزراً يسيراً من سيرته الانسانية والابداعية .
ولد فتحى بركيه . ينتمى فتحى الى عائلة من قبيلة الدناقلة فوالده كان يعمل فى مهنة الطباخة ووالدته الشول بت طه كانت شخصية معروفة و محبوبة فى الحى . أخوه الأكبر حسن كان يعمل نجارا. أخته فتحية كانت توأمته بنفس الملامح …
الشجرة التى كانت أمام منزلهم كانت تعرف بإسم شجرة النيم التى كانت أمام منزلهم تعرف باسم شجرة الشول على إسم والدته الشول بت طه.
كان فتحى مطبوعا بالفطرة على الفكاهة و المرح فصادف أن الممثل الفاضل سعيد قد إكتشف فيه هذه الموهبة و شجعه لولوج عالم فن التمثيل منذ أواخر الخمسينات . إشترك فى أول فيلم سودانى و هو ..تور الجر فى العيادة.. وقام فيه بأداء دور الممرض الى جانب عثمان حميدة و إبراهيم خان و سلمان البعيو . تم تصوير ذلك الفيلم فى عيادة الدكتور إسحق إشخانص الواقعة فى محطة مكى ود
عروسة
.
إسحق إشخانص هو شقيق الممثل إبراهيم خان الذى قام بدور الطبيب فى ذلك الفيلم القصير وهو الممثل الذى ترك بصمات واضحة فى عالم السينما المصرية كما يعرف الجميع وكانت بداياته فى ذلك الفيلم مع فتحى بركية. وجمهور السينما لا ينسى دورفتحى فى الفيلم المشهور .عرس الزين… كان أول ظهور له في مجال الدراما عبر مسرحية ..أكل عيش. التى أثبت فيها فتحي بركية قدراته وإمكانياته المهولة من خلال أدائه التلقائي وخفة دمه الجاذبة. توالت بعدها الكثير من الأعمال المسرحية التى شارك فيها ومنها التمر المسوس ..و البيت القديم…و الكرباج. و أولاد مجذوب.. و ..الشماسة . أما مسرحية (خطوبة سهير) التي مثل فيها فتحى بركية الى جانب الفنان القدير مكى سنادة والممثلة تحية زروق فكانت أيقونة الدراما المسرحية فى السودان كما شارك ايضا في عدد من المسلسلات التلفزيونية والاذاعية.
كان ناقدا تلقائيا ظريفا ولمّاحا ذكيا ينتقد حتى نفسه بوصفه لها بانها (كوم شنه) . من تعليقاته الساخرة فى الفترة التى عمل فيها بوزارة الثروة الحيوانية كان دائما يقول ..أتمنى أن تتخذ الوزارة صورة وجهى شعارا رسميا لها..ومن طرائفه أيضا يحكى أن لصين قصدا منزلهم فى حى الركابية بغرض السرقة فطلب أحدهم من زميله أن ينتظره فى الخارج ليتسلق هو أولا و يقوم بعملية إستكشاف داخل المنزل وكان فتحى و توأمته فتحية نائمين على الفراش تحت البطانية . رفع اللص طرف البطانية وظهر له وجه فتحية فجفل وتبسمل ثم قصد الطرف الآخر من الفراش و رفع عنه البطانية ليظهر له و جه فتحى فكاد أن يصرخ بأعلى صوته من الرعب الذى إنتابه ثم أسرع عائدا إلى الشارع وهو يجرى و يصيح لزميله ” إتخارج بسرعة .. إتخارج بسرعة.. البيت ده مسكون..البيت ده مسكون !!!! “.
فى مسرحية ( خطوبة سهير) طلب منه خليل (مكي سنادة ) سفة سعوط فاخرج له السميح حقة تمباك مربعة فقال له خليل :- ” بالله في زول بشيل ليهو حقة مربعة ؟ ” فرد عليه السميح: – “والله كل زول حقتو زي وشو !! “
أحد أقربائه سأله ذات مرة عن الشئ الذى يزعجه و يضايقه كثيرا فى هذه الحياة فرد عليه السميح قائلا :- شناة أختى دى ..”
حكى عن نفسه قال أن رجال أمن نميرى مرة أمسكوا به و أوسعوه ضربا لأنه كان يمشى فى الشارع وهو يردد أغنية وردى ” جيتنا وفيك ملامحنا … بعد يا مايو ما يئسنا .”
سئل ذات مرة عن أجمل تعليق سمعه عن شخصه فقال مرة قابلتنى إمرأة كبيرة في السن نظرت إلىّ وقالت :- ” والله يا ولدى فيك سماحة شنا
كان فتحى بركية إنسانا جميل السريرة و السيرة ومازالت شخصيته محفورة فى وجدان السودانيين من الذين عرفوه و عاصروه رغم وفاته قبل سنوات . لا يذكر إسمه إلا وإنفرجت الشفاه بإبتسامة عريضة وتردد فى أعماق الذاكرة صدى ضحكة مجلجلة .عاش حياته القصيرة وهو يطلق النكات والطرائف فى كل الاتجاهات . ما من فنان مسرحى وجد تجاهلاً إعلاميا مثل فتحى بركية الذى لا يعرف الناس إلا نزراً ضئيلاً من سيرته الإنسانية والإبداعية . نأمل أن يجد هذا الفنان التكريم اللائق به .
في ذلك بعض من العرفان للمبدع فتحى بركية الذى رحل وترك لنا ذكرى شخصية مرحة وسريرة طيبة و شناة سمحة قلّ أن يجود الزمان بمثلها .
كان للراحل فتحي بركية حضور مسرحي رهيب جدا وكان قادر على سرقة الكاميرا من زملائه في أي مشهد يظهر به.
له الرحمة والمغفرة.