ماذا سيقول الدكتور جمال يوسف وهو يرى نتيجة التشريح الجديد للقتيل بهاء نوري بواسطة اللجنة المكونة من هيئة الطب العدلي والذي أثبت أن المجني عليه تعرض إلى إصابات متعددة أدت إلى وفاته؟! كيف سينام هذا الرجل الآن وهو بتقريره الكارثة كاد أن يبريء قاتل ويهضم حق قتيل؟! أين أقسم هذا الطبيب وأين درس الطب؟! بالتأكيد لم يقسم على قسم ابوقراط الشهير الذي ينتهي بالفقرة القائلة( وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري وعلانيتي، نقيًا مما يشينني أمام الله ورسوله والمؤمنين. والله على ما أقول شهيد) فمن أشهد الله على قسمه ما كان ليفعل ما فعل هذا الطبيب.
إقالة هذا الطبيب هو مطلب جماهيري وشعبي، ويجب ان يتم تحريك إجراءات ضده في المجلس الطبي من قبل اسرة القتيل واللجنة القانونية للمكتب الموحد للاطباء، حتى يكون عظة وعبره لغيره، فالطبيب واجبه حفظ حياة المريض وفي حالة وفاته من واجبه الإفصاح بلا خوف ولا وجل ولا تزوير عن السبب الطبي والعلمي الذي أدى للوفاة، ولكن يبدو أن الرجل مازال يعمل على نمط أطباء التشريح في عهد البشير الذين يمارون السلطة ويقفون معها ضد المواطن الغلبان ويزورون لها الشهادات لانقاذ امنجيتها، ولكن زمان الثورة ليس كزمان البشير، انه زمان الكل فيه سواسية أمام القانون، أهل السلطة ومحمد احمد الغلبان كلهم سواسية، وليس بالإمكان الغش على الجماهير او الضحك على الذقون وخاصة في القضايا الجنائية.
أتمنى أن تتخذ النيابة العامة من قضية بهاء نوري قضية معيارية تتعامل وفقها مع اي قضية أخرى مشابهة قبل أن تلفت انتباهها الجماهير بالضغط العام، اي قضية قتل مدنية تحدث وطرفها جهة عسكرية يجب أن تتحرك النيابة فيها بسرعة وحسم قبل أن يصعد المد وتتحول القضية إلى قضية رأي عام وتهدد مسار الثورة كله وتفتح الباب واسعا للثورة المضادة والتيارات التي تصطاد في المياه العكرة. واجب أجهزة القانون في الدولة الحديثة ان تكون أكثر اهتماما بقضايا الحياة والموت من الجماهير فهذه هي الأولوية الأولى امام كل حكومة، ان تحفظ حياة الناس من خلال شدتها وبأسها في معاقبة كل جاني بغض النظر عن موقعه المدني أو العسكري، فالجميع سواسية أمام القانون.
دولة القانون التي يسعى لها الجميع هي الدولة التي لا يعتقل فيها مواطن الا عبر أجهزة عسكرية تأتي عبر الباب بأوراق اعتقال، ولا يتعرض فيها معتقل لتعذيب مهما كانت جنايته، ولا يموت فيها مواطن عبثا تحت التعذيب والا نال الجاني العقاب الرادع مهما كانت رتبته ومنصبه، لذلك وبما ان الحكومة فشلت في حماية بهاء نوري من الاعتقال وفشلت في حمايته من التعذيب أثناء الاعتقال فإنها ملزمة الآن بالقصاص له من الجناة قصاصا عادلا وشافيا تقر به عين ام القتيل وترضى به الجماهير المتعطشة للعدالة.
mail.25@gmail.com