اطلعت على بيان منشور في الأسافير لوزير التربية والتعليم موجه للجماهير فيه مقدمه طويلة ممجوجة عن ان الهجمة على القراي تستهدف الثورة، ثم جاء الوزير في نهاية مرافعته لينبطح ويقرر تكوين لجنة لمراجعة وتقييم منهج كتاب التاريخ للصف السادس ( شكلا ) و ( مضمونا )، اتهام الوزير لجميع الذي انتقدوا المناهج وطريقة صياغتها بأنهم ضد الثورة هي تهمة جائرة، فالاعتراض على القراي كان في معظمه من ثوار راسخين.
هناك كيزان استفادوا من سقطات مدير المناهج ومن طريقته المستفزة وأفكاره الشاذة المنتشرة في وسائط الانترنت والتي تصادم دين الأغلبية السودانية، وهي ثغرة نفذوا منها فتحها لهم الوزير نفسه بتعيينه لشخص جدلي خلافي، كما لا يمكن استبعاد احتمال أن وزير التربية والتعليم ربما سعى بنفسه إلى هذه الفتنة التي ستزلزل اركان الحكومة الانتقالية، فالوزير شيوعي الهوى، والحزب الوحيد الذي خرج من الحكومة الانتقالية ودعا لاسقاطها هو الحزب الشيوعي.
مازلت مستغربا كيف استمر هذا الوزير في منصبه بعد انسحاب الحزب الشيوعي من قوى الحرية والتغيير ومن الحكومة الانتقالية وجند كل لافتاته وكوادره لمشروع (تسقط تالت) فوزير مناصر لهذا الحزب وهذا التيار ماذا يفترض منه ان يفعل وهو داخل الحكومة الانتقالية؟! بالتأكيد سيعمل على خلخلتها من الداخل والمساعدة على اسقاطها، وهو ما قد يفسر إصرار الوزير على تعيين الدكتور القراي المثير للجدل في موقع حساس وخطير يستهدف تغيير شان قومي هو المناهج، ثم رفض الوزير مقترح قدمه حزب الأمة القومي لرئيس مجلس الوزراء بإقامة مؤتمر قومي للتعليم قبل تغيير المناهج بطريقة احادية.
لم يستقيل الوزير وكان المتوقع أن تقوم قوى الحرية والتغيير بتنظيف الحكومة الانتقالية من كل كوادر الهوى الشيوعي حفاظا على الحكومة الانتقالية من الانهيار من الداخل ومن ضمنها هذا الوزير، ولكن يبدو أن قوى الحرية والتغيير أرادت أن تحافظ على شعرة معاوية مع الخارجين منها وتركت الوزير لتتم إقالته بطريقة مهذبة عبر صرفه من منصبه مع وزراء آخرين في التشكيل الوزاري القادم عند تشكيل حكومة السلام.
الوزير قال ان المناهج وضعها خبراء، بينما المناهج ضعيفة اللغة والصور التوضيحية، بل إن بعض محتويات المناهج منقولة بالضمة والشولة من الويكبيديا!! فهل يحتاج النقل من الويكبيديا لخبراء؟! عدد من الخبراء السودانيين قالوا بأن المناهج ضعيفة ومتعجلة ولا ترتقي لتكون مناهج تستهدف التغيير المنهجي، بل وفد البنك الدولي حسب إفادة السيد مبارك الفاضل ابلغ وزير التربية والتعليم بحضور الدكتور القراي وأركان وزارته بانهم درسوا ما قام به القراي في المنهج التعليمي ووجدوه عمل عشوائي لا يتفق مع المعايير الفنية الدولية المتبعة عالميا ولذلك رفض البنك طباعة كتب المنهج ونصح الوزير بالاستمرار بالعمل بالمنهج القديم الي حين صياغة مناهج جديدة بطريقة علمية صحيحة ووعد البنك بارسال فريق فني متخصص مجانا لمساعدة السودان في وضع مناهج جديدة مع تعهد البنك بطباعة كتب المنهج الجديد علي حسابه. ولكن طبعا الوزير من أنصار حزب ( لن يحكمنا البنك الدولي) لذلك تجاهلوا توصية خبراء عالميين وحاولوا ايهام الجماهير بأنهم جاءوا بمنهج عالمي واستدروا عطف الجماهير لقيام حملة شعبية لاستجلاب المال من المواطنين لطباعة المنهج المعيب المختلف عليه داخليا وعالميا!!
تراجع وزير التربية والتعليم في بيانه اليوم وأعلن تكوين لجنة مراجعة لمنهج الصف السادس، ولكن الحقيقة أن كل المنهج يحتاج للمراجعة، فالثورة لا يشرفها ان تقدم حكومتها مناهج بائسة في المحتوى والصور التوضيحية لطلاب السودان بعد عودتهم للمدارس، فليتدخل مجلس الوزراء ويمنع استمرار هذا المخطط وهذه المناهج الفضيحة، وليتم عقد مؤتمر التعليم القومي وليستعان بالبنك الدولي في الطباعة لتخرج اول مناهج دراسية بعد انتصار الثورة بصورة مشرفة تعكس روعة وجمال التغيير الذي حدث في السودان.
sondy25@gmail.com