أمدرمان – التحرير:
شدد أمين الدعوة والإرشاد بمسجد الإمام عبد الرحمن بودنوباوي محمد الحوار محمد، في خطبة الجمعة، اليوم 28 يوليو، على أن “أهل السودان اليوم يعيشون مأساة”، و فيما دعا الحكام إلى ” ترسيخ مفهوم المواطنة”، قال “إننا اليوم في أشد الحاجة لترسيخ هذا المفهوم”، وقال “إن الحرية هي من أبرز معالم التعايش السلمي، ومن أكبر مظاهر الكرامة الإنسانية، وهي الطريق إلى الإيمان الصحيح والمسؤولية”.
وأكدت خطبة مسجد الأنصار أن” النظام (نظام الرئيس عمر البشير) جاء بسياسات قسمت الوطن وخربته سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وافقدته الكثير مما كان متميزاً ومتفرداً به، فتفكك نسيجه الاجتماعي وضعف الولاء القومي، وظهرت العصبية الاثنية والجهوية”.
و رأى أمين الدعوة والإرشاد بمسجد الإمام عبد الرحمن بودنوباوي أن ” حال بلادنا كل يوم يصير من سيئ الي أسوأ”، و تحدث عن “أخلاق الحاكم في الاسلام “، وقال “أين حكام اليوم من هذه المبادئ التي توجبها المسؤولية”، وقال إن “هذا الواقع يتطلب من الجميع العمل والسعي الدؤوب لإيجاد مخرج من هذا الواقع المزرى”.
واعتبر أن “الخطوات التي أقدم عليها النظام بشأن ما سمي بالحوار الوطني، و ما سبقه من اتفاقيات وحوارات، لم تغير من الواقع شيئاً، بل زادت الطين بله”، ورأى أن “المطلوب اليوم إجراء حوار حقيقي، لا يعزل احداً، و لا يهيمن عليه أحد، وما يتوصل اليه يكون ملزماً للجميع”.
ودعا “من يحكمون الشعب” إلى أن يتقوا الله في هذا الشعب والوطن، وأن يستجيبوا لرأي العقلاء، الذين يقدمون مصالح الشعب والوطن علي ما سواهما”.
وقال أمين الدعوة والإرشاد بمسجد الإمام عبد الرحمن بودنوباوي محمد الحوار محمد “إن الناظر للنظام الذي يحكم السودان اليوم يجد أنه عندما جاء وجد السودان به دولة رعاية كاملة، فالتعليم والصحة كانا مجانا لجميع أبناء الشعب، ومستويات المعيشة كانت أفضل بكثير مماهو معاش اليوم، وعلاقة السودان بجيرانه ومحيطه الإقليمي والدولي كانت أفضل، وكان السودان موحداً ولم تكن به معسكرات نزوح ولم تكن هناك معسكرات لجوء
خارج الوطن، ولم تكن به جبهات حرب غير الجنوب”.
وأضاف “جاء هذا النظام بسياسات قسمت الوطن وخربته سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وأفقدته الكثير مما كان متميزاً ومتفرداً به، فتفكك نسيجه الاجتماعي، وضعف الولاء القومي، وظهرت العصبية الاثنية والجهوية بصورة أشبه بالعصر الجاهلي، واشتعلت فيه الحروب بين الدولة وبعض معارضيها وظهرت الحروب القبلية بين أبناء الرحم الواحد، هذا الدمار والخراب سيسال عنه قادة النظام امام الله الذي لا تخفي عليه خافية”
ورأى خطيب مسجد الأنصار أن ” حال بلادنا كل يوم يصير من سيئ الي أسوء، فالحروب مشتعلة والاقتصاد منهار، والصحة مرتدية والسيادة منتهكة والفساد مستشري وضارب جل المؤسسات في الدولة”.
وقال إن “هذا الواقع يتطلب من الجميع العمل والسعي الدؤوب لإيجاد مخرج من هذا الواقع المزرى، خاصة وان كل الخطوات التي أقدم عليها النظام من ما سمي بالحوار الوطني وما سبقه من اتفاقيات وحوارات لم تغير من الواقع شئياً، بل زادت الطين بله ، فالمطلوب اليوم إجراء حوار حقيقي لا يعزل احداً لا يهيمن عليه أحد، وما يتوصل اليه يكون ملزما ًللجميع “.
وأكد في هذا السياق أن ” أهل السودان اليوم يعيشون مأساة، فقد أنهكتهم الحروب والفقر والفساد والغلاء، هذه المآسي تجعل كل من له أدني احساس أن يبكي بدل الدمع دم ، فيامن تحكمون السودان اليوم ارفقوا بانفسكم، واتقوا الله في هذا الشعب والوطن واستجيبوا لرأي العقلاء الذين يقدمون مصالح الشعب والوطن علي ما سواهما”.
وتناولت الخطبة مسؤولية الحاكم، وقالت إنها تعتبر من أجل وأعظم المسؤوليات في الاسلام، فهو مسؤول عن أمن الناس ومعاشهم وصحتهم وتعليمهم وحماية أوطانهم و أعراضهم واموالهم ، ولذلك أدرك السلف الصالح رحمهم الله عظم هذه المسؤولية فهذا أبن الخطاب رضي الله عنه سيرته تحكي أنه في عام الرمادة الذي يشبه واقع السودان اليوم حيث حل بالناس الجوع والفقر والحرمان ، عندما كان ذالك الحال امتنع عمر بن الخطاب عن أكل الزيت والعسل حتي تغير لون بشرته وضعف جسمه فعل ذلك تضامنا مع المحرومين من الفقراء والمساكين هذا هي أخلاق الحاكم في الاسلام ؛: فأين حكام اليوم من هذه المبادئ التي توجبها المسؤولية ؟؟ وأضاف أنه “لما تولي عمر الخلافة دخلت عليه زوجته فوجدته يبكي فقالت : اي شيء حدث؟ فرد عليها قائلا “وليت أمر أمة محمد صلي الله عليه وسلم ” ففكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهول والمقهور والمظلوم والغريب والأسير والشيخ الكبير فعرفت وأيقنت أن ربي سائلي عنهم جميعا، فخشيت فبكيت ”
وقال “إن هذه الأصناف لم يكن عمر رضي الله عنه هو الذي صنعها أو ساهم في صنعها وانما وجدها في المجتمع، فكان همه العمل علي ازالتها حتي لا يسأله الله عنها، ، وهو القائل ( ولينا علي امة محمد لنسدلهم لهم جوعتهم ونوفر لهم حرفتهم فان عجزنا عن ذالك اعتزلناهم ).
وتحدث عن قضية التعايش بين المسلمين وبين المسلمين وغيرهم، وقال إن ” النبي (ص ) رسخ مبدأ التعايش بين المسلمين أنفسهم، وبين المسلمين وغيرهم، على أسس واضحة تمثلت في الآتي: –
1- المواطنة ؛ فحينما استقر الرسول (ص ) في المدينة المنورة أسس نظاماً عاما أساسه التعايش السلمي بين مواطنيها ، ولا شك أننا اليوم في أشد الحاجة لترسيخ هذا المفهوم، فالنبي (ص ) وجد في المدينة مجتمعا متنوعاً من حيث الدين والانتماء القبلي والعشائري، ومن حيث نمط العيش، فقد ضمت المدينة المهاجرين والأنصار، بقسميهم الأوس والخزرج واليهود ببطونهم بنو غريظة وبنو النضير وبنو قينقاع وضمت المشركين والمنافقين والإعراب الذين يساكنون أهل يثرب والموالي والعبيد وغيرهم، مجتمع يشبه بعض مجتمعات بلدان العالم اليوم”.
وقال ” استطاع النبي (ص ) أن يتعامل مع هؤلاء جميعا، فكانت دعوته تعتمد السلام منهجاً، والتسامح سلوكاً، فقد بدأ دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يتخل يوما عن الرفق واللين في القول والعمل، عملاً بقوله ( ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّك َ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، وبهذا المنهج الوسطي اليسير أسس الإسلام مبدأ التعايش بين جميع الأطياف والمذاهب والاثنيات المختلفة في إطار من المواطنة والعدل والمساواة والتعارف والتعاون ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (سورة الحجرات 13)
ثانيا : الإسلام يتعامل مع جميع البشر من خلال مبدأ التكريم الالهي للإنسان ، فالإنسان مكرم لمجرد أنه إنسان بعض النظر عن لونه وجنسه او دينه أو جهته ، ولقد مرت بالنبي (ص ) جنازة فقام فقيل له أنها جنازة يهودي فقال أليست نفساً ؟
ثالثا : الحرية ؛ فهي من أبرز معالم التعايش السلمي ومن أكبر مظاهر الكرامة الإنسانية، وهي الطريق إلى الإيمان الصحيح والمسؤولية، لقد تركت الشريعة للإنسان حرية الاختيار دون جبر او اكراه ،قال تعالى (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )
وقال خطيب مسجد الأنصار “إن الانسجام والتعايش شعور داخلي جميل في النفس الإنسانية، فهو يبرز العلاقة الإيجابية والانتماء بين أفراد المجتمع، فيكون المجتمع كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاص، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، والانسجام والتعايش ينطلق من الاخوة وصلاح النفس وسلامة الصدر والمساواة والمحبة والتواصي بالحق والصبر والرحمة” .
وشدد على أن ” المجتمع الإنساني اليوم في أمس الحاجه الي التعايش والتسامح والوحدة والتعاون على ما يعود على الإنسانية بالخير، خاصة العالم الإسلامي الذي يعيش اليوم تفرقاً وتنازعاً لم يشهده من قبل – تفرقاً لم تسلم منه الدول ولا الشعوب، فأغلب الحروب تدور في بلدان المسلمين ، وهذا يتطلب من الجميع ان يستيقظوا وان ينتبهوا ويرجعوا إلى قيم هذا الدين الخاتم، التي تأمر بالوحدة والتعايش السلمي مع المجتمع وتأمر بالعدل والبر وحسن العشرة والمعاملة والإخاء والمحبة والتسامح والسلام ”
ودعا إلى أن ” نحيي قيم التعايش والتسامح في أنفسنا، ومجتمعنا لنسعد في الدارين ، عن أبي هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله (ص ) أمرني ربي بتسع ؛ خشية الله في السر والعلانية، وكلمة الحق في الغضب والرضاء، والقصد في الفقر والغني، وان أصل من قطعني، واعط من حرمني، واعفوا عن من ظلمني، وان يكون صمتي فكراً، ونطقي ذكراً، ونظري عبره، وآمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر”.