القرار الذي اصدره حمدوك مؤخرا، الخاص بتجميد العمل فى لجان المناهج التعليمية ، اعتبره بعض المراقبين بالنهج التدميري الذي يقوده لسياسة الهدم المنظم التي طالت كافة انشطة الحياة السودانية .
التعليم عملية فنية متكاملة لها خبراءها من المختصين بكافة معطياتها العلمية والحياتية، واثار قرار حمدوك غبارا كثيفا علي الساحة السياسية والاجتماعية ، وافرز ردود افعال متباينة منها من كان ينطلق من منطلقات ايدلوجية مناهضة لكافة انواع التغيير، وخاصة المناهج التي ترتبط بالديانة الاسلامية، وفى ذات الوقت وجد القرار رفضا واسعا من مناصري حمدوك نفسه من جماهير قوي الحرية والتغيير، وبعض مكونات الثورة التي لم توقع على الوثيقة الدستورية ،
يعتبرون ما حدث تراجعا عن شعارات الثورة وخنوعا لقوي تقليدية تري في المناهج المستحدثة خطرا علي الدين
وتقول الاكاديمية د. جيهان النعيم، رئيس منبر السلام الواعد، إن محاولة تغيير المناهج تجعلنا نقف امام حقيقيتين مهمتين للغاية، لا ينفصلان عن بعضهما البعض باي حال من الاحوال، الاولي تشير الي ان من اشعل الثورة هم الشباب، ومن فتح صدورهم عارية امام الرصاص هم الشباب، ومن سدد معظم فاتورة الثورة هم الشباب بغض النظر عما كان يدور تحت الطاولة، من تخطيط او تنفيذ لعملية الهبوط الناعم، عليه فان الثورة شبابية بامتياز لا مزايدة فيه،
والاعتبار الثاني ان الشباب عندما ثاروا كانت دوافعهم تتمثل في مواجهة تردي الاوضاع الاقتصادية، إلى ان تبلورت شعارات” حرية سلام وعدالة”، ثانيا لم تكن المناهج الدراسية هي احدي منطلقات الثورة، لاننا وقتها كنا نتطلع إلى تحسين الاوضاع الاقتصادية وحقوق سياسية ومدنية، ولكن يبدو ان القائمين على تغيير المناهج استعجلوا بالكشف عن اهدافهم الحقيقية، مستغلين فى تحقيق هذا الهدف بتهييج الشارع السوداني، والذي كان غاضبا حينها على النظام السابق فعملوا على خلق اصطفاف شعبي إما أن تؤيد كل القرارات والسياسات التي تصدر من الحكومة لتمنح صك البراءة من اعتبارك اسلاميا” كوز”، واما ان تمتنع عن التماهي مع هذه التوجهات وبالتالي ترمي بتهمة ” الكوزنة”، ولكن من اتجهوا لهذه الخطوة لم يكونوا علي دراية بانها تمثل تهديدا حقيقيا للثورة ، وأعني عملية تغيير المنهج ، ولابد من سؤال توجه به للحكومة لماذا ربطت الحكومة عملية التطبيع مع اسرائيل بموافقة المجلس التشريعي،
بينما ارتضت ان تكون قائما باعمال المجلس التشريعي في خطوة تغيير المناهج والتي تعتبر الاخطر علي الشعب السوداني والدولة السودانية من عملية التطبيع
واضافت د. جيهان، إن عملية وضع المناهج عملية حساسة ومعقدة وتحتاج الي مختصين وخبراء لان المناهج علميا تقسم إلى اربعة اقسام” منهج فعال وملائم، منهج غير فعال وغير ملائم، ومنهج غير فعال وملائم، ومنهج ملائم وفعال” فعملية وضع المناهج بكل تعقيدها تحتم عدم الانجراف خلف الاعتبارات الايدلوجية والسياسية، وعدم الاخذ باراء الجاهلين او محاولة إرضاءهم ،
لذلك نرفض وبشدة اي تصرفات غير مسؤولة من شأنها ايقاع البلاد فى معاوي الفتنة والانزلاق نحو الفوضي بتصرفات تستفز الشعب السوداني وثوابته، وننادي بضرورة إحالة الامر إلى اهل الشان من ذوي الخبرات المشهود لهم بالكفاءة العلمية ، إضافة الي عدم سيطرة اي نزاعات فكرية او شخصية عليهم .