يبدو أن قوى الحرية والتغيير قد فقدت الثقة في التكنوقراط وقررت دخول الحلبة بكوادرها السياسية في مجلس الوزراء، فقد حملت التسريبات لأسماء وزراء الحكومة الجديدة أسماء لامعة في الصف الأول من احزاب قوى الحرية والتغيير من أمثال ابراهيم الشيخ وخالد سلك من المؤتمر السوداني أبوبكر فيصل من الاتحادي المعارض ومحمد ضياء الدين من البعث، بينما لم تحمل التسريبات اسماء مرشحي حزب الأمة القومي، وإذا صحت هذه التسريبات فإن قحت قد ارادت ان تنزل بثقلها لإكمال رحلة الحكومة الانتقالية نحو تحقيق أهداف الثورة، وهو ما يجعل المحاصصات حاضرة بقوة في الحكم، والمحاصصات السافرة سلاح ذو حدين، فهي ان نجحت سوف تقوي من هيمنة أحزاب قحت على المستقبل السياسي للبلد، وأن فشلت فهي ستحمل هذه الأحزاب مسؤلية فشل الفترة الانتقالية وهذا قد يجعلها خيار غير مرغوب فيه من قبل الجماهير في الانتخابات التي تلي الفترة الانتقالية.
التحديات امام الحكومة الجديدة ضخمة جدا وستزيدها المحاصصات اذا صحت ثقلا على ثقلها وتجعل احتمال فشل الحكومة أكبر من نجاحها، ملفات ساخنة متعددة تنتظر الحكومة الجديدة على راسها ملف العلاقات البينية داخل السلطة نفسها بين مكوناتها الأربعة( قحت، الجبهة الثورية، مجلس الوزراء، مجلس السيادة) وهي علاقات يفترض أن تضبط بصورة حازمة وان لا تبدر اي علامة تشاكس داخلية في الاعلام، مجلس الشركاء سيكون هو المسؤل عن هذا الضبط والتنظيم.
من الملفات الحساسة التي تواجه الحكومة القادمة ملف المعارضة للحكومة من قبل الكيزان والتنظيمات الإسلامية والحزب الشيوعي، جود هذه الكيانات خارج الحكم وهي كيانات تجيد اختراق الشارع و( سواقة الجماهير بالخلا ) سيجعل من الثورة المضادة خطر موجود باستمرار، لذلك على الحكومة الجديدة أن تضع استراتيجية واضحة ومتفق عليها بين كيانات الحكم الأربعة حول كيفية التعامل مع هذه المعارضة، واظن ان الملامح العامة لهذه الاستراتيجية لن تخرج من الإقرار بان المعارضة المسؤولة يجب أن تقدر وتشرك في المعلومات اما المعارضة المتربصة فيجب أن تواجه بحزم وحسم.
علاقة الحكومة الجديدة بالشارع ايضا من الملفات الحساسة التي قد يزيد من أشكالها وجود المحاصصات داخل كابينة مجلس الوزراء، لجان المقاومة والتنظيمات المدنية والمهنية يجب أن تواجه باستراتيجية واضحة وموحدة من قبل الحكومة الانتقالية وكياناتها الاربعة، على أساس أن كسب رضا الشارع هو الهدف الأهم في أجندة الحكومة، إشراك لجان المقاومة والشباب والمهنيين بصورة واضحة في برامج ومؤسسات الدولة سيخفف من احتقانات هذا الملف، وسيقلل من احتمالات اختطافه بواسطه المعارضة المكونة من الاسلامين والشيوعيين.
يبقى في النهاية التأكيد على ان وضوح برنامج الحكومة الانتقالية لأعضاء الحكومة وللشارع من أهم علامات النجاح، صناعة السلام وتفكيك التمكين وتجذير دولة القانون ورسم المسار الديمقراطي الانتخابي وإصلاح الأجهزة العسكرية والخدمة المدنية والاقتصاد هي الأهداف الكبرى لحكومة الثورة التي يجب أن تظهر رؤية الحكومة فيها بوضوح لنفسها وللشارع، وضع مصفوفة تؤطر زمنيا لإنجاز هذه الأهداف سوف يجعل الجميع متابعا لأداء الحكومة وداعما لعبورها حتى النصر.
sondy25@gmail.com