جيل شباب ثورة ديسمبر ربما معظمهم ان لم نقل كلهم لم يسمعوا من قبل بالهتاف الذي اخترته عنواناً للمقال (مكتب شدو ..نحن نهدو)، وحتى أعيد النشاط لذاكرة جيل انتفاضة أبريل ١٩٨٥م، التي أطاحت بالرئيس السابق جعفر نميري عليه الرحمة.
وفي أثناء الفترة الانتقالية بقيادة سوار الذهب والجزولي دفع الله جرت محاكمة مدبري ومنفذي انقلاب مايو ١٩٦٩م، وتولي المحامي الضليع والقانوني الفذ عبد العزيز شدو، رحمه الله، مهمة الدفاع عن منفذي انقلاب مايو بقيادة جعفر النميري . وإثر ذلك خرجت مظاهرات ضخمة في الخرطوم ضد الاستاذ عبد العزيز شدو من شباب انتفاضة ابريل ١٩٨٥م، فقط لأنه تطوع ووقف للدفاع عن منفذي انقلاب مايو، وهي تهتف: (مكتب شدو نحن نهدو).
ما دعاني إلى اجترار هذه الأحداث من تاريخ السودان الحديث ظهور مكتب آخر في ثورة ديسمبر العظيمة يستحق الهدم بمن فيه لأنني اعتقد أن هذا المكتب يمثل خطراً عظيماً على الثورة، ولا أعدو الحقيقة في شيء إذا قلت إن مكتب رئيس الوزراء دكتور حمدوك أصبح (خميرة عكننة) للفترة الانتقالية، وأضحى كالسوس الذي ينخر في عظم الثورة .
مجموعة ضخمة من المستشارين في كل المجالات يحتلون مكتب رئيس الوزراء، وبوظائف مختلفة، ولا تجد منهم عملاً يذكر في الساحة سوى صبّ المزيد من الزيت في النيران المشتعلة أصلاً .
اذا لم يكن الامر كذلك، فماذا نسمي البيان الذي أاصدره مدير مكتبه السيد بخيت في شأن مدير المناهج المستقيل دكتور القراي! دكتور القراي سواء اتفقنا او أختلفنا معه حفيت أقدامه بحثاً عن مقابلة مع رئيس الوزراء ليشرح له الموقف، ولكنه فشل في الحصول على مجرد دقائق معدودة مع رئيس حكومته والذي قام بإختياره لهذا المنصب الحساس .
من المسؤول عن عدم حدوث هذه المقابلة؟ قطعاً المسؤول هو مكتب حمدوك ومدير مكتبه، الذي لم يكتف بذلك، بل سارع إلى صدار بيان قال من خلال في دكتور القراي ما لم يقله بن مالك في الخمر!! هل هناك ادارة أسوأ من هذه يمكن أن تقود مكتب رئيس وزراء فترة انتقالية؟
حتى البيان الذي أصدره حمدوك نفسه في ذات الشأن .. من الذي أشار على حمدوك لإصدار مثل هذا البيان الغريب العجيب. وبدون شك صدر هذا البيان نتيحة لاستشارة ( مهببة) من أحد المستشارين الذين يعج بهم مكتب رئيس الوزراء. بالله عليكم كيف سُمح (بضم السين) لحمدوك بمقابلة كل الطوائف المذكورة في بيانه، ولم يسمح له بمقابلة القراي نفسه، وهو صاحب ( الرصّة والمنصّة ) حسب تعبيرات ثوار ديسمبر.. هل هناك عقل يمكنه استيعاب ذلك؟
ونأتي الى مستشار آخر أُطلق عليه المستشار الإعلامي والذي اختار مواقع التواصل الاجتماعي لإدارة معركته الخاصة ضد مولانا إسماعيل التاج، واستخدم معه أسلوب ( الردحي) في تصفية كل حساباته القديمة والجديدة ضد خصومه، ولم ينس أن يبرز عضلاته، ويذكر تاريخه النضالي، وتبخيس نضالات خصمه بطريقة تدعو إلى الشفقة عليه، وعلى طريقته المبتذلة في مقارعة الخصوم!!
وهناك مستشار آخر أخذ مسمى المستشار الاقتصادي يعمل على تنفيذ مطالبات صندوق النقد والبنك الدولي حرفاً حرفاً، ويعمل بكل جدية على( سواطة) الاقتصاد السوداني، حتى أصبح بلا ملامح ولا طعم ولا رائحة، وانهارت قيمة الجنية السوداني بصورة لم يسبق لها مثيل لا في التاريخ القديم أو الحديث؛ حتى أضحى الحصول على إمداد كهربائي منتظم في عز زمهرير الشتاء طلباً عزيزاً على الشعب، ولا نريد أن نتحدث عن الخبز حتى لا ننكأ جراح هذا الشعب الصامد الصابر على بلاوي مكتب رئيس الوزراء .
ولا نريد أن نتحدث عن بقية الرهط في مكتب حمدوك أمثال امجد فريد وداليا الروبي….. الخ فهؤلاء أقل من أن نذكرهم في مقال !! فمن ذكرتهم هم فقط بعض من النماذج التي ابتلينا بها في هذا الزمان الأغبر .
وآن لنا أن نسأل … هب ان تغييراً قد حدث في مجلس الوزراء، وتم تشكيل حكومة جديدة بأوجه جديدة، هل سيظل مكتب حمدوك كما هو بدون تغيير؟ هل سيظل بخيت مديراً لمكتبه وحريكة مستشاراً اقتصادياً، له واخونا القديم السليك مستشاراً إعلامياً له ايضا؟ يا للهول .. ويا للمصيبة!!
سأهتف مع الثوار: مكتب حمدوك نحن نهدو، اذا لم يتم هده بتعيينات ترقى لمستوى الثورة، وعليهم العودة من حيث اتوا غير مأسوف عليهم.