ما أظنهُ لم يخطُر على بال نافذي الحكم الإنتقالي (مدنيين وعسكريين) ، أن الشارع الثوري لم يعُد كما كان قبل عامين ، فبعد أن إختارت الحكومة عبر مُخطَّط أولوياتها المُضي في الطريق (الآخر) والمودي إلى مصالح عامة نعترف بها ولا نُنكرها ، مُتجاهلة في ذات الوقت الطريق الإستراتيجي المُتمثِّل في دعم مُخطَّطات حصول المواطن السوداني البسيط على حالة معقولة من (الرضا المعيشي) ، كان لا بُد من حدوث (إصطفاف) جديد لهذا الشارع الذي ملَّ الصبر من صبره وإصراره على التمسُّك بآمالٍ كانت تبدو في الأُفق ، خصوصاً وأن القوى السياسية الداعمة للثورة والتي كانت تضطلع بزُمام توجيه الشارع الثوري وقيادته عبر شعارات وأهداف محدَّدة ومُتفق عليها ، قد خارت قواها بفعل الخلافات المنهجية والتخطيطية والمصلحية ، ثم تنازلت عن (سُمُّوها وترُّفعها) الثوري لتلِجُ كالعادة في مستنقع محاصصات المناصب والمصالح الحزبية البحتة ، فهل تعي الحكومة الإنتقالية على كافة مشاربها أن الراهن الحالي أقرب من أيي وقت مضى إلى بزوغ وإنفجار (ثورة) على الثورة التي خيَّبت آمال الكادحين والبُسطاء ؟ ، أولئك الذين يعتقد معظمهم أن الحكومة الإنتقالية لم تُعطي الأولوية في مجهوداتها المبذولة لمصلحة الإنسان السوداني قبل كل شيء ، ولسان حالهم يقول (لمن تُبنى الأوطان وتُعقد الإتفاقيات وتُبذل الإمكانيات المُتاحة ؟) ، وما زال السودانيون يُصارعون العوز والمسغبة ويُغالبون قِلة الحيلة ، ما يحدث الآن من إنقسامات وصراعات وتهافُت حول المناصب ، مقروناً مع ما تجتهد فيه فلول النظام البائد ومن تبعهم من النفعيين ، يفتح الباب على مصراعيه لثورة وشيكة على الثورة نفسها ، أسوأ سيناريوهاتها عدم إعترافها بأية قيادة ، وعدم إنتمائها بل وربما مُعاداتها لكل ما رفعته ثورة ديسمبر من شعارات ومباديء ، وحينها ستكون البلاد جاهزة للدخول في حالة من الفوضى الخلاقة ، بمساندة ودعم سخي من ما تبقى من فلول الدولة العميقة في مؤسسات الدولة المدنية والنظامية وتابعيهم من النفعيين ، وفي إعتقادي إن لم يكن ما سبق من سيناريوهات يدور في خُلد نافذي الإنتقالية من الحادبين على مباديء الثورة وشعاراتها ومطالبها ، فلا أمل في تجاوز وتلافي ثورة (المُحبطين) بمساندة ومؤازرة ودعم من عُصبة (المُتربصين).