ظلت وزارة الخارجية تعاني عجزا كبيرا في ميزانيتها المحددة لتسيير أعمال البعثات الدبلوماسية بالخارج، حيث عجزت وزارة المالية فى توفير الميزانية المحددة للوزارة، الأمر الذي أدى إلى تراكم مديونيات البعثات، وفشلت في سداد مبالغ إيجارات العقارات ودفع رواتب الموظفين المحليين بالبعثات، وأفادت متابعات “التحرير”، ان المديونيات لم تسدد لأكثر من 14 شهرا حيث بلغت جملة المبالغ المطلوبة مائتين وعشرون مليون وسبعمائة وخمسة عشر ألف ومائتين ثمانية وتسعون دولار 220715298. مما حدا بها لرفع خطابات استغاثة عاجلة لكل من رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ورئيس مجلس الوزراء د. عبدالله حمدوك ونائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو ومحافظ بنك السودان، بضرورة معالجة الأزمة المالية الخانقة التي تكاد تكبلها من أداء المهام الجسيمة المنوطة بها ومراعاة حساسية وضعها. كرمز يمثل سيادة الدولة في جميع المحافل الدولية والإقليمية.
انفراج طفيف.
أسفرت اخيرا الجهود الحثيثة التي ظلت تبذلها الخارجية في هذا الصدد في حدوث انفراج طفيف في معالجة الأزمة، حيث تم التصديق لها بمبلغ 7مليون دولار ولكنها فعليا لم تتسلم سوى ثلاثة ونصف مليون فقط اي ما يعادل حوالي 5%من جملة المبلغ المطلوب..
تداعيات الأزمة.
إزاء تفاقم الأزمة المالية اضطرت الخارجية إلى اتخاذ إجراءات للتقليل من تداعياتها المؤثرة، وتم تشكيل لجنة متخصصة من كبار السفراء في أكتوبر 2020 م لدراسة الأمر ،وإعادة الهيكلة في عدد البعثات البالغة 86 بعثة. و أوصت بتقليص عددمن البعثات واستبدال البعض بالتمثيل غير المقيم والقنصليات، و سبق أن تم اغلاق عدد خمسة سفارات ومن ثم أعقبها إغلاق عدد سبعة بعثات أخرى أبرزها البعثة الدبلوماسية بجزر القمر وموزمبيق وبوركينافاسو والكاميرون..
شكوى المتضررين.
أعرب عدد من العاملين بالبعثات الخارجية ل “التحرير” من أنهم لم يستلموا مرتباتهم منذ أكثر من عام، الأمر الذي أصابهم بالكثير من الضرر. وان ذلك يدخلهم في حرج بالغ مع رصفاءهم من البعثات الأخرى في المجتمعات التي يتواجدون بها. وعلمت “التحرير”، ان بعض البعثات لجأت إلى إخلاء مقارها واستبدالها بأخرى أقل سعرا كما أن بعض العاملين اضطروا إلى مغادرة مقار سكنهم والسكن مع رؤساء البعثات..
مصدر دبلوماسي.
أعرب عدد من السفراء والدبلوماسيين للصحيفة عن بالغ اسفهم لما ظلت تعانيه الخارجية من تجاهل وإهمال ورثته منذ العهد البائد، حيث لجأ وزير الخارجبة الأسبق بروفيسور إبراهيم غندور لطرح الأزمة أمام البرلمان. واجمعوا بأن الخارجية تتميز بوضع استثنائي لا يحتمل مثل هذا التسويف و الوضع المؤسف، فهي الممثل الوحيد لسيادة الدولة في العالم في كل المحافل كما أن لها التزامات مالية ينبغي توفيرها لسداد مساهمات المنظمات الدولية والإقليمية، حتى لا يفقد السودان حقه في المشاركة والتصويت في الأنشطة والقرارات الصادرة من تلك المؤسسات الدولية. لاسيما أن البلاد الان تستشرق عهدا جديدا يستدعي أن تكون الخارجية في وضع يمكنها من قطف ثمار ما تحقق من رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وخروج بعثة قوات اليوناميد التي كانت تحت البند السابع واستبدالها ببعثة البوناميتس وما يتوقع من تدفق للاستثمارات الأجنبية . كلها عوامل تحتم ضرورة تمكنها من أداء دورها الفاعل على أكمل وجه