ظلت علاقة الانسان بالحيوان وثيقة فعليه يعتمد البشر على غذائهم وبالتالي على صحتهم بجانب النبات. كما ٱن الٱمراض تنتقل بين الجانبين تؤثر وتتٱثر.
من هنا كان لا بد من وقفة تٱمل في الحيوانات اللصيقة بالإنسان في مناطقنا وصحتها وعللها في إيجاز يفي بالغرض.
.. الٱبقار
ما إن يطل الفجر حتى يسرع المزارعون المجدون لجلب علف الماشية وكذا زوجاتهم للضان والماعز’ كما في الفترة المسائية ايضا حتى إن كثيرا من زمن النهار يمضي في خدمة هذا القطاع المهم.
من اهم امراض الابقار في مناطقنا وعللها وعيوبها وفق معايشتنا:
.. النوع الذي يرضع ذاته وفي هذا يمد عود من فرع شجر يربط على جانب البقرة المصابة بهذه العلة فيتعذر عليها الوصول للضرع.
.. نفاخ الكرش وكان كبارنا يرجعونه لتناول البقرة نبات اللوبيا الغض شتاء مع سياط البرد. هنا تعالج المصابة بسوائل دافئة وإن تعذر يحدثون ثقبا تخرج عبره الغازات والمواد المسببة.
.. الالتهاب الرئوي .. وفي هذه الحالة يخرج سيلان من الفم مع إعياء وعدم قدرة على الحركة. وهنا تعطى البقرة المريضة ابخرة عن طريق الفم والانف تتكون من ايقاد العظام والبروش القديمة ونحوها.
وكان من ابرز معالجي الابقار المصابة عمانا حسن موسى اي حسن حاج ويوسف فضل بما لهما من مهارة وخبرة مكتسبة.
لاحقا عين عثمان عبد الرحمن في قطاع البيطرة ودرب في دنقلا وفتحت شفخانة البيطرة بدلقو وبذا ظهرت الادوية الحديثة بجانب اضطلاعه بالكشف على الذبيح والتٱكد من سلامته مع الوقوف مع الجزارين في المسلخ للاطمئنان على سلامة الذبائح حرصا على صحة المواطنين.
الدواب
منها ما تهيٱ لحمل الاثقال وهي غالبا الممتلئة الثقيلة الخطى مثل الحمار الدراوي الآتي نسله من بلدة دراو في صعيد مصر’ ومنه كانت حمارتي السوداء المشاكسة. ومنها ما تستخدم اكثر للتنقل وقطع المسافات وتحظى بتزيين شعرها بمقص ماهر وبسرج راق حيث كانت تستخدم الشهيرة بالسرعة والخفة للسفر الى مناطق ابعد مثل كرمة وسوقها الشهير وطاحونة الصايغ التي كانت تدار بكتل الحطب قبل استخدام مشتقات النفط ومنها طحن دقيق مناسبة ختاننا بحفل بهيج لم يعكر ايامه السعيدة الا صياحي جزعا تحت مقص الفرجابي غير مكترث بزغاريد النسوة وتشجيع الرجال المحيطين فيما انتحى والدي تجنبا لمشاهدة عذابي.
اكثر ما يصيب الحمير تقيح ظهورها نتيجة السرج غير السوي والاحمال الزائدة واحيانا الساخنة كاكياس الدقيق ونحوها. وتعالج بالقطران المستخرج من ثمار الحنظل الذي يستخدم ايضا في علاج الابل وابعاد الافاعي عنها.
ويربي الابل في مناطقنا عرب القراريش وغيرهم الذين ساكنوا النوبيين قرونا وباتوا جزءا من نسيج المنطقة الاجتماعي دون تمييز يذكر.
ولما للجمال من طاقة اعلى على الحمل وصبر على الشرب واكتفاء بتناول فروع الاشجار الشوكية على حواف قرانا بجانب ارتفاع قيمة بيعها وصغارها فكان خليقا باهلنا الاتجاه لتربيتها اكثر لمنافعها المتعددة ولكنه تاثير الثقافة المكتسبة السالب.
ويستخدم الشعراء الدبر( بفتح الدال والباء ) وهو جرح ظهور الدواب في وصف تحمل الموصوفين الضغوط في سبيل اسعاد الناس وها هو سفير الفن السوداني الاول سيد خليفة يشدو على لسان مفاخرة من شرق النيل بمكارم الشيخ الطيب ود العبيد ود بدر:
ال بشيل فوق الدبر ما بميل
قدل شيخي لرباعتو مهل
ويضيف:
**
غنى وشكريه الليله يا بنيه
ترمبيلو الملك بيتو الماهو عاريه
طاحونتو البتدور الماه مكريه
ايدك المطره الرعدت ودودت وصبت نهاريه
وكانت الحمير تستخدم ايضا في النوريق اي درس المحاصيل وحديثا في الكارو وفي المهرجانات التي تنظمها المدارس غالبا في المناسبات القومية حيث تجرى مسابقاتها في السرعة واكثرها امتاعا حين تركب بالمقلوب فتسرع بعضها للهدف فيما تنحو اخرى لاتجاهات شتى وسط ابتهاج المحتشدين وتصفيقهم وحماستهم.
معروف ان الحمار شعار الحزب الديمقرطي الامريكي حزب اوباما وبايدن فيما الفيل شعار الجمهوري حزب الخواجة ترامب العجيب.
الضان
تشاركها الماعز في حظيرة واحدة داخل البيوت ولكنها اخذت مواقعها خارجها لاحقا اتقاء ثغائها وافساحا لمجال اوسع لساكنيها وتخصيبا للارض الزراعية ولذا يصمم بعضهم حظائر متنقلة لتوسيع رقعة النفع.
واكثر ما يصيب الضان ضمور بعضها وادماء قرون بعضها نتيجة التشابك والصراع بينها مع اصابة فراء بعضها وصوفها ولكل حالة علاجها المتوارث. وغالبا ما تتولى ربة البيت العناية بالقطيع.
الدواجن
تتولى تربيتها النساء وتتشكل من الامات والسواسيو وتحفظ ليلا في قن ” كامار ” داخل البيت ويطلق سراحها نهارا لتقتات خارجه وتسعى في الهواء الطلق تحت اشعة الشمس ما يكسبها عافية.
وهي تكاد تكون محدودة لا تتجاوز عشر دجاجات وديك حسن الصوت يؤذن بانبلاج خيوط الفجر:
يصيح ديكي بدري
يقول كيكي كيكي
واكثر ما يصيبها ما يطلق عليه ” هيم ” وهو عبارة عن مرض يتنقل بينها وقد يحدث فيها موتا جماعيا وهو ما تسميه النسوة ” شووتة ” وهي اقرب لجائحة كرونا عصرنا الفتاكة للبشر.
وكان نقلة تدريب محمد مالك محمد حسين ممرضا وفنيا في الانتاج الحيواني بدنقلا مع انشاء مزرعة دواجن كبيرة.
وكان البيض متاحا تاخذه الجارة من جارتها مجانا كما كان الحال في الحليب لان تربية الابقار والاغنام والدواجن كانت شائعة تحرص عليها كل الاسر وكنا نغذي المستشفى والداخليات والموظفين من البيض والحليب والخضراوات والشمام والعجور وحتى الكباش وغيرها ويذهب الفائض لاهلنا وجيراننا في السكوت ووادي حلفا واليوم اصبحنا ننتظر بكاسي كرمة والبرقيق لشراء طبق بيض او علبة زبادي وكٱن نيلهم لا يمر بنا!
المهملات
لا تجد بعض الحيوانات حظا من الاقتناء في مناطقنا كالحصين والارانب والبط والاوز والحمام والٱسماك هبة الله العظيمة الفائدة المجانية
اما الكلاب والقطط فمغلوب على امرها فقد تجد فتاتا تقيم اودها او تتعرض للجوع والهزال والعالم الاول يخصص لها المستشفيات والفنادق والازياء والاكسسوارات والاطعمة الشهية بل هناك اجنحة يتولاها مختصون لرعايتها ريثما يعود اصحابها من العمل فيٱخذونها على سياراتهم لبيوتهم وسط رعاية وتدليل وعناية عجيبة بينما نحن الاولى بالعطف على الحيوان انطلاقا من قيمنا.
.. الضيافة
تعتمد الضيافة العابرة في مجتمعنا على المشروبات الباردة والساخنة فضلا عن التمر.
اما الضيافة المرتبة بدعوة فهنا يجب نحر شاة واحيانا حتى للضيف العزيز ولو جاء بغتة وهذا يعتمد على مكانة الضيف وغرض الزيارة ومدى المسافة.
اما الدجاج فيقدم لاهل الدار احيانا كمكرمة وللضيف الخفيف وللعريس وللعائد من سفر بعيد.
وفي هذا جاء عم لنا من مصر ورابط شابان للتلصص عبر طاقات التهوية ليلا. وحين فرغ وزوجته من انسهما الخاص طلب عشاءه فاسرعت زوجته للدجاجة المحمرة التي تركتها على المعلاق ” المشلعيب ” وكان قريبا من النوافذ فلم تجدها فقالت متحسرة:
لقد تعبنا من كديستي فلانة وفلانة..
بعده بقليل كان الشابان يجلسان تحت ضوء القمر بعيدا يضحكان وهما يلتهمان الديك المحمر الشهي ويرددان:
نحن الكديستان
هههه
خليتكم بعافية
الخرطوم