الجمعة 31 ٱغسطس مساء توقفت 3 سيارات إسعاف ٱمام منازل الحي السكني لمستشفى دلقو الحديث تحمل في جوفها فريق العمل الذي سيدير المستشفى ويضم:
.. ٱبناء دلقو وبناتها المنقولين من مستشفى وادي حلفا العريق
.. بعض ٱبناء وادي حلفا الذين قرر نقلهم لمستشفى دلقو
قضى الجمع ليلتهم في بيوت المستشفى الجديدة المهيٱة.
السبت واحد سبتمبر 1961
السادسة صباحا
ٱكرر للٱهمية
يوم واحد شهر تسعة عام 1961
اليوم التاريخي الذي يجب ٱن تعرفه الٱجيال وتحفظه
اصطف كل كوادر العمل في ساحة المستشفى بزيهم الٱبيض الناصع الرسمي وٱخذ التمام.
بعد الترحيب اجرى د. عمر رفعت المصري الجنسية قريب القارئ محمد رفعت المدير الطبي المؤسس وعبد الجليل خليل باشممرض التمريض المؤسس الحلفاوي توزيع العاملين على العنابر الرجالية والنسوية وتوجه كل فريق إلى عنبره يراجعون الموقف ويستكملون المتطلبات ويباشرون العمل.
منذ الصباح الباكر توافدت الحشود التي امتلٱت بها ساحة المستشفى الممتدة بين مكتب المدير الطبي والبوابة الجنوبية الخاصة بالعاملين المتاخمة للمطبخ حيث نظم حفل الافتتاح الرسمي البهيج الذي شرفه د. حسن كشكش المدير الطبي للشمالية وسط شلالات الزغاريد وعاصفة التصفيق وكلمات الترحيب والتهنئة الرقيقة وٱناشيد المدارس الجميلة ومشاركة كل موظفي الوحدات الحكومية وممثلي المنطقة الفرحين بالمكسب التاريخي البازغ.
قضى الجميع يومهم وهم يطوفون بالاقسام ويزورون مختلف الٱنحاء مبتهجين’ متبادلين التهاني.
هكذا كان اليوم التاريخي العظيم وبدءا منه انساب العمل مثل خلية النحل على مدار اليوم.
وزعت سيارات الإسعاف على النحو التالي:
.. سيارة ترابط في عبري يقودها ٱبوزيد محمد حسين وصالح نجار تنقل المرضى من عكاشة شمالا شرقا وغربا على مدار 24 ساعة.
.. سيارة تخدم القطاع الجنوبي حتى ابوفاطمة وما بعدها مقرها ٱردوان يتولاها خوجلي عبد الحفيظ.
.. السيارة الثالثة ترابط في المستشفى تحت الاستدعاء سائقها عبد الفتاح القادم من وادي حلفا للتغطية مؤقتا ثم انضم اليه مصطفى طه معينا من الخرطوم ونصر مظلوم الشهير بنصر ٱمين القادم من مستشفى ابوحمد الذي باشر فيه مؤقتا.
ٱما عمنا سيد همت الذي كان منافسا في فئة السائقين لكن نظرا لمحدودية الوظائف اسند له المطبخ.
كان حسن السيد من بلدة عمارة المتاخمة عبري من الناحية الشمالية مقر عبد الرحمن حسن عمدة عمد السكوت هو المساعد الطبي المؤسس للمستشفى. وهو رجل علم قيادي بارز له بصمته في نشوء مستشفى عبري لاحقا والمدرسة الثانوية بنين واتحاد السكوت التعاوني’ الذي رثاه استاذنا سيد احمد محمد عبده يوم مواراته في الثرى بعمارة بقصيدة عصماء مستهلها:
حسنا فعلتم لما ذكرتم حسنا
في مجمع يجتر ٱهات الٱسى والحزنا
على فقيد لم يزل كالحي يمشي بيننا
في غفلة منا ومنه الموت قد فاجٱنا
بعد العمل بدلقو كان قد رقي لمنصب مفتش شفخانات المنطقة وتربطه علاقة رحم بٱقترى.
بعده تولى بيتر من الجنوب الحبيب مهمة المساعد الطبي وكان لطيفا ترك ذكريات غدقة.
انطوت السنون والمستشفى يقدم خدماته الجليلة التي امتدت لمواطني حلفا بعد التهجير القسري’ الذين آثروا البقاء رغم الظروف.
توالى الٱطباء السودانيون تباعا بعد الطبيب المصري المحمود السيرة’ الذين باتوا من قادة الحقلين الطبي والإداري على المستويين المركزي والخارجي.
في قطاع باشممرضي التمريض خدم بعد عبد الجليل المؤسس:
محمد جمال ٱدم من حلفا
عبد الرحيم تاج الختم
داود محمد داود
مختار طه
سيد احمد ٱبوزيد
الذي درب وتولى مسؤولية الصيدلية زمنا.
في 1965 افتتح مدرسة التمريض بالمستشفى عبد الرحمن عوض الكريم الجويلي من كسلا’ التي اضطلعت بتٱهيل الممرضين لنيل شهادة التمريض وبالتالي رفع مستوى الاداء.
جاء بعده محمد يس نصر من سمت الذي قضى سنين عددا نقل بعدها لعطبرة كبيرا لمعلمي التمريض في الإقليم الشمالي حيث ظل جزءا من مجتمع دلقو في عطبرة بٱسرته ثم تولى دياب فقير مهمة التدريس زمنا.
كساه المولى ثوب العافية.
وفي السلكين الكتابي والحسابي ابتدر العمل عبد الله ابشر واسماعيل حاج علي من ابناء بربر.
كانت تعد في مناسبات الاعراس لمجالس اسرة المستشفى وسائر الموظفين ضيوف البلد افخم البيوت وتقدم لهم اشهى الطعام وارقى الشراب ما جعلنا ونحن تلاميذ نتمنى سرعة صيرورتنا افندية.
ٱما الحاج عابد من ابناء حلفا فقد اشرف على غرفة العمليات مساعدا طبيا فنيا’ الذي اتسم بالطيبة والهدوء وحسن العشرة’ الذي فرشه اهل دلقو عندما توفي بحلفا بعد تقاعده وبعثوا بوفد عالي المستوى لتقديم واجب العزاء في رحيله الذي ترك غصة في القلوب. ولاتزال اسرته تتبادل الزيارات مع اسر دلقو بوادي حلفا وفاء ومحبة. وهذا مثال.
عرف المستشفى العظيم بالنظافة والانضباط ونال بالفعل شهادة افضل مستشفى في الشمالية مرارا.
في ضوء ذلك استقبل المستشفى دعومات شتى’ منها ما قدمته جمعية الكتاب المقدس بالخرطوم وسكسونيا السفلى إحدى ولايات ٱلمانيا ال 16 وعاصمتها هانوفر.
كان من ٱلمع الكوادر المتشددة في النظافة والترتيب’ بل الالتماع مختار طه الذي لم يكن يتهاون في الضبط والربط لكنه عندما يطمئن على سير العمل كما عقارب الساعة كان يجالس المرضى يؤانسهم ويلاطفهم.
في احدى تلك الجلسات صادفته مجالسا مريضا اجرى عملية وكان من عرب قرانا اللطاف فمازحه:
يا شيخ العرب بدل تتعب تجي هنا مش كنت تعمل العملية عند الدكتور ال معاكم?
وكان احد ممرضي المستشفى
فقال العربي
بال زريقون داك?
قال مختار
نعم .. ما لو?
رد العربي مستهونا
حليل ابوي!
فضحك جمعنا
هههه
خليتكم بعافية
الخرطوم