د.الناير : عدم التوافق على السياسات أكبر مشكلة تواجه الانتقالية
د.عادل: قحت تعاكس الإصلاح الاقتصادي ووزيرة المالية في عين العاصفة!!
سعد : يجب إدخال نظام ضريبي جديد يبنى على ضريبة تصاعدية
عام وثلاثة أشهر مرت من عمر الحكومة الانتقالية برئاسة رئيس الوزراء السوداني د. عبدالله حمدوك، يجري تحت جسرها وبشكل متسارع كثير من التحديات والأزمات ، فحتى اليوم ما زال يشكو الجميع سوء الأوضاع المعيشية والصحية والتعليمية، ولم تهدأ أنفاس المواطنين من الركض وراء الحصول على أبسط مقومات الحياة من “كهرباء ومياه ” .. وأبت صفوف الخبز أن تبارح مكانها وهي ترسم واقعاً قبيحاً كان من المؤمل أن تتلاشى فصوله التي بدأت سيناريوهاتها في عهد الانقاذ البائد وبشكل جذريا
الآن تتكاثف الأزمات في كافة المجالات بشكل متماثل مع عدم وجود افاق لحلول قريبة ، فهل ما يحدث من محاولات اصلاح الوضع عملية لشراء الوقت ام ماذا ؟ و ما هي مالات المستقبل القريب بالنسبة للوضع الاقتصادي بالبلاد ؟
خيبة أمل
خيبة امل كبيرة تصاحبها حالة استياء اصابت المواطن السوداني الذي وصل الى الحد، وهو يواجه عواصف مدمرة كان يتوقع انتهائها مع تغيير نظام الانقاذ ، فقد انهكت الازمات الاقتصادية كاهله واصبح يبحث عن ما يقويه للصمود يصف البعض من المواطنين ما يحدث في الساحة أنه فشل كبير واظهرتذمراً جراء الوضع الذي رأوه مأزقاً من الصعب معالجته، وقد يعجل برحيل رئيس الوزراء السوداني د. عبد الله حمدوك وحكومته .
ويقول المواطن أحمد كرار فشلت الحكومة في ادارة الازمات الامر الذي اسهم في الارتفاع المتواصل في سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني، وتخوف من التشكيل الحكومي الجديد بأن ياتي بأسوأ السيئين، وتظل الازمات تلاحق الشعب باستمرار في حالة تنام متصاعد ، فيما يقول المواطن عباس حسين ازمة السودان وليدة تراكمات من الفشل الاقتصادي مستمر منذ عقود دون محاولات حقيقية وجادة للإصلاح، مؤكداً أن الوضع بحاجة الى كثير من الدعم السياسي والاقتصادي والعمل على تحقيق تطلعات الشعب.
ملامح الازمة
فبحسب المعطيات برزت أزمة الاقتصاد السوداني في شح السيولة النقدية والدقيق والمواد البترولية والدواء وتدهور قطاع المواصلات وارتفاع التعرفة الى اسعار غير مسبوقة، وازمات معيشية تجلت في ازمة الخبز وارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية والمواد التموينية الى عشرة اضعاف، وشح الدواء وارتفاع تكاليفه وهبوط متواصل للجنيه السوداني امام الدولار، وشح في السيولة بالاسواق بالاضافة الى تدهور البنى التحتية والتعليم والصحة وانعدام الخدمات الضرورية البسيطة، يقابل هذا الوضع إرتفاع كبير لنسبة الفقر فبحسب اشارات رئيس الوزراء سبتمبر الماضي في المؤتمر الاقتصادي ان نسبة الفقر في البلاد وصلت الى(65%)، واكد ان حكومته ورثت وضعاً معقدا من نظام البشير، غير ان الخبراء يؤكدون نسبة الفقر بلغت (75%) ، والوضع في هاوية تتطلب الصبر على تنفيذ سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي
تنفيذ خطط
شرعت حكومة حمدوك منذ تشكيلها في إنفاذ خطة لرفع الدعم عن السلع والخدمات الضرورية مثل الوقود والكهرباء والخبز، الامر الذي فاقم الضائقة والازمات، كما توصلت الى برنامج اقتصادي مع صندوق النقد الدولي والذي يستغرق مدة(12) شهراً بمجرد اكتماله بقول الخبراء لـ”التحرير” سيفتح الابواب امام التمويل والاستثمار الدولي في القطاعات الانتاجية والبنى التحتية وخلق فرص العمل للمواطنين خاصة الشباب وتعزيز جهود مكافحة الفساد والحكم الرشيد، وبالعودة الى الوراء تجدر الاشارة الى ان الحكومة اتخذت عدة تدابير للتصدي للوضع ، فكانت الية حمدوك واحدة من الاليات التي تم تشكيلها لكبح جماح الضائقة المعيشية التي تشهدها البلاد لكنها فشلت بحسب حديث خبراء الاقتصاد الذين اشاروا الى ان الالية سعت الى كبح جماح الضائقة بموارد شحيحة وامكانيات متواضعة بفضل سياسات نظام الانقاذ البائد مما نتج عنه تازم الوضع ودخول البلاد في نفق اقتصادي مظلم بتفاقم الازمات بشكل لافت.
ضعف وعجز
ووفقا للوقائع تفاقمت الازمات الاقتصادية مع عجز الحكومة الانتقالية في ادارة البلاد بسبب الضعف الاداري وفقدان رؤية وخطة اقتصادية واسباب متمثلة في العجز امام السيادي وخاصة امام المكون العسكري لممارسة دورها الطبيعي حسب نص الدستور، فالمكون العسكري الذي يدير ما يفوق الـ(80%) من موارد البلاد الاقتصادية اضافة الى ترأس الجنرال اللجنة الاقتصادية التي تركت لها امر اصلاح الاقتصاد وتوفير الموارد ، في ظل معاناة المواطن للحصول على احتياجاته الاساسية والضرورية من خبز وغاز وعلاج رغم غلاء اسعارها الامر الذي جعل المواطن حائرا بسبب ندرتها تارة وضيق ذات اليد تارة اخرى.
اس الازمة
بحسب الخبير الاعلامي سعد محمد احمد رغم رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية ” قمح وقود ” نجد ان الحكومة عاجزة عن تقديم رؤية للخروج من هذه المستنقعات، وارجع السبب إلى أن الحكومة عجزت عن تنفيذ اهداف الثورة، وجعل التغيير ممكناً بتنفيذ ازالة التمكين في مفاصل الدولة الاقتصادية وتحقيق الاستحقاقات الاقتصادية والسياسية وبناء مؤسسات المجتمع المدني.
واشار إلى أن مظاهر الازمة تتمثل في تصاعد سعر الصرف دون اي مبرر سوى الفوضى والاقتصاد الموازي ، ويرى ان ارتفاع الدولار بهذا الشكل الجنوني ماهو الا مضاربات عبثية ريعية في السوق وتضخمه بالاشارة الى التزوير الكبير للعملة السودانية الذي اصبح يمارسه حتى الاجانب الموجودون في البلاد، واضاف أنه امام هذه الظاهرة الغريبة والتدميرية تتغافل الاجهزة الامنية في ايقاف العبث والقبض على المجرمين ومحاكمتهم
اكسجين الحياة
ويضيف الخبير الاعلامي لـ”التحرير” هذا الوضع يضع الجميع امام مسؤولية كبيرة تتطلب وضع علامة استفهام كبيرة هل هذا التغافل مقصود ام ان في الامر شيئا ما؟ خاصة العملة السودانية المزورة يقدرها الخبراء بالمليارات وتستغل لشراء الدولار، ويقول هذا الدولار الذي جعل كل مفاصل الاقتصاد السوداني مدورة حتى اصحاب” الركشات “او البقالة او بائع الخضار يردد “الدولار زاد ” ، بالتالي الوضع بحاجة الى موارد من النقد الاجنبي لاصلاح حال البلاد ومواجهة الازمات الانية اذا فرض الوضع رجوع الناس الى بدائل للعلاج في شكل ادوية بلدية من اعشاب وغيرها السؤال الذي يحتاج الاجابة ماذا يفعل المواطن امام غول الاسعار وندرة السلع والخدمات؟ وتابع لا شك ان الوقود من غاز وكهرباء اصبحت اوكسجين الحياة
اصلاح ضريبي
ويؤكد محمد ان كل الاشكالات الاقتصادية في حاجة الى موارد من النقد الاجنبي لحكومة ورثت اقتصاداً منهاراً ومؤسسات انتاجية تم خصخصتها وبيعها، مع تدني للصادرات بسبب الانتاج وعدم القدرة على المنافسة في السوق الاقليمي بل داخل البلاد لم يتبق الا الضرائب كمورد اساسي للموازنة، وهذا الجانب له شقان الاول التهرب الضريبي والاعفاءات غير المستحقة ثم النظام الضريبي الذي يعتمد على الضريبة غير المباشرة بشكل اساسي وهي تشكل نسبة كبيرة داعيا الى الاصلاح بادخال نظام ضريبي جديد يبنى على ضريبة تصاعدية وضريبة على الرساميل، باعتبار ان النظام الضريبي الان يتحمل عبئها المواطنين مما يتطلب تحقيق العدالة الاقتصادية في هذا الجانب.
حصار وخطط
ويؤكد المحلل الاقتصادي دكتور عادل عبد المنعم أنه من الطبيعي بعد اندلاع الثورة ان تواجه البلاد ازمات كبيرة وعدم استقرار ومعاكسات من الفصائل المختلفة المشاركة في الحكم، اضافة الى التركة المثقلة التي ورثتها الحكومة في العهد البائد، والمتمثلة في خزينة فارغة وعدم ايفاء الدول العربية بالتزاماتها نحو الثورة بدفع (2.7) مليار دولار تم استلام (700) منها فقط، واضاف لـ”التحرير ” تختلف تلك الدول ايدلوجيا مع الثورة وهي ضد الثورة والديمقراطية وثورات الربيع العربي، بالاشارة الى انها لا يمكن ان تخالف تعليمات اميركا ذلك لافتا الى الدور المصري الذي يريد ان يكون السودان تابعاً له فهو ايضا شارك في الحصار على حكومة الثورة بطريقة غير مباشرة مما اثر على الدول العربية على ان لا توفي بتعهداتها المالية.
احجام داخلي
واردف عبد المنعم ، في الماضي كان تجار النظام السابق يسيرون الامور الاقتصادية بما يملكون من مال في الخارج، ويستوردون القمح والوقود مقابل تعويض تقدمه حكومة الانقاذ، فبعد قيام الثورة احجموا وانقلبوا ضدها وضد الاقتصاد بالمساهمة في الازمات بصورة كبيرة، ساعد على ذلك التخبط وعدم اتخاذ القرارات القوية خاصة بعد ان آلت الحكومة للمدنيين في سبتمر الماضي، اوشار إلى أن الوضع خلال الفترة من ابريل حتى سبتمبر كان افضل نسبة ان المهام كانت للجنة الاقتصادية التي كونها المجلس العسكري حيث انها كانت فعالة، واتخذت قرارات سريعة وسيرت الامور لمدة (6) شهور ، لكنهم اخطؤوا في رفع الدعم عن الوقود حيث والانفراد بالقرارات لوحدها، فكان بالامكان رفع سعر الدولار الجمركي لتصحيح جزء من المشكلة.
عدم اهتمام الاجراءات التي تمت خلال هذه الايام متمثلة في الخبز التجاري والوقود التجاري وغيرها من الاصلاحات جاءت متأخرة وكان يجب اتخاذها منذ عام ونصف، بل كان يجب اتخاذها منذ العهد البائد الذي تخوف من تنفيذها حتى لا يخرج الشارع ضد النظام بحسب عبد المنعم الذي اكد ان حكومة حمدوك لم تول موضوع الخبز اهتماماً كبيراً، فما زالت حتى اليوم اكبر المطاحن التي تمد البلاد بنسبة (60%) من احتياجاته وهي مطاحن سين مملوكة للنظام السابق، وكذلك لمطاحن التي يملكها راسمالية مثل ويتا وسيقا وروتانا ، ويرى كان على حكومة حمدوك ان تؤمن هذه المطاحن منذ البداية.