رغم التفاؤل الكبير الذي ساد البلاد بوصول وفد مقدمة بعثة اليوناميتس مما يجسد التحول الكبير الذي حدث في علاقة السودان مع المنظومة الدولية الأمم المتحدة بتحول السودان من البند السابع الذي قضى بدخول قوات اليوناميد إلى البند السادس بعثة اليونيتامس، والذي تم عبر انتقال سلس بخروج قوات اليوناميد في 31 ديسمبر 2020 م
دخول بعثة اليونيتامس تم استجابة لرغبة الحكومة الانتقالية عبر طلب رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك ببعثة اليونيتامس لتكون بمثابة صمام الأمان لدعم الانتقال السلمي للسلطة في السودان.
أهداف ومهام البعثة
تهدف بعثة اليوناميتس إلى المساعدة في مواجهة التحديات التي تواجه المرحلة الانتقالية المتمثلة في تنفيذ اتفاق السلام واكماله بانضمام عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد نور. والمساعدة على تنفيذ عمليات الدمج والتسريح ومعالجة الأزمة الاقتصادية وتقديم المساعدات الفنية لإعداد دستور البلاد الدائم بمساعدة خبراء دساتير دوليين والمساعدة في التعداد السكاني وإعداد السجل الانتخابي والإشراف على العملية الانتخابية علي أن تنتهي مهمة تفويض البعثة بالبدء الفعلي لانتقال الحكومة الانتقالية إلى حكومة منتخبة.
تكوين البعثة
كشف مصدر دبلوماسي رفيع للتحرير أن بعثة اليونيتامس عبارة عن بعثة سياسية متكاملة تتكون من عدد 269 فرداً فقط. لتعمل بتجانس وتناغم مع اعضاء اللجنة التنفيذية التي أنشأها رئيس الوزراء بالقرار الوزاري رقم 228 برئاسة السفير عمر الشيخ وبمشاركة عدد16عضو من الجهات ذات الصلة ممثلة في الخارجية الدفاع المالية الداخلية.
وبدأ وصول وفد مقدمة البعثة منذ نهاية أكتوبر الماضي وقد شرع الوفد في البدء بإعداد العمليات اللوجستية والتأسيس و سيصل البلاد مطلع فبراير المقبل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رئيس البعثة ذو السيرة الذاتية الباذخة الأكاديمي والسياسي الألماني فولكر بيرتوس الذي يجيء في أعلى تمثيل للامم المتحدة بدرجة وكيل الأمين العام. وأبان المصدر للتحرير انه تمت الموافقة على اعتماد نسبة 70% من الوظائف بالبعثة للسودانيين..
تفاقم صراع دارفور وأثره في البعثة
قد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن هذا المثل يكاد ينطبق على الوضع الراهن في البلاد، نتيجة اندلاع وتفاقم الصراع الذي يشهده إقليم دارفور حاليا وما حدث من انفلات أمني بمدينة الجنينة ونيالا والذي نتج عنه اغتيال 129 قتيل من المواطنين وجرح 198 جريحاً، ونتج عنه بروز مخاوف شتى من استمراره وعدم إخماده مما قد يترتب عليه اللجوء لتغيير تفويض بعثة اليونيتامس واستبداله بالعودة مجددا إلى قوات اليوناميد.
هذا التوقع المحتمل إذا تم تنفيذه على أرض الواقع حتما سيجد الترحيب ممن يتوافق مع رغبتهم، وخاصة من قبل من خطط لذلك من المعارضين لخروج قوات اليوناميد من دارفور وهم كثر…
وقد أجمع عدد من المراقبين في حديثهم للتحرير أن الأحداث الراهنة والانفلات الأمني في الإقليم ممارسات مفتعلة من بعض من تقتضي مصالحهم الذاتية تمديد الصراعات القبلية وتفاقمها، وتشير أصابع الاتهام إلى بعض فلول النظام البائد الذين ينشطون بخلق معطيات كارثية القصد منها تعرية الحكومة الانتقالية ووصمها بالفشل.
كما أن هنالك جهات أخرى أصابها الضرر من خروج قوات اليوناميد التي وفرت آلاف الفرص من وظائف لمختلف
الفئات الان هم عاطلون عن العمل. عطفا على وجود رجال أعمال وشركات ارتبطت مصالحهم طيلة 13عاما بتوفير كافة احتياجات اليوناميد حيث كانت تبلغ تكاليف نفقاتهم أكثر من مليار ونصف المليار دولار لبعثة قوامها يتكون من7 آلاف ومائة فرد. مع عدد يفوق 750 سيارة.. كل هذه العوامل انقطعت فجأة مخلفة واقعاً مختلفاً.
تقييم الوضع
رغم القناعة بأن قوات اليوناميد فشلت في توفير الأمن في الإقليم مستدلين بأنها كثيراً ما استنجدت بقوات الدولة المضيفة لحمايتها. ولكن تضاربت الآراء ما بين ضرورة بقائها أو مغادرتها. أصوات تعارض خروجها حفاظا على مصالحها، وأخرى تعارض الخروج خشية من انفراط عقد الأمن لدرجة تعجز الدولة في إحتواءه.والعودة لمربع الصفر .
مصدر دبلوماسي رفيع تنبأ في حديثه للتحرير بروز عدد من السيناريوهات المحتملة جراء تفاقم الصراع في الإقليم المضطرب مما يبعث برسالة سالبة للأسرة الدولية خاصة التي كانت مؤيدة لبقاء قوات اليوناميد لفترة أطول لقناعتها بهشاشة الأوضاع الأمنية، رغم ما تحقق من اتفاقية السلام فهو بنظرها مازال منقوص والتهديد موجود.
وتساءل المصدر: هل تكتفي الأمم المتحدة بدور المتفرج فيما يحدث الآن في دارفور، وإلغاء اللوم على الحكومة لعجزها عن كبح جماح التفلتات الأمنية ام ربما تعيد النظر بتعديل مهام تفويض بعثة اليوناميتس إلى العودة للبند السابع.
وألمح المصدر إلى إمكانية أن تلجأ الأمم المتحدة لإصدار قرار شبيه بالقرار السابق رقم 1706 للعام 2006 وتقر بضرورة إرسال بعثة سلام مكتملة الأركان ليس لدارفور فقط وإنما تشمل كل ولايات السودان إذا لم تحول الأزمة المالية التي تشهدها المنظمة الدولية في تحقيق ذلك، مختتما بقوله لتفادي كل تلك السيناريوهات ينبغي أن تقوم الحكومة بواجبها بفرض السيطرة المحكمة والقابضة لوضع حد للصراعات المندلعة بين الفينة والأخرى والتي أصابت عداوها بعض الولايات….
وقطعا ستكون الايام القادمة حبلى بالكثير.