بيده اليمنى يصافحك وبيسراه يكفكف أدمعه التي تحدثك عن قلبا عطوفا رحيما وملاقاته للكبير والصغير قبل ان تكون امتثالا لصلة الارحام هي رتق للنسيج الاسري وديدنه للقريب والبعيد ومنذ ان سكن قرية القدار ريفي دنقلا العجوز برا بوالديه ليجاورهما بعد رحلة الاغتراب الطويلة بدولة قطر والتي نسج بها علاقات ما زالت ممتدة مع مجموعة أخيار عملوا معه بشرطة مطار الدوحة ..وظلت انموذج للتلاقي الانساني لجسم السودان المتنوع بقبائله وفخوزه ولهجاته والتي ينقلها معه الزول الشهم الكريم اينما رحل كصالح الرجل الصالح غفر الله له وادخله الفردوس الاعلي مع الصديقين والشهداء .
صالح علي طلب كرار سليل اسرة عريقة التزمت بنهج كبيرهم الذي لم تغريه مباهج العاصمة والمدن الكبيرة وألبس قناعته لكل ابناءه بان يكون ديدنهم تعمير ارض جبل قدار وفلاحتها وغرس النخيل وزراعة الفول والقمح والذرة الشامية وتربية الأغنام والخضر .اسلم صالح روحه لباريها في هدوء وسكينة تشابه وجهه الصبوح نهار الاحد ١٧ يناير٢٠٢١ ورغم جائحة كورونا فقد توافد للصلاة عليه الكثيرون بمقابر فكي عوض جوار الصالحين والتسعة وتسعين بنية فالمرحوم طيب الله ثراه كان عميق الثقافة في الارث والتراث و دايما ما ينسج الحكايات عن آثار دنقلا العجوز ويلونها بمفرداته للدرجة التي يأخذك لمغارات ودهاليز مسجد الأثر لتعيش لحظات حينما حط الصحابي عبدالله ابن أبي السرح رحاله في تلك البقعة المباركة ليعقد مع أعيان البلد ورموزها ما يعرف باتفاقية البقط لرعاية مسجدها وحرمته ودنقلا العجوز الغنية بتراثها وشواهد حضارتها التي ما زالت مغمورة بباطن الارض ويتجول بك بخياله الواسع وأريحيته في الحديث لخلاوي القران ورجالات الفقه والحديث وهو الشاعر الذي يعشق نسج الكلمات ويطعمها بالحكمة والموعظة فلا تمل جلساته وحكاياته الحافظ لحكاوي الحبوبات والأجداد .. بكته الصبايا والشيب والشباب والجدات اللاتي يحدثهن بلكنة دنقلاوية قح رغم لسانه العربي الفصيح ..
العام ٢٠٠٦ حينما عقدنا العزم بناء مسجد بحلة ود درار بالقدار اختلف ساكني الحي وبعض الاهل في القطعة التي اختيرت لقيام المسجد بعضهم اعترض علي اقتلاع شجرة الدوم المعمرة والتي يقال ان اجدادنا غرسوها فباتت تنتج ثمارا وتشكل رمزا لعمرها التليد اخرين كانوا متضررا من لعب الصبية تحت ظلالها ورمي ثمار الدوم بالحجارة وهكذا فحضر صالح رطب الله قبره برحيق الفردوس وقطع قول كل خطيب وحكي للجمع كيف ان المساجد يختار الله أمكنتها وان ناقة المصطفي عليه افضل الصلاة والسلام بركت في البقعة المباركة والتي هي اليوم مسجد المدينة المنورة فكان ان كبر وهلل الجميع وباركوا حفر الساس لمسجد ود درار والذي هو الان احد العلامات البارزة بالقرب من منحنى النيل في تلك القرية الآمنة الوديعة .
وهكذا هو وليد مسكة كانور الأجواد الكريم لم يبخل بماله ولا بخيرات ارضه فمجلسه تحت ظلال اشجار النخيل مرتع للصبايا واستجمامة للخالات وحلال عقد للمحتاج والمريض وكرمه فاض وأياديه البيضاء طالت المسجد العتيق بالقدار وللشفخانة وتعبيد الطرق و للجودية وللنفير لاصلاح حال القرية .. غادر صالح ليلحق برفيق دربه وتؤام روحه محمد عبداللطيف وليد أمنه كانور ولا يعلم ان غيابهم سيوجع القدار شرقا وغربا ومن لتي لحلة المسيد للحمنتني بكته مريم كانور وعاجبة وحجي وكيف لا تذرف الدموع حينما يتهد جبل الجود والكرم الانساني العزاء متصل لأبناءه نادر ووضاح ورماح ورامي وقصي فكونوا علي دربه فانتم من بطن أحسنت تربيتكم يا سلالة ابناء جبل القدار التليد .. ولا نقول إلا إنا لله وأنا اليه راجعون
اعلامية كاتبة
Awatifderar1@gmail.com