يمثل قرار وزارة الخارجية الاخير باستدعاء وزير خارجية السودان لدي دولة قطر، علي خلفية تصريحات الاخير في شأن القمة الخليجية الاخيرة ، يمثل احدي النكسات التي تعبرها الخارجية بعد تنامي الصراع في ادارة الملف الخارجي، وضعف مستويات التمثيل والكفاءات التي توكل لها الادارة الدبلوماسية، بجانب الصراعات التي تقودها احزاب بعينها في سبيل السيطرة على مقاليد الامور في الشأن الخارجي للبلاد . وكان سفير السودان بالدوحة، عبدالرحيم الصديق ارسل خطابا لوزارة الخارجية القطرية معبرا عن موقف وزارة الخارجية السودانية مشيدا بمخرجات القمة الخليجية و” مهنئا” بانتصار قطر، وهذا ما اعتبرته وزارة الخارجية منافيا للحقيقة، ويقول سفير سابق ” رفض ذكر اسمه” ان هذا الفعل يخالف الاعراف الدبلوماسية ويصب في خانة التعدي علي السياسية الخارجية ، ولم تكن تلك الحادثة الاولي في وزارة الخارجية في الفترة الاخيرة، ولاتزال الاسافير تتدول ما صرح به السفير حيدر بدوي، الناطق الرسمي السابق بوزارة الخارجية عندما كشف عن مبكرا عن خطوات تبذلها الدولة في سبيل التطبيع مع اسرائيلن مما جعل الوزراة تصدر بيانا تتبرأ بها من تلك التصريحات، وذكرت وقتها ان الوزارة ليست جزءا في اي حوارات او اتجاهات للتطبيع، وبعدها تم أعفاء الناطق الرسمي السفير حيدر بدوي من منصبه وتحويله لادارة اخري.
وتعاني وزارة الخارجية من أزمات في ظل حكومة ” حمدوك” اسهمت بقوة في إضعاف الوزارة التي باتت تعاني الامرين،
ظلت وزارة الخارجية تعاني عجزا كبيرا في ميزانيتها المحددة لتسيير أعمال البعثات الدبلوماسية بالخارج، حيث عجزت وزارة المالية فى توفير الميزانية المحددة للوزارة، الأمر الذي أدى إلى تراكم مديونيات البعثات، وفشلت في سداد مبالغ إيجارات العقارات ودفع رواتب الموظفين المحليين بالبعثات، وأفادت تقارير صحفية ان المديونيات لم تسدد لأكثر من 14 شهرا حيث بلغت جملة المبالغ المطلوبة مائتين وعشرون مليون وسبعمائة وخمسة عشر ألف ومائتين ثمانية وتسعون دولار 220715298. مما حدا بها لرفع خطابات استغاثة عاجلة لكل من رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ورئيس مجلس الوزراء د. عبدالله حمدوك ومحافظ بنك السودان، بضرورة معالجة الأزمة المالية الخانقة التي تكاد تكبلها من أداء المهام الجسيمة المنوطة بها ومراعاة حساسية وضعها. كرمز يمثل سيادة الدولة في جميع المحافل الدولية والإقليمية
إزاء تفاقم الأزمة المالية اضطرت الخارجية إلى اتخاذ إجراءات للتقليل من تداعياتها المؤثرة، وتم تشكيل لجنة متخصصة من كبار السفراء في أكتوبر 2020 م لدراسة الأمر ،وإعادة الهيكلة في عدد البعثات البالغة 86 بعثة. و أوصت بتقليص عددمن البعثات واستبدال البعض بالتمثيل غير المقيم والقنصليات، و سبق أن تم اغلاق عدد خمسة سفارات ومن ثم أعقبها إغلاق عدد سبعة بعثات أخرى أبرزها البعثة الدبلوماسية بجزر القمر وموزمبيق وبوركينافاسو والكاميرون
فتح تصريح وكيل وزارة الخارجية الأسبق عبد الغني النعيم وهو من السفراء المفصولين عبر لجنة إزالة التمكين بأن (50%) من بعثات السودان بالخارج بلا سفراء، الباب واسعاً للبحث في اسباب هذه المشكلة، وبحسب مصادر دبلوماسية فإن الأزمة ذات عدة أبعاد أبرزها أزمة النقد الأجنبي، التي أدت إلى عدم دفع أجور بعض البعثات لأكثر من عام.
وتتفاعل ابعاد فشل وزارة الخارجية في الاتهامات التي صوبت لها من بعض الاحزاب السياسية حول محاولات حزب بعينه علي الاستحواذ او التأثير في استيعاب الدفعة الاخيرة من وظائف المستشارين في الوزارة،و صوب د. اسامه عبدالرحمن رئيس لجنة الكوادر الوسيطة بوزارة الخارجية حزباً سياسياً بأنه يعمل من أجل الاستئثار بوظائف لجنة الاختيار لمنسوبيه، وقال: “ظهر ذلك في المعاينات الجارية هذه الأيام
وأضاف عبدالرحمن أن مفوضية الخدمة المدنية لا تعمل وفق قانون، بل تعمل وفق هواها الشخصي، وهذا أُس الفساد، مشيراً إلى كثير من التجاوزات التي تم إخفاؤها
واستعرض اسامه في مؤتمر صحفي بطيبة بريس في وقت سابق مظلمة منسوبي اللجنة قائلا ان اللجنة تمكنت من كشف عناصر من الجمهوريين تم دسهم بإحترافية بحجة انهم غير مستوفيين للشروط وقد سارعوا الى اخفاء الحقائق بعد كشفهم.
هذا الواقع يكشف بجلاء ان بوابة السودان للعالم الخارجي، مليئة بالثقوب والازمات التي تهدد بجلاء استقلالية السياسة الخارجية بعيدا عن التهافت الحزبي .