في العام (1995م) وقعت فتنة مجتمعية كبرى تحولت بوتيرة متسارعة الى صراع راحت ضحيته الكثير من الارواح في دولة نيجيريا بسبب المناهج ، هذه المعلومة قذفها الامين العام السابق لاتحاد المدارس الخاصة بالسودان استاذ الشعراني الحاج في منصة “التحرير ” ، ذكرا ان مشكلة “بوكو حرام ” التي ظهرت في تلك الفترة بدأت برفض مجموعات من القبائل المسلمة بشمال نيجيريا المناهج التعليمية ورات انها تدعو الى العلمانية ، وبعد ان احتد الصراع وصفت تلك القبائل تعليم الحكومة بـ”الحرام ” مما قادهم الى وضع تعليم نظامي جديد وهو “بوكوا حرام ” ، بعدها تحول الاحتجاج الى صراع مسلح استمر حتى الان وامتدت تبعاته الى دولة النيجر ، فكان انعكاسه ازهاق العديد من الارواح بسبب المناهج
امتداد تجربة
الفرضية المطروحة هل ما شهده السودان مؤخرا فيما يتعلق بالمناهج ان يكون امتدادا لتجارب دول غرب افريقيا ، نظرا ان السيناريو يكاد يشابه المشهد نفسه ، فالناظر الى خلفية القضية يجدها تسير في ذات الاتجاه ويمكن التماس ذلك من خلال الجدل الواسع الذي شهدته الساحة التعليمية بالبلاد حول قضية تعديل المناهج ، والانباء التي رافقتها حول احتمالية “استهداف القران والحديث بالتخفيف منها في الاعوام المقبلة ، مما اثار غضب وحفيظة الشارع وإئمة المساجد وقاد الى صراع ما بين د. عمر القراي وعدد من الذين خالفونه الرأي والفكر.
تحدي قرار
وحتى لا يذهب الصراع في منحى اخر يصعب إخماده ، اتخذ رئيس مجلس الوزراء د.عبد الله حمدوك خطوة حاسمة باصدار قرار تجميد العمل بالمقترحات المطروحة من إدارة المركز القومي للمناهج والبحث التربوي لاعداد مناهج تربوية جديدة في البلاد ، واعلن عن تكوين لجنة قومية تضم التربويين والعلماء المتخصصين تمثل كافة اطياف الاراء والتوجهات في المجتمع لتعمل على إعداد المناهج الجديدة ، فبالرغم من قرار التجميد الا ان المنهج وبحسب مصادر الصحيفة ، تم توزيعه في عدد من المدارس ببعض الولايات التي بدأت الدراسة فعليا والان يدرس للتلاميذ
استفهامات راهنة
في ظل المشكلة الراهنة هناك إستفهامات تحتاج لاجابة وتوضيح تتشكل في هل تشهد الساحة التعليمية مرة اخرى “دوشة ” بشأن المناهج ؟، ومتى تفتح المدارس ابوابها لاستقبال الطلاب بالعاصمة السودانية الخرطوم ؟ ، وتجدر الاشارة الى توصية دفعت بها اللجنة المشتركة بين وزارتي التربية والتعليم والصحة بالخرطوم قبل ايام بفتح المدارس بالمرحلتين الاساس والثانوي لجميع الصفوف الدراسية ، وكان عضو اللجنة في التربية والتعليم بالولاية عمار يوسف ، قد اوضح ان التوصية باستئناف المدارس بالخرطوم مشروطة بتنفيذ البرتكول الصحي الامن ، والالتزام بالخطة التي وضعتها الوزارة لاستمرار الدراسة
خطة تدريس
واضاف عضو اللجنة ان خطة التدريس تتمثل بالنسبة للاساس في احضار طلاب الحلقة الاولى في الفترة الصباحية على ان يداوم طلاب الحلقة الثانية بالفترة الثانية من اليوم ، اما بالنسبة لطلاب المرحلة الثانوية سيكون التدريس بالنسبة للصفين الاولى والثاني بالتناوب ، واشار الى ان طلاب الصف الثامن اساس والثالث ثانوي يستمرون في جدولهم الحالي ، وشدد ان هذه الاجراءات تاتي تماشيا مع الالتزام بالاشتراطات الصحية لحماية الطلاب ، ولكن اغفلت اللجنة جانب مهم جدا يتعلق بنوعية المنهج الذي سيدرس
خلق فتنة
ويبقى التساؤل ماذا يدرس الطلاب وما زال المنهج مجهولا ؟ ومن يتحمل مسؤولية التناقضات الموجودة في الساحة التعليمية ومن يدفع الثمن ؟ والى اين يسير التعليم بالسودان ؟ للاجابة على ذلك حمل خبراء تربوين رئيس مجلس الوزراء والمسولين في الوزارات وولاة الولايات مسؤولية التضارب والفوضى الانية ، وطالبوا بضرورة تكوين لجنة لمتابعة تنفيذ قرار التجميد ومحاسبة كل من تجاوز القرار وقام بتوزيعه الى المدارس ، مؤكدين ان المنهج الجديد يدرس في عدد من الولايات الامر الذي يؤكد وجود اهداف وغايات لخلق فتنة بالبلاد ، وشددوا خلال حديثهم لـ”التحرير ” على عدم تاخير التعليم لزمن اخر والعمل بالمنهج القديم
معلومة خاطئة
فيما قال الخبير التربوي بوزارة التربية دكتور حمدان احمد ابوعنجة ، يجب ان تمر توصية اللجنة بمراحل ومؤسسية محددة بدأ من الوزير الاتحادي من ثم الوالي والسلطات العليا للنظر فيها ، واصدار مكتوب رسمي من السلطات المختصة يحدد تاريخ فتح المدارس بالخرطوم وبعض الولايات الاخر ، فبحسب علمه من جهات مسؤولة بوزراة التربية الولائية لم يحدد موعد بداية الدراسة ، مما يؤكد ان ما يتناقله البعض بان الدراسة سوف تبدا يوم غدا الاحد معلومة خاطئة ولا اساس لها من الصحة ، واشار ان الاضرار جراء خلل المنهج اضر باولياء الامور والطلاب محملا المسؤولين بوزارات التربية مسؤولية الاخفاقات والربكة في التعليم ، واشار الى بدأ الدراسة جزئيا في بعض الولايات منها “القضارف ـ الجزيرة ـ غرب كردفان ” .
مؤسسية ومحاسبة
ويرى حمدان ان التناقضات الحالية سببها اصدار قرار التجميد دون اخضاعه للمتابعة عبر اصدار خطاب رسمي من مكتب رئيس الوزراء الى الوزارة الاتحادية يوضح كيفية تنفيذ القرار ويؤكد على ايقاف توزيع المنهج الجديد ويكون ملزما ويعمم لبقية الوزارات الولائية ، لحسم التضارب والتناقض الحادث الان في الولايات ، فالبعض يعمل بالمنهج الجديد والبعض الاخر بالمنهج القديم ومؤكدا وجود فوضى مستمرة مما نعكس على العملية التعليمية التي تعطلت مدة عامين ، واشار الى ان الدولة فقد المحاسبية والشفافية مما دفع البعض يعملون حسب الامزجة والاجندات ن دعا الى ضرورة ان تتبع الدولة المؤسسية ومساءلة ومحاسبة كل الجهات التي خالفت القرار وشاركت في جريمة توزيع المنهج الجديد دون النظر لتداعيات الامر .
شفافية وتوضيح
وطالب حمدان بضرورة وضوح الرؤيا في ظل تجميد التعليم مدة عامان وتجاوز كافة الصعوبات والمعوقات والتعايش مع وباء ” كورونا ” اسوة ببعض الدول الاخرى بالاشارة الى مدارس منظمة التحرير الفلسطينية ، والابتعاد من الركض وراء السياسة والتبريرات الامر الذي يسهم في ضياع التعليم الذي يحتاج اكبر اهتمام في هذا الوقت ، مع توضيح اسباب التصرفات التي طالت بعض المدارس فيما يختص بتوزيع المنهج الكارثة ، موضحا ان البعض يتحدث بان المنهج تم توزيعه قبل قرار التجميد في مكاتب ادارات التعليم ببعض الولايات منها النيل الابيض والجزيرة وغيرها ، وانه شاهد”لايف ” فيديو مباشر يؤكد توزيع المنهج بالمدارس في ولاية الجزيرة بتاريخ (18/ يناير ) ، فيما منعت ولاية غرب كردفان توزيع كتاب التاريخ ، مشددا على اهمية الشفافية من قبل الاعلام والمسؤولين في وزارات التربية ، وانتظار ما ستسفر عنه اللجنة التي كونها حمدوك لتصحيح الاخطاء مبديا امله ان تتسم اللجنة بالمحايدة والتخصصية وان تبتعد عن المحاصصات والاضطرابات الحزبية وتعمل وفقا الكفاءة حتى تتمكن من معالجة المنهج بالطرق العلمية
اهداف وغايات
وناد حمدان الذي كان يشغل منصب رئيس قسم اللغة الانجليزية في المركز القومي للمناهج والبحث التربوي ببخت الرضا سابقا ، الى اتباع نهج بخت الرضا في وضع المناهج وتصحيح الخلل والاخطاء ، مؤكدا ان المنهج الحالي وضع بعجالة بعيدا عن المؤسسية لتحقيق بعض الاهداف والغايات ، وبالرجوع الى الوراء قليلا اشار الى بعض التوجهات التي كانت تحكم التعليم في عهد الانقاذ البائد مثل الوثيقة العامة التي اجيزت في اخر مؤتمر تعليم في العام( 2012 ) بتوقيع رئيس الجمهورية السابق والتي اعتمدت من قبل المجلس الوطني وما صاحبها من اصدار مقصوصات لمدى متابعة المواد ، قائلا تضمن التعليم وزنة افقية واخرى راسية للمناهج لتحديد حجم المفاهيم والقواعد والكلمات التي تعطى للطالب من اولى اساس وحتى ثالث ثانوي وفقا اوزان محددة تراعي قدراته وعمره والحالة النفسية والمعنوية.
علمنة البلاد
واتهم حمدان جهات لم يسمها تسعى لتفشيل قرار التجميد وحمل الولاة مسؤولية التناقضات في المنهج وقال “لا نريد حكومة ظل تسير الحكومة الاصلية الظاهرة للناس في الصورة ” ، وتابع مسالة المناهج مسالة خطيرة جدا يجب الانتباه اليها فهي علم لا يصنع بصورة عشوائية ، وتحتاج لتكوين لجان متابعة وتحقيق لمعرفة من وراء توزيع الكتب ومخالفة القرار حتى لا تذهب المساءلة الى اكثر من ذلك ، ويرى ان المنهج الحالي يفتقر للمنهجية واتباع العشوائية في الحزف فغابت عنه الرؤى ، مما يتطلب تنفيذ قرار التجميد واجراء تقيم وتحليل للمناهج القديمة مصحوبة بدراسات وزيارات ميدانية حقيقية على مستوى الولايات لوضع المعالجات اللازمة ، متابعا ان المقصود من هذه المناهج اما الاستعجال لعلمنة السودان وتغيره باسلوب غير سليم او ان هناك جهل في بناء المناهج ، وانتقد خطوة القراي بتجميد دور المجلس العلمي الذي كان يعقد مرتين في الشهر لإعتماد المناهج ومراجعتها ، وقال يجب تحقيق الديمقراطية والعدالة وان يكون السودان دولة قانون ومدنية تراعي العقيدة والاسلام والثقافة دون فرض العلمانية إلا حال اختارها الشعب بالانتخابات
مفاهيم التغيير
واعطى حمدان روشتة لانقاذ التعليم وفتح المدارس بسرعة من خلال اعتماد المنهج القديم مع تغير بعض الفلسفات والاهداف بصورة علمية تعقد لها الورش والمحاضرات والاستعانة بخبراء عالمين و الاستفادة من تجارب الدول الاخرى كـ”قطر وكندا ” وغيرها ، وان تعالج الاخطاء والكثرة بشكل اجود من الموجود على ان يعطى الخبز لخبازه ، منبها ان عملية تغيير المناهج تحتاج الى سنوات ولا تتم في عام كما حدث ، وهي تعتمد على ثلاثة مفاهيم “التغيير والتنقيح والتطوير ” بشكل علمي مدروس بواسطة خبراء ، مؤكد