هل بدأت سوأءة الالية الاعلامية لحمدوك ؟ .. لم تكن شعبية رئيس مجلس الوزراء السوداني د.عبدالله ادم حمدوك ناتجة عن عمل فلاحي منظم قامت به الالية الاعلامية التي أنشأتها القوى الداعمة له ، بل نمت الشعبية بفعل امطار الثورة التي غطت كل مساحات القلوب والنفوس .
لقد اتى حمدوك محمولا لرئاسة الحكومة مستندا على احلام وتطلعات الشعب السوداني لذا كانت امنيات الجميع له بالنجاح اكبر من التحديات التي قد تواجه فترته ، فظلت الالسن تلهج بالشكر من باب حسن الظن بما سيقوم به ، فابتاعت الثورة ثمار حمدوك قبل حصادها ، لذا فتحت للشعب ابواب اماله العريضة أملا في قارب نجاة يلقيه حمدوك في يم البؤس الذي خلفه النظام السابق ولكن كانت امواج الازمة الاقتصادية اكبر من قوة تحمل قاربه ، فبعد تفاقم الازمة بدات جذوة الامل في نفوس الناس في الانطفاء شيئا فشيئا وابتعد قارب النجاة بعيدا تحمله امواج عاتية فاصاب المواطنين اليأس في ظل تردي واضح للخدمات وإرتفاع جنوني في اسعار السلع وعدم وضوح الرؤية في مسيرة المدارس والجامعات وغيرها .
تبعا لذلك بدأت تظهر اصوات خافتة تندد بالحكومة وتباطؤها في ايجاد حلول اسعافية للوضع على الارض ، ولم تطول فترة الهمس حتى ارتفعت الاصوات عالية توصف الحكومة بالفشل ، وارتفعت سقوفات انصار النظام البائد تطالب بسقوط حمدوك جهرة في مسيرات خرجت تجوب بعض الطرقات وعلى قلتها إلا انها ارسلت رسالة قوية في بريد الحكومة ، من هنا بدأت شعبية حمدوك بالتاثر فوضع الناس معاشهم في كفة وتاييدهم للحكومة الانتقالية في كفة وبدأ الميزان في الحركة .
في ظل هذا الوضع دعت الضرورة لمبررات لموقف حمدوك حيال ما يحدث ، وقد حمل محللين مسؤولية هذا الدور وعدم المقدرة على مواجهة للالية الاعلامية لمكتب حمدوك باعتبارها خط الدفاع الاول ومصدر المعلومة من خلال عقد المؤتمرات واصدار البيانات التوضيحية والمتجددة لموقف الحكومة من الازمات والحلول المتاحة ، وتتكون الالية من المستشار الاعلامي للرئيس فائز السليك ومسؤولة وحدة الاعلام والاتصال داليا الروبي وامجد فريد مساعد كبير مستشاري حمدوك
وبحسب العديد من المحللين لـ”التحرير ” ، حاول الفريق الاعلامي لرئيس الوزراء تدارك الموقف لخلق ساحة اعلامية للرئيس ليخرج عبرها للناس بخطابات تطمينية ولكنها لم تبث الأمان، ولم تضع حلولا للازمة، وإستمر الوضع في ظل تماهي الشق العسكري في الحكومة ممثلا في نائب رئيس المجلس، الذي ظهر في عدة مناسبات مرسلا وعوده بحل الاشكال الاقتصادي للبلاد، وكانه يريد احراز هدف عكسي لقوى الحرية والتغيير الداعمة لرئيس الوزراء ، فوسط سجالات الخسائر والحلول للازمات يبرز سؤال كيف تعاطت الالية مع هذه الازمات ؟ ، وصف احمد عبد الكريم استاذ العلوم السياسية والادارية بالجامعات السودانية الآلية بالضعف والبعد عن القضايا التي تحتاج لردود وتوضيحات سريعة للمساهمة في تهدئة الشارع وبث الطمانينة ، وافاد “التحرير ” بان عدم احترام حمدوك للحاضنة السياسية التي اتت به وعدم القبول بتوصياتها واختياراتها لملء المناصب وملء وظائف طاقم مكتبه الاعلامي بالمحاصصة والاصحاب دون الكفاءة ساهمت في فشل الدور الذي يقوم به الطاقم
فيما قطع المحلل السياسي د. محمد الامين ، بفشل رئيس الوزراء في مواجهة المكون العسكري رغم انه كان خيار القوى الثورية لثورة ديسمبر المجيدة ، وقال لم يختلف اي مكون من مكونات الثورة ولم يسجل أي اعتراض ، الا ان حمدوك اثبت بانه ليس الشخص المناسب والكفء في إدارة الحكومة المدنية الانتقالية ، وكل ذلك يرجع الى هيمنة العسكر على مفاصل السلطة السياسية والاقتصادية ربما من اخطاء حمدوك انه اجتمع مع بعض فلول النظام الساقط ظانا انه يحفظ التوازن والحيادية رغم ان وثيقة الفترة الانتقالية رغم ما فيها من جروح ونواقص الا انها وفرت خارطة طريق لرئيس الوزراء الذي اخفق في ادارة المرحلة سياسيا واقتصاديا ، وللاسف معظم شخصيات الطاقم الوزاري لم تعش داخل البلاد لمعرفة مكمن الخلل، واللوبيات الضاغطة والهيمنة الاعلامية لعناصر الدولة العميقة للنظام الكيزان، الذي ما زال يسيطر على المشهد الاعلامي ، مع عجز تام لوزير الاعلام واعلام مكتب حمدوك مع غياب منصات اعلامية لهم في مواجهة إعلام الثورة المضادة
ويرى المحلل السياسي بروفيسور حسن الساعوري ، ان اعترف اعضاء الحكومة الانتقالية بانفسهم بان هناك فشل كبير وانهم لم يتمكنوا من ايقاف التدهور الاقتصادي والامني ومعالجة المشاكل بالبلاد التي صنعها النظام السابق اكبر هزيمة ، وتابع : مع هذا الاعتراف لا تتفضل الحكومة مقابلة ومناقشة القضايا مع الاعلام لانهم اعلنوا اعترافهم بالفشل مسبقا ، بالتالي لا توجد لديهم خطط اعلامية لمواجهة الواقع ، فالتدهور الواقع الان كان من الممكن مواجهته باعلام حكومي شفاف ليوضح لماذا تضاعفت اسعار الخبز والوقود الى عشرات الاضعاف ؟، فهذه الاسئلة كات بحاجة الى منصات اعلامية للاجابة عليها واقناع المواطن بان القرار او السياسة المتبعة سياسة حكومة رشيدة ، الا ان الحكومة مقتنعه بانها عاجزة بالتالي المواجهة اعلاميا ليست في مصلحة حمدوك
وتساءل الساعوري ، ما الذي تبقى لحكومة انفضت من حولها الحاضنة الشعبية وإنقلب عليها الشارع ولا يوجد في الساحة من يدافع عنها ، واستبعد ان يدافع عنها جبريل او مني اركو مناوي او سليمان وقال هؤلاء حتى الان لم يدخلوا في الحكومة بالتالي حكومة حمدوك اصبحت بلاء غطاء “وتعرت ” حسب وصفه من الداخل ومن الخارج بالتالي اصبحت عاجزة عن الدفاع عن نفسها اعلاميا لغياب المعلومة ولقلة الشجاعة لعقد مؤتمرا صحفيا يوضح اسباب الازمات الاخيرة ، بالتالي ما الذي اتى بهم وما الذي استطاعوا انجازه فسلام جوبا ليست بانجاز كبير لان كل المجموعات الموقعه لم ترفع السلاح داخل السودان ، واكد السياسية في السودان تحتاج لادارة موارد وحكومة حمدوك تفتقر للمؤهلات الادارية والسياسية ةالقدرات الاعلامية
وناد الساعوري بضرورة ان يتم اختيار حكومة من كفاءات ذات خبرة طويلة في الجانب الاعلامي لتنفيذ الادوار بالشكل المطلوب ، ويتفق المحلل السياسي د.حيدر ابراهيم مع حديث الساعوري قائلا: كان من المتوقع ان يخرج رئيس الوزراء مرة في الشهر لعمل لقاء جماهيري لشرح السياسات حتى يكون على اتصال لمعرفة القضايا التي يريد المواطن معالجتها ، واكد وجود قصور كبير في دور المكتب الاعلامي ، واشار ان حمدوك نفسه يفتقد هذا الجانب وذلك ظهر في الكثير من مواقفه حيال الازمات الراهنة ، والهجوم من المكون العسكري فلم يكن يملك شجاعة الرد على هجوم عضو المجلس العسكري كباشي في وقت كان يستحق الامر رد سريع من رئيس الوزراء ما يعني وجود خلل كبير في اليته الاعلامية وربما هو نفسه لا يريد ذلك