فى سبتمبر 2019 اطلق رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (هاشتاغ) لدعم اقتصاد البلاد، تحت اسم «نعم لدولار الكرامة، ولا للاستدانة»، ووجد هذا النداء تجاوباً جماهيرياً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي التي ضجت بمقترحات ومداخلات مؤيدة للمبادرة، أعلنها سودانيو المهاجر للمرة الأولى دعماً لاقتصاد البلاد.
وتفاعل رواد التواصل الاجتماعي مع تصريحات رئيس الوزراء الانتقالي التي أطلقها في أول مقابلة تلفزيونية له بثتها القنوات التلفزيونية السودانية مطلع الأسبوع الحالي، وألحقها باقتراحه «الإلكتروني» عن دولار الكرامة لدعم الاقتصاد السوداني خلال الفترة الانتقالية.
وأعلن حمدوك أن بلاده ستعتمد في المستقبل على كوادرها الوطنية ومواردها الذاتية في إصلاحاتها الاقتصادية، دون الاعتماد على «وصفات صندوق النقد الدولي» التي يصرفها عادة للدول النامية، وأبرزها تعويم قيمة العملة الوطنية، ورفع الدعم عن السلع الأساسية ..
واليوم بعد مرور اكثر من عام ونصف من تلك البشريات التى اطلقها حمدوك، تقفز العديد من الاسئلة الحائرة لدي المواطن العادي ، ومع ظل الضغوط المعيشية الطاحنة يبرز السؤال الاكثر وضوحا ، اين ذهب ” دولار الكرامة”، واين ذهبت اموال ” القومة للسودان ” بعد ان اشارت تقارير صحافية في اوقات سابقة إلى ان رصيد حملة دولار الكرامة بلغت اكثر من “150” مليون دولار ، فيما بلغت آخر ارقام معلنة عن حملة ” القومة للسودان” 124.512.494 (مائة واربعة وعشرون مليار وخمسمائة واثني عشر مليون واربعمائة تسعة واربعون الف جنيه) تمثل تدافع ابناء السودان في الداخل والخارج لتقديم اموالهم للمساهمة في البرامج الاسعافية لحكومة حمدوك، بعد ان اعلن بنك السودان المركزي بفتح حسابات للحملة باسم ” دولار حمدوك” للعملة الاجنبية ” جنيه حمدوك” للتحويلات المحلية، في الوقت الذي نشط فيه سودانيون فى المهاجر بطرح سندات شركة مساهمات عامة بطرح صكوك استثمارية للمساهمة فى البرامج التنموية للبلاد.
وتقول المحللة السياسية، د. جيهان النعيم، إن السؤال عن ” دولار الكرامة” يعتبر سؤالا ملحا، ويطرح بقوة تحديدا فى ظل الظروف الاقتصادية الحرجة التي يمر بها السودان، والتي يحتاج فيها الشعب السوداني إلى الدولار الواحد، ليجابه الظروف الحياتية القاسية التي يمر بها ولا يحسد عليها، التوقيت يعيد طرح السؤال أين ذهبت؟ ولماذا عدم الشفافية؟، ولكن يبدو ان الشعب السوداني مكتوب عليه عدم الشفافية من قبل ساسته الذين لا يضعون اي اعتبارات له في اوقات الشدة والرخاء، ففى كل الازمنة والتواريخ هو الضحية، وبالتالي يصبح السؤال عن اين ذهبت تلك الاموال تعد من المستحيل ان تجد لها اجابة شافية .
ويذهب الخبير الاقتصادي محمد الجاك حسن، إلى ان مثل هذه الحملات تمثل في إطارها الاول دافعا معنويا للحكومة وللمواطن في آن واحد، وبالتالي من حق المواطن ان يعرف كيف التعامل مع المال الذي تبرع به ، ومن حق دافع الضرائب ايضا ان يعرف كيف يتم التصرف بامواله، ولكن للاسف تظل مثل هذه الارقام التي تم التبرع بها لا تجد اجابات شافية للمواطن، وبالتالي تكبر الاسئلة لدي المواطن عن مصير تلك الاموال، هل تم صرفها وفقا للاوليات الماسة للدولة، ام تم صرفها في بنود الكماليات وشراء السيارات الفخمة، ام في نثريات السفريات الخارجية، بالطبع ان اي اجابة على تلك الاسئلة تضع المواطن امام تقييم حقيقي لآداء حكومته المالي .
وماذا لو طالب كل مواطن باسترداد المبالغ التي قام بسدادها، بعد ان تيقن بان امواله لم توضع في المكان الصحيح، مثل ذلك الرجل الذي اشتري جهازا كهربائيا من السوق ، وعندما عاد الي المنزل اكتشف ان الجهاز لا يعمل ، فعاد الي المحل الذي اشتري منه الجهاز وطالب باسترداد امواله، وهذا يشابه حال المواطن المسكين الذي اقتطع من جلده دولارا او جنيها واكتشف انه لايزال يعيش في أزماته المتجددة دون بارقة امل في تغيير قريب .