حطت في مطار الخرطوم طائرة نائب قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا آندرو يونغ على رأس وفد رفيع من قيادات الجيش الأمريكي لتتزامن الزيارة مع حضور وفد إسرائيلي في الخرطوم بقيادة رئيس المخابرات الإسرائيلية (الموساد) إيلي كوهين.
وغير بعيد عن هذه الزيارات تم الاعلان عن وصول قائد بعثة الأمم المتحدة يونتامس فولكر بيرتس إلى الخرطوم الاسبوع المقبل.
مع كل هذه المعطيات نجد أن المجتمع الدولي رمى بثقله في السودان بعد انتهاء مرحلة الإزالة من قائمة الإرهاب والتطبيع مع إسرائيل لتبدأ مرحلة جديدة تتكشف فيها النوايا والمطامع التي أظهرتها تصريحات نائب قائد آفريكوم الذي تحدث عن شراكة عسكرية بين الجيشين السوداني والأمريكي ربما تحمل في المستقبل مهام خاصة تتعلق بأمن البحر الأحمر وحماية الثروات النفطية والمعدنية.
أما الإسرائيلي إيلي كوهين فإنه تحدث صراحة عن اتفاقات دبلوماسية وأخرى تتعلق بتبادل المعلومات للحد من نشاط حماس والنفوذ الإيراني في المنطقة.
تتجمع كل هذه الخيوط لتمهيد انطلاقة عمل البعثة الأممية يونتامس في السودان وهي اربعة مهام تتمثل في الاعتراف بخروج السودان من عزلته، ومساعدته في التحول للحكم الديمقراطي، وتنفيذ عملية بناء السلام، بالاضافة الى حشد الموارد الدولية لمساعدة السودان على النمو اقتصاديا.
أبعاد أخرى استراتيجية تتم بعيدا عن أعين الاعلام وعدسات الكاميرات يقفز إلى قائمة الأهم منها أمن البحر الأحمر ومحاولات السيطرة على التمدد الصيني ودول البركس في أفريقيا الذي اقلق أمريكا، خاصة بعد إهداء روسيا سفينة تدريب حريبة لقوات البحرية السودانية، وظهور عزم روسيا على إنشاء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر.
وهذه القاعدة تحديدا رشحت معلومات أن من أهدافها حماية السودانيين من خطر الإنفصال في كردفان والذي تدعمه بعض سياسات يونتامس وربما يتم التخطيط لإلحاقه بإنفصال جنوب السودان. هذا إلى جانب الصراع الخفي على ثروات السودان والتسابق للسيطرة عليها. ونذكر هنا زيارة السفير الكندي إلى مناجم الذهب في غرب كردفان وحقل هجليج النفطي وحديثه عن آفاق التعاون بين السودان وكندا في شتى المجالات.
إذن قواعد اللعبة بدات تتغير الآن، فالكنديين شرعوا في معاينة وتفقد مناجم الذهب والقوات الأمريكية ستنشر في الفيافي لحماية استخراج المعادن بينما تدعم البعثة الأممية الأصوات المنادية بإنفصال كردفان.
وعلى السودان أن يدرس جيدا أين هي المصلحة ويتذكر أن أمريكا طوال العهود الماضية لم تقدم سوى الوعود مقابل المزيد من العقوبات، بينما لم تحقق دول أخرى أية فوائد من التطبيع مع إسرائيل.