فقدت أسرتي وأسرته وأهله وكردفان وطلابه وزملاؤه وأصدقاؤه وحفظة القرآن الكريم ، رجلا حبيبا ، واخا عزيزا، وشيخا جليلا، وانسانا متواضعا ، دخل قلوبا وعقولا كثيرة ، بعلمه وبساطته وقدرته الفائقة الباهرة التي تجسدت في اقتران أقواله بأفعاله.
رحل الشيخ الجليل/ مركز الدين محمد مركز ، زوج شقيقتي وحبيبتي الراحلة (انتصار) التي كتبت عنها في وقت سابق مقالا بعنوان (انتصار عززت قناعة الانتصار).
الشيخ مركز هاتفته قبل أيام وهو في القاهرة ،حيث انتقل اليها للعلاج ، وكان صوته يعكس نبضه الجميل، وروحه الأجمل، وجماليات صبره على المرض.
الشيخ /مركز على الصعيد الانساني،كان هاديء الطبع، رائع الخصال، ينساب حديثه الى القلب والعقل انسيابا يعبر عن قيم اسلامية آمن بها وسعى لنشرها بصدق وأمانة واعتدال ، اذ كان حافظا للقرآن الكريم ومعلما لتعاليمه داخل السودان، وفي السعودية وليبيا.
الأروع في شخصية الراحل أنه كان يعبر عن القيم التي يقوم بتدريسها تعبيرا عمليا في علاقاته مع الناس،وفي سلوكه الاجتماعي المتواضع ،البعيد كل البعد عن الغطرسة والتعالي على البشر، أو ادعاء التميز او السقوط في وحل التناقضات بين القول والعمل كما يفعل بعض الناس .
من أصعب الأشياء أن تقترن أقوال الإنسان بأفعاله، وقد كان فقيدنا مدرسة للتعلم من سلوكياته وانسانياته التي تجلت في تعامله مع من عرفوه عن قرب ،وخصوصا طلابه في السودان وخارجه .
كان الراحل حتى قبيل رحيله في أثناء نقله الى غرفة العناية المركز ة متمسكا بقوة بايمانه وهو يردد كما قال لي ابنه المودودي (الله أكبر ، لا اله الا الله ،محمد رسول الله).
أوجعني رحيل رجل كان يبادلني أجمل مشاعر الود والتقدير والاحترام والمحبة ، أسأل الله ان يرحمه رحمة واسعة ويسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.
التعازي لأبنائه وأسرته وأهله وطلابه وأحبابه وعارفي أدواره الايجابية في تعليم وتدريس القرآن الكريم، وفي التعبير الحيوي العملي عن القيم التي حفظها في قلبه وعقله، وقام بتدريسها وجسدها تجسيدا جميلا بالقول والعمل .
رحل الانسان الشيخ مركز، لكنه رسخ علمه في قلوب وعقول ابنائه ، وفي سيرته العطرة وسط طلابه ،حيث ترك جيلا تشرب من علمه وأسلوب حياته .
وهاهو آدم سلام ، أحد طلابه ، ينعى معلمه بكلمات ونبض رائع يعكس مكانة الراحل وسط جيل من طلابه،وما أجمل أن يترك الإنسان بعد رحيله غراسا خضراء تحمل رايات رفعها وقيما سعى لنشرها بصدق ومحبة وتواضع جم .. محمد المكي أحمد- لندن – ٢٩ يناير٢٠٢١
هنا نص مقاله ..
ورحل شيخ القرآن ..
لعمرك مالرزية فقد مال ولاشاة تموت ولا بعير ولكن الرزية فقد حبر يموت بموته خلق كثير.
إنتقل الي رحمة مولاه ليلة الجمعه، بجمهورية مصر العربيه الشيخ مركز الدين محمد مركز بعد معاناة وصبر مع المرض.
شيخ مركز رجل وقف نفسه علي القرآن، تعلما وتعليما، وحفظا ومدارسه داخل وخارج السودان.
حفظ القرآن بود الفادني، في بداية السبعينات من القرن الماضي، وبعد الحفظ التحق بمعهد شروني للقراءات بالخرطوم.
بعد التخرج سافر للملكة العربيه للسعودية معلما للقرآن، وفي بداية السبعينات سافر الي ليبيا لتدريس القرآن .
منذ متنصف التسعينات جاء لموطنه وأهله في قرية (تفلنق )محلية غرب بارا، ولاية شمال كردفان، فأسس دارا للقرآن، وبني المسجد، وأقام (التكيه)، وأوقد النار، ، فخرج الحفاظ رجالا ونساء، حفظا متقنا وبروايات متعدده من القراءات العشر، التي اتقنها في معهد شروني.
ولا زال هذا ديدنه حتي لقي ربه بالأمس . ونحن إذ ننعيه نذكر محاسن أخلاقه،وكريم شمائله للتأسي، فقد تميز الشيخ مركز بالاخلاق القرآنيه، فكان قرآنا يمشي بين الناس.
لبس القناعة ثوبا، فكان غنيا بالله والقرآن ،ينفق ماملكت يداه،علي أهل القرآن ،والزائرين ، وتدثر بحسن السمت، والصبر الجميل، والشكر الجميل، والصفح الجميل.
باختصار تمثل اخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم وتأسي بها، كان خلقه القرآن.
كان وصولا، لأرحامه من الأهل،وأهل القرآن،والناس عامة، كان مصلحا اجتماعيا،غير كثيرامن المفاهيم والعادات، رحمه الله رحمة واسعة.
اللهم اجعل القرآن شفيعا له، واجعل مااصابه من الألم والمرض كفارة ورفعا لدرجاته في علييين، واخلفه خيرا في أهله ،واجعل البركة في عقبه واولاده، ونعزي انفسنا، وكل الأهل، والأمة الاسلامية، في هذا الفقد الجلل.
اللهم أجرنا في مصيبتنا هذه، واخلف لنا خيرا يارب إنا لله وانا اليه راجعون