أن زيارة وفد سوداني رفيع المستوى برئاسة الفريق اول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة ووزير الخارجية المكلف عمر قمرالدين ومدير المخابرات العامة الفريق ركن جمال عبدالمجيد لدولة قطر نهار السبت ٣٠ يناير ٢٠٢١ لهي زيارة مستحقة مهما صبت في دروبها من بهارات وشمارات ولتلوينها بغير ألوانها وإن تأخرت كثيرا وقد كتبنا سابقا ان قيام وفود بزيارات اقليمية ودولية ولمحيطه العربي والافريقي من الاهمية بمكان بل هي من الاولويات بعد نجاح ثورته المشهودة والتي حدثت الكثيرين عن قدرات هذا الشعب النبيل والمتطلع دوما للنهضة والحداثة وعلاقات حسن الجوار وللخروج من دائرة الضبابية التي لفت مساراته بعد ان نفض عن كاهله حكومة جسمت علي جسده ثلاثون عاما أدخلته في دائرة العزلة الدولية والتصنيف الظالم كدولة راعية للإرهاب وغيره … صحيح ان الشأن الداخلي ما زال خانقا اقتصاديا وسياسيا وعلي مستوي سبل المعيشة اليومية وترتيبات ملف السلام وضروراته ربما أخل بميزان الاولويات وفي ظل التجاذبات الاقليمية ولعبة المصالح وتناقضاتها وغيرها … ولكن وفي عالم اليوم فان العلاقات الدبلوماسية الاقليمية والدولية المتزنة وحسن الجوار والسعي الحثيث لترتيب المصالح أحد أهم ادوات الدول المتطورة لتبادل الخبرات والمنافع فالعالم يدار وفق سياسات التقارب والتشاور والحوار وإيلا المصالح الداخلية والخارجية حقها تماما كمستحقات التلاقح مع الاخر وتبادل المعارف وتطوير القدرات والمنافع ..
وان قلنا ان زيارة هذا الوفد من الضرورة بمكان لأن دولة قطر اليوم رقم مهم في التصنيف العالمي سياسيا واقتصاديا وهي في أوج مجدها ورسوخ كعبها وليس هذا من باب تحسين وجهها وواجهتها وكيف لا وهي ظلت تغزل نسيجها سياسيا واقتصاديا واجتماعياً بتروي ورؤية راسخة ووفقا لاستراتيجية بدأتها باكرا استهدفت البنية التحتية وسبقتها ببناء المؤسسات الصحية و التعليمية بدأ من مرحلة الاساس فضلا عن انتقال أفرع لجامعات عالمية عريقة ككورنيل وتكساس وجورج تاون وفرجينيا الخ لإيمانها ان بناء الانسان يبدأ بالتعليم والتعلم .. لا أنسى ابدا في حلقة نقاشية لطالبات المرحلة الثانوية تحدثت طالبة بأنها ترغب بالدراسة العلمية ولا يوجد بمدرستها فصل علمي لترد سمو الشيخة موزا بنت ناصر أن أي طالبة ترغب في المسار العلمي يحقق لها رغبتها حتى ولو بفتح مدرسة علمية .. وهذا ان دل علي شيء فأنما يدل علي اهتمام لا حدود له ببذر البذرة الاولى للنهضة الحقيقية والتنمية المستدامة وبالتعليم والبحث العلمي وتهيأت كل الظروف المواتية لطلبة العلم بنين وبنات حتى لكبار السن وذو الاحتياجات الخاصة ..
ان العلاقات بين الخرطوم والدوحة بنيت علي أساس متين للاخوة النظيفة ساهم فيها نفرا كريم من أبناء الجالية السودانية قدموا خبراتهم وقدراتهم وعلمهم وما زالوا أطباء وقانونيين ومعلمين وإعلاميين ونظاميين وعمال فكانوا خير سفراء كما في غالبية الدول الخليجية ودول المهجر حدثوا الناس عن خلقهم القوئم وإنسانيتهم وعلمهم وطيب معدنهم
و لقطر ايادي طويلة دون من او اذى يكفي سعيها الحثيث باكرا لحمل ملف إطفاء نيران حرب دارفور التي استعرت منذ سنوات فكان ان فتحت الدوحة حضنها وسخرت امكانياتها للقيام بتلك المهمة التي كانت شبه مستحيله واختتمت بوثيقة سلام دارفور المعروفة ولعل من نافلة القول ان نذكر مساهمتها بدعم مالي مقدر خلال الفيضانات الكاسرة الاخيرة ضمن أياديها الانسانية الممدودة لغالبية الشعوب المنكوبة وكثير مما لا يفسح المجال لذكره … إن تخصيص بوابة الدخول الاساسية لمعرض الدوحة للكتاب قبل سنتين وتزيينه بصورة مجسمة للروائي العالمي الطيب صالح ومقتطفات من ما رسمه قلمه كانت وستظل عنوانا راسخا عميقا لماهية تشابك ايادي الخرطوم الدوحة بعمقها الانساني والثقافي ودلالاته .
نتفاءل دوما بتطوير العلاقات وسيرها للامام بنقاء وثقة وديمومة وتفاؤل وبخطوات ثابته لما فيه مصلحة البلدين في ظل ظروف ومتغيرات اقليمية ودولية تحتم التلاقي الفكري والاستثمار المادي والعلمي خاصة وان السودان مقبل علي فتح ابوابه للاستثمار التقني والزراعي والصناعي ليعيد مكانته ومقعده في خارطة الدول المتقدمة ولما فيه خير الشعوب … مرحبا حميدتي” جيتا جيتو ” ..
اعلامية كاتبة awatifderar1@gmail.com