برحيل الإمام الصادق المهدي فقدت ممانعة التطبيع أكبر الرافضين للتطبيع والرقم الأول والوحيد الذي جاهر وتوعد بممانعة التطبيع ولو بإسقاط الحكومة التي تقره ما لم يعرض على مجلس تشريعي منتخب وكان هو قراره. رحل الإمام وها هو التطبيع يمضي بثقة والوفود الإسرائيلية تطأ ارض السودان نهارا جهارا، رحل الإمام ومن بعده اختفت كل الأصوات اليسارية واليمنية التي كانت تعرض وتستعرض ضد التطبيع وما كنا ندري انها انما تعرض في رحاب غضبة الإمام الراحل الصادق المهدي وتستجير بظل هذا الرجل الضخم من رمضاء العسكر والمحاور، رحل الإمام و( لبد) الجميع، كأن ما كانوا يرفضونه بالأمس هو غير الذي يسكتون عنه اليوم.
صدق الذي قال إن الإمام الراحل الصادق المهدي يتميز بثبات على المباديء قليل النظير في العالم العربي والاسلامي، فالرجل اذا وقف وقفة مبدئية من شيء لم يتراجع عنها أبدا. وقف وقفة مبدئية من المشاركة في نظام الحكم الانقلابي الإنقاذي وأعلن انه لن يشارك في حكم ألا اذا كان حكومة قومية فيها الجميع سواسية او حكومة بعد انتخابات حرة ونزيهة، وظل محافظا على هذا المبدأ حتى توفاه الله ليكون القطب الوحيد من بين الأقطاب الأربعة في السياسة السودانية ( الصادق، الميرغني، الترابي، نقد) الذي لم يشارك الانقاذ. ثم وقف موقفا من القضية الفلسطينية لم يتزحزح منه حتى أتاه اليقين.
فقدنا الإمام الصادق المهدي في لحظات تاريخية يبحث فيها الناس عن الحكيم وعن الكبير وعن رجل المباديء الذي لا يتزحزح عن الحق ولا يهمه ما يلاقي، وندخل في متاهة لا يعلم مداها الا الله، حيث تضرب الفوضى باطنابها في الواقع السياسي ويقود الشعب قادة لا يعلمون هم أنفسهم ضخامة وعظمة وخطورة المواقع التي يتنسمونها والتكاليف المطلوب دفعها والتنازلات المطلوب تقديمها والشجاعة والبسالة المطلوبة للايفاء بمستحقات الوضع من التمسك بالمباديء الصحيحة وبسط الأمن والعدالة وهيبة الدولة ونشر السلام والتسامح والعمل على الوحدة مهما كلفت.
لا نريد من القادة القادمين للمواقع في الحكومة الجديدة سوى التمسك بالمباديء الوطنية ومباديء الثورة وعدم الميل عنها أو التفريط فيها، لا يوجد مجال للوسط في السودان الراهن، العمل الجاد والمواجهة مع التحديات والالتزام بالمباديء هي الطرق التي ستقود الدولة لبسط هيمنتها كدولة والشعب لاحترام القادة كقادة ودعمهم، وهو ما يحقق النمو والنهضة، بينما التراخي وتفادي مواجهة التحديات والتراجع عن المباديء تحت الضغط والظروف سيقودون إلى دولة ضعيفة لا تسيطر ولا تتحكم في شوارعها ومدنها وقراها، وستجعل القادة مجرد كومبارس وارجوزات في مسرح العبث والفوضى.
sondy25@gmail.com