يغرق السياسيون في محاصصات التشكيل الوزاري الجديد وفي نفس الوقت يغرق الجنيه السوداني في بحر التضخم ويغرق معه المواطن المطحون بحثا عن لقمة عيش كريمة، الوضع مؤلم جدا ويمضي في انهيار متواصل بلا أي بقعة ضوء تلوح في نهاية النفق، ويبدو أن الحكومة القادمة ستكون الفرصة الأخيرة لنجاح الثورة والتحول الديمقراطي فهل ستكون الحكومة القادمة بقدر هذا التحدي؟
ما يميز الحكومة القادمة انها حكومة محاصصات سياسية يدخلها لاعبون جدد بوزن سياسي ضخم مثل حزب الأمة القومي والجبهة الثورية، وهي فرصة لهؤلاء اللاعبين الجدد لإثبات جدارتهم بحكم البلاد اذا ساعدوا حكومة حمدوك على الخروج من أزماتها المتكررة، وهو ما يستوجب ان يرمي المشاركون الجدد والقدماء من الأحزاب السياسية والحركات بكل اوراقهم لانجاح هذه الحكومة، ففشل هذه الحكومة سيحسب بصورة مباشرة عليهم ولن يرحمهم احد.
العسكر عليهم اتهامات كبيرة بتعطيل عمل الحكومة، وهي اتهامات ليست من مصلحتهم، كما أن فشل الحكومة ليست من مصلحة العسكر الذين يتقلدون مناصب حساسة في المجلس السيادي وفي مجلس الوزراء وفي المجلس المشترك بين السيادة والوزراء لإجازة وتشريع القوانين، لذلك تبدو التصريحات المنقولة عن البرهان بتكوين حكومة طواريء هي قفزة في الظلام فالجماهير لا تحتمل العسكر ولن تقبل منهم اي تحرك منفرد، وبالتالي الخيار الوحيد امام البرهان والعسكر أن ينضطبوا في إطار الشراكة ويعملوا على إنجاحها ففشل الحكومة السابق يتحمله العسكر المشاركين في مجلس السيادة ومجلس الوزراء كما يتحمله المدنيين في مجلسي السيادة والوزراء، وإذا سقطت حكومة الشراكة فسيسقط العسكر والمدنيين معا ولن يسقط المدنيون فقط، أعتقد هذه واضحة ولا يجب ان يراهن العسكر على غيرها.
الإحباط الذي ساد نتيجة فشل الحكومة الانتقالية الراهنة في ملفات الاقتصاد يجب أن يتحول إلى تطلع نحو الحكومة القادمة أملا في أن ترتقي نحو سقف التوقعات وتعيد لمؤسسات الدولة الهيبة المفقودة، وتحسم ملفات الاقتصاد مع حسم بقية الملفات العالقة في العدالة وتفكيك التمكين وتكوين المجلس التشريعي وحكومات الولايات والمحليات وتطبيق اتفاقية السلام في دارفور والمنطقتين، هذه الملفات اذا لم يظهر تقدم ملموس فيها في اول ١٠٠ يوم من عمر الحكومة الجديدة فسيكون الحال من بعضه وسيرد الشارع على قحت بالقول الشهير ( كانك ياابوزيد ما غزيت) .
sondy25@gmail.com