تعتبر وزارة الخارجية أكثر الوزارات التي غزتها سياسة التمكين التي أبتدعها النظام البائد واصابتها في مقتل… حيث تم تبديل قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي لتقنين التمكين واستبدل بقانون 1997م الذي منح رئيس الجمهورية حق تعيين السفراء بقرار رئاسي. كما منح وزير الخارجية حق الاستثناء من الشروط الواردة في الفقرة 22 ويعتبر هذا الاستثناء قاصمة الظهر واهم الثغرات التي تسلل من خلالها العديد من كوادر المؤتمر الوطني والاتحادات الشبابية الطلابية التي تفتقر لأبسط مقومات التأهيل التي يتطلبها الالتحاق بالسلك الدبلوماسي التي من ضمنها ضرورة الإلمام و إجادة أكثر من لغة . في ظل عدم التقيد بالشروط أصبح الالتحاق للعمل بالخارجية يشكل ابرز الإغراءات الجاذبة لاستقطاب الشباب للانخراط في عضوية التنظيم الحاكم. وسرعان ما تحولت الخارجية اشبه بالحاضنة الأسرية لعوائل وأقارب وأصدقاء أصحاب النفوذ من رموز النظام البائد….وكشف مصدر دبلوماسي رفيع بوزارة الخارجية للتحرير ان نسبة 72% من السفراء تم استيعابهم خلال ال30 سنة من عمر النظام البائد بينما بلغ عدد السفراء الذين تم استيعابهم في العام 1987 م وفق الشروط الصارمة كاخر دفعة عينت قبل التمكين فقط16سفيرا…
بدعة الإحالة للصالح العام….
كي يتحقق تغلغل سياسة التمكين في الخارجية شرعت الإنقاذ بعد انقلابها المشؤوم ومنذ شهرها الأول في استخدام مقصلة الفصل التعسفي طيلة الأعوام من 1989وحتي 1993م حيث بلغ عدد من تم فصلهم تعسفيا وفق فقه الصالح العام 142 مفصولا من السفراء والدبلوماسيين والإداريين..
النقل الخارجي لأصحاب الحظوة….
حركة التنقلات للعمل بالبعثات الخارجية كان يشوبه الكثير من الفساد والمحسوبية الكل يتكالب ليحظي بالنقل حيث صرف الراتب بالدولار والامتيازات الأخرى التي يسيل لها اللعاب.. وكانت حركة التنقلات يقدح في نزاهتها لما تشهده من تجاوزات ظالمة ويصاحبها الكثير من التذمر والسخط والغبن. رغم أن اللائحة شروطها واضحة تحدد أحقية المنقول وفق دوره وتحدد عدد سنوات الخدمة بالبعثات الخارجية . إلا أن الخروقات كانت سيدة الموقف حيث يظل بعض المنتسبين للنظام بالبعثات الخارجية لسنوات طويلة بينما يحرم آخرون من هذا الحق ويظلوا قابعين برئاسة الوزارة بالداخل تملوءهم الحسرة ويعتصرهم الأسى والقنوط ..
لجنة تفكيك نظام الانقاذوازالة التمكين…
بعد تفجر ثورة ديسمبر المجيدة كانت وزارة الخارجية من اوائل الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية التي بدأت في تطبيق قانون تفكيك نظام الإنقاذ وإزالة التمكين لأنها كانت أكثرها ضررا من تلك السياسة التي عاثت فسادا . لذا شرعت في فحص ملفات العاملين كل على حدا… ووجدت أن منهج إدارة الدولة الذي اتبعه النظام البائد هو التمكين لعضويتهم بالحركة الإسلامية في الوظائف العامة من أجل تحقيق السيطرة على كل الدولة وتسخيرها لخدمة أجندة َالتنظيم.وكشف تقرير سري حجم التمثيل التنظيمي لعضوية وزارة الخارجية في الهياكل التنظيمية للحزب الحاكم حيث كشف التقرير الهوة بين اعضاء التنظيم بالخارجية وهياكل الحزب بسبب ما يتميز به العمل الدبلوماسي من خصوصية وامتيازات. وأوضحت محتويات التقرير الحقيقة الراسخة وهي أن كل الإسلاميين الذين استوعبوا في الخارجية كانوا ضمن عضوية المؤتمر الوطني. كما كشف التقرير عدد الكوادر التي تمت إحالتها بالفصل التعسفي وعدد من تم تعيينهم من منسوبي الإسلاميين بدلا عنهم. وقد اعتمد مبدأ أن لا يتم استيعاب اي شخص في وزارة الخارجية الا من المنتمين أو من يعتقد في انتمائهم تمهيدا لاستقطابهم أو من يوالي البرنامج المعني للتنظيم.كما لجأ التمكين إلى كسب ولاء وتعاون وتواطوء وصمت بعض المهنيين من الدبلوماسيين الذين غضوا الطرف عن الممارسات السالبة و أثروا الانغماس من أجل المنفعة الشخصية وتستروا على ما كان ضد القانون و ضدالنظم وفق سياسة التمكين. وقد استغل ممثلي التمكين بالبعثات صفتهم الدبلوماسية وسخروها في تنفيذ مهام لا تتوافق مع صفتهم الدبلوماسية ولا مع المصلحة الوطنية وتمخض عن ذلك ضرر بالغ في الوضع الدولي للبلد ونتجت أخطر الأزمات التي واجهها السودان جراء التسهيلات التي قدمتها تلك العناصر المنظمة للذين نفذوا المهام التي أنتجت تلك الأزمات. كما عمل التمكين على إلحاق عناصره بمواقع التأثير كمدراء مكاتب للوزير والوكيل وقد اقترف بعضهم أخطأ فادحة ترتقي لمستوى الجرائم من خلال ممارستهم تصرفات مخالفة لقوانين الخدمة العامة و مخالفة لنظم العمل بالوزارة بل مخالفة حتى لقانون العقوبات. كما تم استقطاب ممثلين للاثنيات والجهويات.
وهذا يجسد بجلاء
الأولوية القصوى التي أقرها النظام البائد لأحكام سيطرته على الخارجية باعتبار أنها هي الفاعل الرئيسي لتأمين مسعى قبول النظام إقليمياً ودولياً.
مشرط إزالة التمكين…..
تكونت
لجنة إزالة التمكين من كبار السفراء ومدراء الإدارات بالخارجية و. حتى يتسنى لها تنفيذ المهمة الجسيمة الموكلة إليها بشفافية ونزاهة وعدالة لجأت إلى تصنيف سفراء ودبلوماسي وإداري التمكين إلى فئات. فئة المنتمون إلى المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية التي ثبت انتمائهم وموالاتهم للنظام بالدليل القاطع. وفئة ثانية من المشتبه في ارتباطهم بالنظام وواجهاته ولم تتوفر الأدلة الكافية لإدانتهم. وفئة ثالثة التي عدلت نظم وشروط وموءهلات التعيين من أجل التحاقهم بالخارجية. وامعانا في حرص اللجنة على استكمال المعلومات والبيانات المطلوبة فقد لجأت للاستعانة بكل الجهات ذات الصلة حيث بحثت في اضابير مفوضية الاختيار للخدمة العامة القومية لمعرفة التعيينات التي تمت وفق النظم المعتمدة لديها والتي تمت دون من غيرها . وقد اكتشفت اللجنة حالات تعيين سياسي مباشر وتعيين يخالف ما هو معتمد في الخدمة مع وجود تلاعب في إجراءات نظامية تؤكد وتكشف حقيقة التدخل التمكيني بصورة سافرة.. اللجنة لم تألو جهدا في الوصول لكل الجهات المعنية في بحثها وتنقيبها في الحصول على الحقيقة المجردة في كشف كل ما عضد سياسة التمكين بالوزارة. فتمت الاستعانة بديوان شؤون الخدمة للحصول على بيانات الكاردكس الخاص بالعاملين في الخارجية ومضاهاتها بالمعلومات المودعة في ملفاتهم. كما تمت الاستعانة بالسجل المدني في التحقق من بعض البيانات والاستعانة بجهاز المخابرات العامة الذي قدم ما لديه من اامعلومات المتعلقة بالعاملين . أيضا تم الاطلاع على القرارات الرئاسية التي صدر بمقتضاها تعيينات سياسية في الخارجية . كما طلبت المساعدة من وزارة الدفاع بتوفير قوائم اسماء الذين التحقوا بمحركات مليشيات الدفاع الشعبي. علما بأن الدفع بالعناصر الممكنة وتخطيها الدور في التدرج الوظيفي قد حرم الكثير حقهم من التدرج الوظيفي الطبيعي.
قوائم إعفاء من شملهم التمكين…
بعد هذا الفحص والتمحيص الدقيق رفعت اللجنة توصياتها للجنة العليا المختصة بآلية تنفيذ قانون تفكيك نظام الإنقاذ بمجلس الوزراء في يناير 2020 م قوائم بأسماء المستبعدين و عددهم 104من السفراء والدبلوماسيين والإداريين الذين انطبقت عليهم توصيفات قانون إزالة التمكين حيث شملت القوائم عدد50 سفير منهم عدد16سفير كان قد تم تعيينهم بقرارات من رئاسة الجمهورية و عدد 35سفير تم تعيينهم وفق تنفيذ أغراض التمكين دون مراعات ضرورة توفر مطلوبات العمل في السلك الدبلوماسي وعدد 34 دبلوماسيا في الدرجات الوظيفية بمسمى وزير مفوض ومستشارين وسكرتيرين أوائل وسكرتيرين ثواني إضافة لأسماء عدد19 إداري.
استعادة مفصولين تعسفياً…
احقاقا للحق وردالاعتبار لضحايا سياسة التمكين لمن تم فصلهم تعسفيا بسبب عدم انتمائهم للنظام البائد فقد أوصت باستعادة عدد 11 دبلوماسي وعدد 16اداري مع مراعاة تسكينهم في وظائف أسوة بزملاء دفعهم للذين دون سن المعاش وتسوية معاشات من تجاوز السن القانونية للمعاش والذين توفوا إلى رحمة الله .
علما بأن السفراء بالخارجية كان عددهم 166سفير والدبلوماسيين عددهم 255 دبلوماسي والإداريين عددهم 389اداري وعدد البعثات الدبلوماسية بالخارج 86بعثة مؤخرا تم إغلاق عدد12بعثة في ظل شح الموارد الذي ظلت تكابده الوزارة منذ العهد البائد . وأفادت متابعات التحرير ان الترقيات الجارية الان أوصت بترقية عدد 20 دبلوماسي إلى درجة السفير و لا توجدفي الوقت الراهن حوجة لتعيين سفراء آخرين.وانما تقتصرالحَوجة لاستيعاب عدد 50 دبلوماسي في وظائف مستشارين وسكرتيرين أوائل فقط.. وقد تم الإعلان عن تلك الوظائف الشاغرة عبر مفوضيةالاختيار للخدمة القومية حيث بلغ عدد المتقدمين للوظائف 2500متقدم خضع هؤلاء لامتحانات وفق ضوابط صارمة . والناجحيين سيباشرون عملهم بالخارجية مطلع مارس القادم.. وألمح المصدر للإعلان لاحقا عن التقديم لشغل وظائف سكرتين ثوالث بعد الفراغ من حركة الترقيات الجارية الان والتي تقتضي ترقية عدد من السكرتير ين الثالث إلى ثواني.
ووفقا لمصادر التحرير فقد أوصت اللجنة التي شكلت في أغسطس 2020 م لمواصلة إنفاذ قانون التمكين اعداد كشف بإعفاء عدد 32سفير تسلم جميعهم خطابات الإعفاء منهم 29 سفير تم التحاقهم بالخارجية تحت مظلة التمكين وثلاثة آخرين التحقوا قبل العام 1989م لكنهم تماهوا مع التمكين وأصبحوا من أبرز عرابه .علما بان اللجنة راعت بعض الحالات الإنسانية لعدد من السفراء المنتمين للنظام البائد وعدد من السفراء والدبلوماسيين الذين رغم انتمائهم لم تجد في أدائهم المهني ما يبرر إعفاءهم من وظائفهم لذا لم يطالهم الإعفاء …وأفادت متابعات التحرير ان كشفا قيد الأعداد لاعفاء عدد من الدبلوماسيين