نجد أنفسنا والله بين قطاعات الشعب التي غمرها ارتياح باستقالة رئيس لجنة إزالة التمكين..! وهذا يعود إلى حقيقة واضحة وهي أنه لا يمكن لإنسان أن يعمل (بنصف نية) ونصف عزيمة.. وبهذا رفع رئيس اللجنة عن نفسه الحرج بهذه الاستقالة التي أرفقتها الصحف بحديث له حول أسبابها..! ولا نظن أن الساحة الثورية السودانية في حاجة لمعرفة الأسباب فلتكن استقالة والسلام..! ولتمضي اللجنة في مشوارها الذي تلتف حوله أفئدة السودانيين .. فالمهمة التي أسندت إليها مهمة عالية الكُلفة وتحتاج إلى قدر كبير من التضحية والثبات أمام التحديات والصبر والمنافحة من أجل إنجاز التفكيك وفق ما طالبت به الثورة وقانون تأسيسها .. ومن المعلوم أنها تعمل في أرض وعرة ومناخ مضطرب.. به الكثير من الزوابع والتراب العالق بسبب تقلبات الطقس الناتجة عن حركة الفاصل المداري بين الحق والباطل..! ولكن الدواء هو الصدق مع الثورة والإصرار على تفكيك باطل الإنقاذ واستعادة منهوبات الأموال والعقارات والأراضي والموارد والمرافق والأسهم والوظائف..الخ وهذا أمر عسير على الذين استباحوا الوطن وانتفعوا بريع الإنقاذ حيث يصعب الفطام على اللصوص ومستجدي النعمة والمنتفعين من أكل السحت..
نعم هي مهمة شاقة لهذا تلجأ الفلول وإعلامهم (ورباطتهم) إلى التهويش على عمل اللجنة والتربص بعضويتها عن طريق (العصبجية) وهو أمر مشهود عن الإنقاذ كشف عنه النائب العام بالوثائق التي تثبت استئجار القتلة والدفع لهم بسخاء من الخزينة العامة..!!
انظر إلى جميع الذين يهاجمون اللجنة لتعرف هويتهم وما يجمع بينهم.. وعندها ستعلم من هم الذين يريدون فرملة أعمالها خوفاً على أذيالهم..وفي كل الأحوال لا يمكن إنكار أن هذه اللجنة هي من أكثر مؤسسات الفترة الانتقالية إنجازاً ملموساً عندما تنظر إلى الهيئات الأخرى بما فيها مجلس السيادة والجهات الأمنية..! وستخطئ اللجنة اليوم وغداً ليس لعدم كفاءة عضويتها بل لما تركته الإنقاذ خلفها من تلاعب في الوثائق وهويات البشر ومن إفساد الذمم وخلط الحسابات والأرصدة وتمويه الملكيات وشراء أفراد غير منتمين لحزبها..الخ ولكن اللجنة ستراجع أخطاءها وتمضي في طريقها لكنس الإنقاذ.. حيث لا سلام يتحقق ولا معيشة تتحسن ولا اقتصاد ينهض بغير تفكيك الإنقاذ إلى آخر مسمار… والأمل أن يكون في استقالة رئيس اللجنة انطلاقة أكبر لعمل اللجنة..
ولكننا نقول إن ما ورد في بعض حديثه يجافي طبيعة عمل اللجنة ومهامها الدستورية..وهو قد خلط خلطاً مريعاً عندما تخيل أو تمنى أو ظن أن إنشاء مفوضية الفساد يلغي عمل لجنة تفكيك الإنقاذ.. كما يتمنى الفلول وأنصارهم داخل أجهزة الدولة ومؤسسات الانتقال.. فلا وظيفة اللجنة هي وظيفة المفوضية ولا عمل المفوضية من مهام اللجنة؛ ونخشى أن يكون هذا الخلط (مقصوداً لذاته) بسبب حاجة في نفس (يعاقيب) الجماعة أياهم (ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها)…! فمهام لجنة التفكيك في (البصرة) وعمل مفوضية الفساد في (فاس) ولا جامع بينهما ولا تستطيع أيهما إلغاء الأخرى..(بعثت إليّ من الحجاز خيالها / شتان بين بلادها وبلادي)..!!
عمل هذه اللجنة صعب فعلاً..ولا يقبل المجاملات والوساطات والشفاعة للسارقين والمنتهكين وأهل (الصحوبية) مع الإنقاذيين والجالسين على مناصب الدولة بالمحسوبية و(وحساب الشيل) المتبادل.. وفقراء التأهيل والخبرة وعديمي الضمير والمروءة والمختلسين الذين جعلت منهم الإنقاذ رؤساء هيئات ومصارف ومديرين ولواءات وأركانحربات…. فليمض قطار التفكيك حتى يبلغ صنعاءه.. وسوف تكتمل مسيرة عمل اللجنة بإذن الله..لأنه لا يمكن تغيير الخيول أثناء المعركة..!!