شجب عدد من الخبراء والمحلليين السياسيين حشد الموارد الاقتصادية لتوفير الخدمات في العاصمة الخرطوم وإهمال بقية الولايات وقضاياها وازماتها الاقتصادية الملحة مؤكدين أن هذه الممارسات ظلت ديدن كل الحكومات السابقة وكان من المؤمل أن تتغير هذه السلوكيات الحكومية بعد الثورة على إعتبار إنطلاق التظاهرات التي أزالت النظام السابق من الولايات.
وقال الدكتور نورين عبدالغفار الخبير والمحلل السياسي أن الانظمة السابقة التي حكمت السودان كانت تتخوف دوماً من التظاهرات المطلبية في العاصمة الخرطوم المرتبطة بعدم توفر خدمات الكهرباء والخبز والوقود والمياه النظيفة والصحة العامة والتعليم ولايعيرون ذات التظاهرات لذات الاسباب التي تندلع في الولايات لبعدها عن مركز إتخاذ القرار في العاصمة مبيناً أن هذا مفهوم خاطئ جداً لان التنمية الاقتصادية يجب أن تكون متوازنة في كل انحاء السودان ومتوفرة للمواطن السوداني أينما كان موضحاً أن هذا السلوك الحكومي الشاذ مرده إلى ان الخرطوم هي العاصمة وهي مصدر الفعل السياسي الذي يسقط الانظمة وفيها قيادة الجيش والامن والشرطة والاذاعة والتلفزة القومية ووكالة الانباء الوطنية وفيها أيضاً تتبلور وتنشأ الانظمة السياسية الجديدة.
واضاف نورين أنه كان يتوقع بعد الثورة وتشكيل حكومة تمثل قيمها ان يتجه الجميع نحو تنمية الولايات والريف السوداني وتوفير الخدمات للمواطنين هناك مؤكداً أنه حدث العكس تماماً ومارست حكومة حمدوك نفس أمراض الحكومات السابقة وركزت جل إهتمامها على ولاية الخرطوم وتوفير خدمات الوقود والغاز والخبز بها وإهمال الولايات منوهاً إلى أن ذلك جعل كل الولايات السودانية تعاني من الازمات الاقتصادية أضعاف ما يعانية المواطنين في العاصمة الخرطوم مشيراً إلى أن ازمات الوقود والخبز عصفت بمواطني الولايات وأسعارهما إن توفرت في الولايات هي عشرة أضعاف أسعارها في الخرطوم.
وأبان القفا أن الولايات السودانية معظمها ولايات منتجة زراعياً وأراضيها خصبة جداً وبها ثروة حيوانية مهولة وهي تمد العاصمة بمعظم إحتياجاتها الزراعية وإحتياجاتها من منتجات اللحوم والالبان وان الحكومة لو إهتمت بالولايات بما يكفي لحلت الكثير من الازمات الاقتصادية التي تمر بها.
وعلى صعيد متصل أوضح الدكتور المحجوب محمد عبدالله الخبير الاستراتيجي أن عدم الاهتمام بالولايات بصورة متوازنة وعدم تنفيذ مشروعات تنموية وخدمية في الولايات وبصورة أخص الولايات التي تأثرت بالحروبات والنزاعات سيولد المزيد من الغبن والكثير من الحروبات الاهلية والجنوح نحو التفكك وتهديد وحدة وتماسك الاراضي السودانية.
وشدد المحجوب أن كل دواعي الانفصال والتمرد في العالم بدأت من مطالبات وشواهد بعدم المساواة على مستويات الحكم والادارة والتنمية الاقتصادية وشيوع وإنتشار الخدمات مبدياً تخوفه من إستمرار حكومة حمدوك في تجاهل قضايا الولايات مؤكداً أن ذلك يمس الامن القومي السوداني مباشرة ويصيب وحدة أراضيه في مقتل.