اسندت رسميا حقيبة الخارجية للدكتورة مريم الصادق المهدي، في خطوة جديدة تؤكد تمسك رئيس الوزراء بحق المرأة في تمثيل بلادها اتساقا مع دورها المستمر منذ اعلان السودان المستقل.. تاريخ المرأة الحافل بالعمل فى الشان العام وخروجها من بيت ذي ارث تاريخي جعل تنسمها الموقع أمرا طبيعيا..
وصول ومتغيرات
وصول مريم المنصورة لواحدة من اهم الوزارات ياتى فى ظل تغيرات كبيرة على المستوى الداخلي لبلد يسعى جاهدا للعودة الى الاسرة الدولية بعد نحو ثلاثين عاما من الحصار ، كما ياتى تعيينها متزامنا مع وصول رئيس امريكي جديد يتهيأ لاعادة رسم الكثير من السياسات الجديدة فى العالم قاطبة وقطعا بينها السودان اضف لذلك وصول آل المهدي يتزامن مع ازمة مركبة مع الجارة اثيوبيا (الحدود وسد النهضة) .
اما داخل الخارجية نفسها فالتحدي يبدو معقدا يبدأ من كيفية اعادتها لدور الوزارة التى سلبت معظم ملفاتها وتقلص دورها الذي يقوم به آخرون، مرورا باوضاع العاملين من مشكلة المرتبات التى لم تصل لطواقم البعثات لنحو عام كامل ومشكلة تاخير الترقيات وخلو العديد من البعثات المهمة من السفراء وموضوع هيكلة تلك البعثات. اذن تؤدي مريم اليوم القسم وتنتظرها مهمة مثقلة بالتحديات.
وضع مأزوم
وزير الخارجية السابق طه ايوب يصف في حديثه لـ(السوداني)الخارجية بانها الوزارة التى تشكل هاجسا لكل من( تبوأها) ويقول ان الوزيرة الجديدة ستواجه ترديا داخليا من حيث ضعف القيادة الإدارية فيها خاصة وسط الرتب العليا وتشرذم الإدارات المختلفة والأوضاع المتردية في البعثات الدبلوماسية في الخارج وشكاوى العاملين فيها بأنهم لم يتلقوا رواتبهم منذ شهور عديدة، واضاف بان واحدة ايضا من التحديات ايضا أن بعض الذين غادروا مجلس الوزراء فى الحكومة السابقة سيسعون الى تعيينهم سفراء فى بعض السفارات المهمة.
ويحذر ايوب من هذه الخطوة ، داعيا رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بان يقف ضد هذا الاتجاه خاصة وأنه التزم سابقا بالا يقوم بتعيينات دبلوماسية أثناء الفترة الانتقالية. ويواصل الى ان واحدة ايضا من التحديات التي تقع على عاتق الوزيرة هى مهمة ازالة آثار النظام السابق بتصفية الوزارة من العاملين فيها الآن من أنصاره وهم عدد لا يستهان به.
المزيد من التحديات
ايوب يوجه نظر المنصورة مريم الى معضلة أخرى شائكة وهي (تغول مجلس السيادة) على العمل الخارجي والتدخل السافر في تصريف شؤون البلاد في علاقاتها بالدول الأخرى ، بيد انه يشير الى مقدرة الوزيرة فى(كبح جماح البرهان ودقلو) فى هذا الجانب لما لها من علاقات وديه مع كليهما.
وينصح ايوب مريم بان تكون واضحة بالقدر الكافي في أن تصر على أن وضع وتنفيذ السياسة الخارجية للسودان فى الفترة الانتقالية من صميم مهام الحكومة الانتقالية وان شأن مجلس السيادة ينحصر فقط في الجوانب المراسمية مثل استقبال السفراء وتوديعهم وقبول أوراق اعتمادهم.
علاقات عابرة
على المستوى الإقليمي والدولي يرى وزير الخارجية الأسبق ايوب أن المسائل التى ستواجه الوزيرة سهلة التعامل معها اذا التزمت بمصالح السودان العليا دون شطط أو تشنج فهي فى شخصها سهلة فى التعامل مع الآخرين. اذ تبدي الدول الغربية عظيم اعتزازها بالثورة الشعبية في السودان وتود صادقة أن تراها ناجحة لتكون عنوانا للشعوب الأخرى في العالم الثالث الذي ما يزال يرزح تحت نير الدكتاتوريات العسكرية والمدنية..
تحليلات اخرى ترى انه في هذا الصدد من المؤمل من مريم أن تقف بصلابة فى وجه المكون العسكري الذي يتوقع منه إفشال التوجه نحو تصفية السيطرة العسكرية على مقدرات البلاد فى الفترة الانتقالية.
اما فيما يتعلق بسياسة التطبيع مع إسرائيل التي بادر بها الجانب العسكري من دون الشريك المدني، ويرى ايوب أن هناك تباينا بين موقف حزب الأمة القومي والموقف الرسمي فى هذا الصدد. وأضاف: لكني هنا اشير الى ما نقل عن رئيس الحزب الأمة القومي المكلف من أن سياسته لن تتعارض مع سياسة الدولة، لافتا الى أن المخرج الاوفق لوزيرة الخارجية هو أن تتمسك بما يبدر من رئيس الوزراء بضرورة ترك أمر التطبيع أو إقامة العلاقات مع إسرائيل إلى المجلس التشريعي حيث أن ذلك قد يعطي الوقت الكافي لها خاصة وأن البعض يرى أن هذا المجلس قد لا يرى النور في المستقبل المنظور خاصة إذا علمنا أن بعض مكونات “الحاضنة الجديدة” للحكومة الانتقالية يرى فيه شبح القضاء على مجلس شركاء الفترة الانتقالية الذى يناسبهم.
وبدا ايوب صريحا فى دعوته لوزيرة الخارجية فى ألا (تكبل )علاقات المنصورة مريم( الخاصة) ببعض دول المنطقة تعاملها مع كل الدول الاخرى بالصورة التى تحفظ للبلاد مصالحها القومية وان يكون ديدنها رعاية هذه المصالح سواء فيما يتصل بسد النهضة أو احتلال الفشقتين دون تجاهل الاحتلال الواقع على مثلث حلايب ووادى حلفا.
وزارة مؤسسات
ويرى مسؤول دبلوماسي رفيع لـ(السوداني) ان واحدة من ابرز تحديات مريم هو بناء وزارة تقوم على المؤسسية ليصبح دور الوزير سهلا ومنسجما خاصة وانها ثالث وزير يصل الى الخارجية خلال الفترة الانتقالية وان يتمرحل اتخاذ القرار وفق اللوائح واسس الخدمية المدنية، ويمضوا الى ان تحديا آخر يواجه المنصورة هو ازالة صورة التنميط بانها اقرب لمحور الامارات ، كما ان عليها الاستفادة من زخم الثورة فى دعم الخارجية بمعنى ان استعداد العالم للتعامل والتعاون مع السودان لا يحتاج اسماء معينة بعد سقوط الموانع والحواجز التى وضعها النظام السابق، وفيما يتصل بموقف حزبها من التطبيع دعا ذات الدبلوماسي المنصورة لاتخاذ موقف(برغماتي) تفصل ما بين حزبها والموقف العام للدولة.
دبلوماسية المرأة
و ينبه ذات المسؤول وبحسب رايه الى ما وصفه ب(الارث) الباهت الذى تركته وزيرة الخارجية السابقة اسماء محمد ما خلق راى فى اداء المرأة بصورة عامة لذلك يبدو التحدي في تغيير هذا التنميط امراً ضروريا،ويقول ان خلق حالة من التناغم والتنسيق بين مكونات الفترة الانتقالية التى تبدو متشاكسة تحديا يجب الا تستهان به المنصورة وعليها الابتعاد عما يعرضها الى تقاطعات مع شركاء الفترة الانتقالية.
مهمة ترميم
وفى المقابل يرى الخبير الدبلوماسي الطريفي كرمنو لـ(السوداني)ان واحدة من اكبر التحديات التىي تواجه المنصورة هو اعادة ترميم الوزارة من الداخل واسترداد جميع ملفاتها وادوارها (المنزوعة) منها منذ النظام السابق حيث توزعت ما بين القصر ووزارة عوض الجاز، ليستمر ذات الوضع الآن حيث تم تغييب دور الخارجية فى ملفي التطبيع مع اسرائيل وملف السلام واصبح المجلس السيادي كما كان سابقا هو الذي يبرم الاتفاقيات ويرسل المبعوثين لقادة الدول، وأردف (صحيح هناك دبلوماسية رئاسية) لكن تتم بالتنسيق الكامل مع الخارجية.
نقلا عن صحيفة ” السوداني