بعد أن قلبت عليها واشنطون ظهر المجن، تواثقت الأمم المتحدة في جلسة تصويت من مقرها في واشنطون على انتخاب الحقوقي البريطاني كريم خان أول أمس الجمعة، مدعياً عاماً جديداً للمحكمة الجنائية الدولية خلفاً لفاتو بنسودا التي فرضت عليها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب عقوبات بسبب تحقيق بشأن جرائم حرب أمريكية مفترضة في أفغانستان.
سباق أوروبي
وفاز خان (50 عاماً) الذي قاد تحقيقاً للأمم المتحدة في الفظائع التي ارتكبها تنظيم “الدولة الإسلامية”، في الجولة الثانية من التصويت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بدعم من 72 دولة، أي بعشر دول أكثر من الـ62 دولة المطلوبة لتأمين فوزه بالمنصب الرفيع.
وكان خان يتنافس مع ثلاثة مرشحين من إيرلندا وإيطاليا وإسبانيا لخلافة بنسودا المنتهية ولايتها، والتي قادت تحقيقات واجهت اعتراضاً، بما في ذلك حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وأفغانستان.
وكانت وسائل إعلام بريطانية ذكرت أن خان هو المرشح الأوفر حظاً للفوز بالمنصب، ويتقدم على الإسباني كارلوس كاستريسانا والإيرلندي فيرغال غاينور والإيطالي فرانشيسكو لو فوي.
وعلى الرغم من محاولات عدة في الأسابيع الأخيرة، فشلت الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية في التوصل إلى توافق بشأن تعيين مُدّع عام جديد، وتوجب عليها حسم قرارها خلال تصويت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
ومن المقرر أن تستقيل بنسودا المولودة في غامبيا، في يونيو بعد تسع سنوات قضتها في واحد من أصعب المناصب في القضاء الدولي، تاركةً وراءها سجلاً متفاوتاً من الإنجازات في محكمة لاهاي.
وسيكون خان، وهو ثالث مُدّع عام للمحكمة منذ إنشائها في 2002، مسؤولاً عن ملفات ضخمة وقضايا معقدة، في محكمة يتم باستمرار التشكيك في شرعيتها.
ترأس خان، المحامي البريطاني المتخصص في حقوق الإنسان، مؤخراً تحقيقاً خاصاً للأمم المتحدة حول جرائم تنظيم “الدولة الإسلامية”، ودعا إلى إجراء محاكمات شبيهة بتلك التي خضع لها القادة النازيون في نورمبرغ.
عش الدبابير
وتتمثل أولى المسؤوليات التي سيضطلع بها المدعي العام الجديد، في اتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية المتعلقة بالتحقيق في جرائم الحرب في أفغانستان والتحقيق المثير للجدل حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في غزة في 2014.
والعام الماضي، استهدفت إدارة ترامب بنسودة ومسؤولاً كبيراً آخر في المحكمة الجنائية الدولية، وفرضت عليهما عقوبات، بما في ذلك حظر سفر وتجميد أصولهما، بسبب تحقيق حول جرائم حرب أمريكية مفترضة في أفغانستان.
كما عارضت إسرائيل والولايات المتحدة، وهما ليستا عضوين في المحكمة الجنائية الدولية، بشدة تحقيقاً آخر في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها القوات الإسرائيلية وجماعات فلسطينية مسلّحة.
لكن قضاة الجنائية الدولية أعلنوا الأسبوع الماضي أن المحكمة لديها اختصاص للنظر في الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما يمهد الطريق لإجراء تحقيق في جرائم الحرب.
وبدت إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن أقل حدة، لكنها لم توضح بعد ما إذا كانت تنوي التخلي عن العقوبات المفروضة على بنسودا والتي اعتبرت المحكمة أنها “غير مقبولة”.
دفع أفريقي
وتترك بنسودا وراءها سجلاً متفاوتًا من الإنجازات، على الرغم من أنها وسّعت نطاق المحكمة الجنائية الدولية.
وقد تمّت تحت قيادتها تبرئة رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو من جرائم ضد الإنسانية، بينما تمت تبرئة النائب السابق لرئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، جان بيير بيمبا، بالاستئناف.
وأسقطت بنسودا تُهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق الكيني أوهورو كينياتا. والمحكمة الجنائية الدولية هي المحكمة الدائمة الوحيدة لجرائم الحرب في العالم. وقد تعرضت لانتقادات مراراً لتركيزها على شؤون البلدان الإفريقية.
كما شهدت فترتها مثول المتهم السوداني علي كوشيب والتي تجري محاكمته بلاهاي على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم حرب في دارفور.
نقلا عن صحيفة الانتباهة