على نحو مفاجئ تم الاعلان عن تأجيل اجتماع مجلس شركاء الفترة الإنتقالية الذي كان مقرراً له مناقشة برنامج رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك الموضوع كشرط لمشاركة الوزراء في الحكومة.
وكان اجتماعاً لقوى إعلان الحرية والتغيير، أجاز برنامجاً للحكومة الجديدة من ضمنه الموقف حيال التطبيع والأزمة الاقتصادية. وهو البرنامج الذي سيحدد معالم المرحلة وقبل جلوس أي وزير على مقعده عليه أن يقبل هذا البرنامج أو يغادر.
وإتسمت الحكومة السابقة بتشاكس وزرائها وحاضنتها السياسية بشأن ملفات شائكة على رأسها التطبيع مع إسرائيل والوصفة العلاجية لأزمة الاقتصاد. حيث ناهض وزراء في حكومة حمدوك السابقة خطوات التطبيع مع إسرائيل كما انتقدوا البرنامج الاقتصادي للحكومة الذي اعتمد وصفة البنك الدولي بتحرير السلع والخدمات وتعويم الجنيه.
وربما يقف (برنامج حمدوك) حجر عثرة أمام عدد من الوزراء الذين لديهم آراء واضحة في هذه الملفات الشائكة. فوزير الخارجية مريم الصادق المهدي التي جاءت من حاضنة سياسية (حزب الأمة القومي) ترفض تماماً مسألة التطبيع مع إسرائيل .. إلى جانب التشاكس الظاهر بين وزير المالية د. جبريل إبراهيم وطريقة عمل لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وإزالة التمكين.
ويقول خبراء ومحللون سياسيون أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك يضع شروطاً غير مقبولة لمشاركة الوزراء في الحكومة وبعضها غير صالح وهذا يعرقل خطة عمل وتنفيذ مهام الحكومة الجديدة. ويضيف الخبراء أن برنامج البنك الدولي يجد معارضة كبيرة من معظم شركاء الحكم واصرار حمدوك عليه يجعله في مواجهة مباشرة معهم وربما ينسف ذلك تماسك مكونات الحكومة مع بعضها البعض لتنشأ صدامات لا تصب بالتأكيد في مصلحة الوطن الذي يعاني وينتظر الحلول. ويؤكد الخبراء أن بعض خطط حمدوك التي يعارضها الجميع ربما تسعى لفصل الوزراء عن حواضنهم السياسية في حالة موافقتهم على شروط (برنامج حمدوك) وهذا يضعف فكرة الشراكة ويؤسس للتعامل مع الشخصيات أكثر من الكيانات.
من جانبه قال الكاتب الصحافي والمحلل السياسي المعروف خالد حسن محمد علي أن برنامج حمدوك وضع الممثلين الجدد في الحكومة أمام اختبار حقيقي. وقال خالد أن موافقة الوزراء على البرنامج أو رفضه سيوضح جلياً إن كانت الحكومة حكومة محاصصة أو كفاءات. حيث أن المبادئ الحزبية للوزراء تمنع بعضهم من الموافقة على بعض من ما جاء في (برنامج حمدوك). وإن وافقوا فإنهم ينفصلون تماماً عن حواضنهم السياسية.
ويضيف خالد: (مثل هذه الشروط المسبقة تخلق حالة من البلبلة وعدم التركيز تجاه قضايا أساسية يبحث المواطن عن مخرج لها قبل المسؤول. وبالطبع لن يكون الحل في روشتة البنك الدولي أو الهرولة وراء سراب التطبيع ووعوده الكاذبة. وكان الأجدى والأنفع للجميع وضع برنامج اقتصادي ينهي مأساة وطن يبحث عن قطعة خبز ويؤسس لعلاقات دولية تراعي مصالح البلاد العليا ثم بناء السلام كما يجب. أما إصرار حمدوك على (برنامجه) فإن ذلك سيقود لا محالة للتشاكس والصراعات والخلافات التي سئم منها المواطن وسيبحث عن البديل وإن طال السفر).