لماذا أحالت رئيسة القضاء قضية كباشي عضو مجلس السيادة الموقر ضد لجان المقاومة في حي الحتانة (حيث أقيم اجتماع الغداء المشؤوم)..لماذا أحالتها من أم درمان إلى محكمة الخرطوم شمال “من غير مسّوغ” كما قالت هيئة المحامين عن فرسان المقاومة المتهمين لدى كباشي الذي امتشق سيف المقاتلين للمضي بإجراءات التقاضي ضد المقاومة إلى آخر الشوط نكاية في الثورة وفي المقاومة التي أشعلت الثورة وأحدثت هذا التغيير الهائل الذي نتج عنه تشكيل مجلس السيادة بكامل أبهته وطيلسانه..؟!
ونحن هنا نتحدث باسم المحامين الذين هم أعرف بالقانون والذين صدر هذا الاحتجاج منهم ووصفوا تحويل رئيسة القضاء لهذه القضية للخرطوم بأنه (علامة استفهام) ومسار لم يفهموا أسبابه لأنه يحرم هيئة الدفاع عن الرد على الطلب ومعرفة أسباب الإحالة، حيث أبانت هيئة الدفاع أن رئيسة القضاء تعسّفت في استخدام سلطة الجواز المشروطة وأصدرت أمر الإحالة دون الرجوع إلى ملف الدعوى بالمحكمة المُختصّة خاصة وأن المتهمين (حسب بلاغ كباشي) يسكنون جميعهم أم درمان ويعملون فيها وكذلك هيئة الدفاع؛ بل إن وقائع البلاغ نفسها حدثت في أم درمان.. فلماذا يجري نقل القضية إلى الخرطوم..؟! نحن نربأ أن يكون القصد من ذلك (تلتلة المتهمين) كما يسميهم البلاغ و(جهجهة المحامين) الذين تجرأوا بالدفاع عن المقاومين..كما لا نعتقد أن من بين الدوافع (إراحة الشاكي وتعذيب المشكيين) فذلك من تأويل الحديث (وما نحن بالغيب عالمين)..!
نقطة أخرى تشير إليها هيئة الدفاع وهي أن رئيسة القضاء بقرارها هذا (نقلت القضية ومعها قاضيها) من أم درمان إلى محكمة أخرى بالخرطوم وجعلت المتقاضين الآخرين في أم درمان أمام القاضي المنقول (في حيص بيص) فهل يركضون خلفه إلى الخرطوم..؟!! ويمضي بيان المحامين للقول بأن رئيسة القضاء أرست بهذا التصرف (المعيب قانوناً) سابقة قضائية مشوّهة واجتهدت دون من حاجة إلى الاجتهاد مع وجود نص صريح يقول “لرئيس القضاء إحالة الملف”..الملف وليس القاضي.. فلماذا يا ترى تم نقل الملف والمحكمة بقاضيها…؟؟!
لعل هذا الحال هو عين ما ظللنا نشير إليه من قصر باع الأجهزة العدلية في الفترة الانتقالية وبعد الثورة المجيدة وهو أيضاً ما قلناه عن الخلل في إسناد منصب وزير المالية للسيد جبريل إبراهيم.. فما صدر عنه في الفيديو المتداول من حديث، لا ينسجم مع منطق الثورة ومهمة الانتقال؛ بل يثير الريبة ويدعو للحيرة ..وحسبك من وزير يقول إن قبوله بالوزارة كان من أجل (تخليص) الأموال الخاصة بالحركات الموقّعة على السلام.. وهي الأموال التي ستكون تحت عهدة قادة الحركات لأنه لا يضمن أن يقوم وزير مالية آخر بهذا الأمر..!! هذا هو فهم الرجل لإدارة الوزارة وللمسؤولية التضامنية بين الوزراء ولمجمل القرارات الحكومية.. فهو يرى أن وزير المالية هو الذي يتصرّف في توزيع المال العام على المهام والأشخاص وليست الحكومة التي تحدد الأولويات ومجالات الصرف والإنفاق والوفاء بأي (داهية من دواهي) التعهدات الرسمية المرهونة بمواقيتها وإمكاناتها..!! هذه هي خطة الرجل للوزارة قالها بصراحة ولم يقل إنه تسلم الوزارة من أجل التخطيط القومي أو ضبط السياسات المالية والموازنة وكبح التضخم وتوفير مدخلات المعيشة أو توحيد الولاية على المال العام ..الخ فهو يرى أن (لكل امرئ يومئذٍ شأن يغنيه)..!!
هل كنا نتجنى عندما أشرنا سابقاً إلى هذه المطاعن وإلى مثل هذه السلوكيات و(الفاولات) ومثل هذه التصورات السياسية المريضة والممارسات التي تريد أن ترتكس بالثورة والوعي العام إلى أيام الإنقاذ الكارثية.. أيام الجهالة الجهلاء والضلالة العمياء والغي الموفي بأهله إلى النار وسوء السبيل..؟!!