الناقد الفنى الراحل محجوب عبد الحفيظ والذى كان يقدم برنامج الصلات الطيبة فى تلفزيون السودان ، نصحني وزميلى الراحل وديع خوجلي بمهاجمة الفنانين الكبيرين محمد وردى و محمد الامين لكى نشتهر ، وكنت محررا برلمانيا جديدا فى الكار حيث سارعت بالرد عليه باننى لن اهاجمهما لاننى لا اريد الشهرة من الاساس ، فبهت وقال لى ؛ لن تستمر فى الصحافة طويلا وسينتهى بك المطاف اما فى جدة والرياض او تبوك مثل اهلك !!!
نوع حديث عبد الحفيظ وجدته عند الصحافيين محمد الاسباط و محمد فرح – فى الفيلم الوثائقى الذى بثته قناة الجزيرة اليوم عن حياة فنان الشعب محمد وردى – وهو اى الحديث مما يسميه اهل الفنان العملاق ب ( الجكار ) وهو اشبه بما كنا نشاهده من تلاسن بين العواطلية الذين كانوا يقفون فى طرف ميدان الامم المتحدة بالخرطوم ويتجادلون بالصوت العالى حول مباريات الهلال والمريخ.
وقد بدا الاسباط بالذات كشخص غير موضوعى وانتهازي وهو يردد فرية ان الراحل العظيم كان يقلل من شان زملائه الفنانين ولا يحترمهم ، ولمعلومية الاسباط اخذ وردى الفنانين اللحو وابوعركى معه فى جولة فى مناطق اهله فى الستينات ويذكر الاهالى هناك ان وردى هو الذى كان يتولى تقديمهما بنفسه للجمهور فى الحفلات مشيدا بهما وطالبا منه ان يواظب على سماعهما فى الراديو لانهما يعبران عن فن حقيقى !!
معقول يا اسباط بعد احترافك العمل الصحفى لاكثر من 30 سنة لازلت ترى ان تزييف التاريخ و هجاء العملاق وردى وهو ميت ممكن ان يرفعا اسهمك لكى تعود لجنى المال عبر التنقل بين شاشات تلفزيونات العالم معلقا على الاحداث مثلما فعلت ابان ثورة ديسمبر .؟!
وقال الاسباط ايضا وبالحرف ان غناء وردى لمايو يعد تاريخا اسودا فى سجله لانه كان ضد الديمقراطية . ومعروف ان وردى ابدى ندمه لغنائه لمايو وفصل بوضوح الفرق بين مايو وشعاراتها ، ثم عن اى ديمقراطية يتحدث مسيو اسباط ، ايهما المعادى للديمقراطية ..طرد نواب الحزب الشيوعى من البرلمان ، ثم رفض تنفيذ قرار المحكمة العليا ثم وصول الدستور الاسلامى لمرحلة القراءة الثانية ، و كلها قرارات اصدرتها باسم الديمقراطية حكومة منتخبة تلاعب بها المهدى والازهرى بتشجيع من الترابى دون تقديم خدمات للشعب ، ام الغناء للشعارات المناوئة لهذا الخمج والتى رفعتها مايو ؟
الديمقراطية ليست صناديق الاقتراع وحدها ، بل تحقيق البرنامج الذى يحسن حياة الناس وبموجبه صوتوا لك ، you have to deliver
اما حكاية ان وردى كان يصر على انه يتربع على عرش الغناء وحده فهى لاتحتاج لتعضيد لانها حقيقة ساطعة كضوء الشمس. لقد توجته الجماهير ملكا على عكس رغبة الهبرتجية من النقاد الانطباعيين الذين كانوا يقتاتون على نوع الكلام السمج الذى يردده الاسباط وفرح. وقد ظل احد هؤلاء النقاد يهاجم وردى لسنين وعزا السبب فيما بعد لتعرضه للاستفزاز لان الفنان الكبير كان يكرر فى المقابلات الصحفية انه ليس عربيا !!!
وقال العبقرى كذلك ان محمد وردى فوت على نفسه فرصة اثراء تجربته الموسيقية بعدم التعاون مع الموسيقيين الاخرين ، ولعمرى مثل هذا الكلام لا يقوله طفل يرعى النعاج فى البوادى !! اى اثراء واى موسيقيين ايها الفطحل ؟!
محمد وردى اصلا وضعوه فى القمة لانه افضل من يؤلف موسيقى تانى عاوز ترجعه وين ؟! يا مثبت العقل !!!!!
وفى الفيلم قدم الاساتذة جعفر عباس وعبد الوهاب محمد وردى اضاءات ممتازة حقا ، ولو ان صديقنا الصحفى والمؤرخ معاوية يس كان مشاركا لما احتجنا للرد على خزعبلات الاسباط وتابعه محمد فرح ، لانه كان سيدخلنا الى بؤر مكثفة فى حياة وردى لم يقف عليها الناس بعد !!
كان محمد وردى مشروعا كبيرا وربما هو المشروع الاوحد فى دولة مابعد الاستقلال الذى حقق نجاحا ، وفى قلب هذا المشروع ينهض محمد وردى عبقرى الكلمة بشعره الكلاسيكى والرومانسي ،
فى مثل هذا اليوم من العام المقبل اتمنى
ان يقام احتفال يتم الاعداد له جيدا ويكون
مخصصا لمحمد وردى الشاعر العملاق !!
انه تحد ، لكن حب اهله الجارف له وحده كفيل بانجاز ذلك ،
قال لى العملاق الراحل ذات يوم اننا فى شعرنا الغنائى النوبى لا نذكر اسم الحبيبة تصريحا ونسميها عوضا بالقمر او بذرة النعناع ، وكأنه يطلب منى تلميحا توصيل ذلك لابن دفعتى الفنان الذى كان يهاتى باسم محبوبته ويشيل حسها فى البوادى والحضر !!!!