يسعى السودان إلى تنشيط الاقتصاد المحلي من خلال قطاع الاستثمار بالاعتماد على دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، فاتحاً المجال أمام المستثمرين لاستغلال إمكانياته في الزراعة والبنى التحتية والمعادن.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية والسودان نحو 8 مليارات دولار في 2019، بحسب غرفة التجارة السعودية.
وتعد الاستثمارات السعودية الكبرى من بين الاستثمارات الخليجية في السودان، وتقدر بنحو 11 مليار دولار، وفقاً لبيانات رسمية سودانية.
وفي مايو 2019، أودعت السعودية 250 مليون دولار في البنك المركزي السوداني، لتعزيز سعر صرف العملة المحلية، وجاءت الوديعة ضمن حزمة مساعدات سعودية إماراتية للخرطوم بإجمالي 3 مليارات دولار.
خطة للنهوض اقتصادياً
ويسعى السودان من خلال الاعتماد على الاستثمار إلى التخلص من كافة ديونه، فوفق ما أفادت به وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي في السودان هبة محمد علي، لصحيفة “الديمقراطي” المحلية فإنه “تم وضع خطة تستهدف أهم قطاعات للنهوض الاقتصادي”.
وأوضحت أن أول هذه القطاعات هي “البنية التحتية والموانئ والمواصلات والاتصالات والطرق، والطاقة والتعدين، والزراعة والثروة الحيوانية”.
وأشارت إلى أن هذا لن ينجح “دون تهيئة البيئة الاستثمارية”، مؤكدة أنه جرى “اتخاذ جملة من الترتيبات، وتم توقيع عدة قوانين وقرارات لتهيئة البيئة الاستثمارية”.
ويرى مختصون أن السودان سيحقق قفزة في جذب الاستثمارات، لا سيما من دول الخليج؛ لما يتوافر فيه من مزايا تجذب إليه الأموال الخليجية.
وبحسب الخبير الاقتصادي نمر أبو كف، الذي تحدث لـ”الخليج أونلاين”، فإن العلاقات التجارية بين السودان ودول الخليج، خاصة مع السعودية، قديمة، ودائماً كانت هناك علاقات طيبة بين الجانبين في التبادل التجاري والاستثمار.
وأشار إلى أن الاستثمارات السعودية تأتي بالمرتبة الثانية بعد الصين في السودان، عاداً رفع العقوبات الأمريكية عن السودان بأنه “سيدعم نشاط حركة التبادل التجاري والاستثمار، خصوصاً مع الأخذ بعين الاعتبار أن السودان بلد يملك خبرة جيدة في الاستثمار، ولا سيما في قطاع المعادن”.
معوقات الاستثمار
يوصف السودان بأنه من أغنى بلدان الشرق الأوسط لما يحتويه من معادن وأراضٍ خصبة واسعة للزراعة، لكن السياسة الاستثمارية توصف بالفاشلة، لا سيما مع ما كانت تعانيه البلاد لعقود من عدم استقرار أمني ووجود خلافات داخلية.
ووفق ما تشير بحوث محلية فإن أبرز المعوقات التي تواجه المستثمرين الأجانب هي ضعف وتخلف البنية التحتية للسودان، وتتمثل في الطرق والمواصلات والمطارات ومرافق الخدمات العامة، صحية وتعليمية وغيرها.
وأيضاً يعاني السودان من وجود أكثر من قانون يتعلق بالاستثمار، حيث تعدد التشريعات الاستثمارية وعدم ثباتها، واحتكار الحكومة لبعض الأنشطة الاقتصادية، ومنع المستثمرين من الاستثمار فيها، وضعف الامتيازات والتسهيلات التي تمنح للاستثمار الأجنبي.
كذلك تتعدد الأجهزة أو الجهات المسؤولة عن الاستثمار، وهناك نقص في المعلومات عن المقومات الاستثمارية، وصعوبة في الحصول على الترخيص للمشروع الاستثماري، ووجود أنظمة مصرفية تقليدية غير متقدمة.
ومن الصعوبات أيضاً عدم الاستقرار الاقتصادي والأمني، وعدم توفر النقد الأجنبي، وتراجع قيمة العملة المحلية، وعدم وجود خريطة استثمارية.
تسهيل الاستثمار
لكن السودان أدرك أن وجود هذه المعوقات ستجعل إنعاش اقتصاد البلاد مستحيلاً، وهو ما يتوضح من تصريحات لقادته، الذين يسعون إلى استقطاب استثمارات سعودية أكبر.
ففي أكتوبر 2019، وعد رئيس مجلس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، خلال لقائه رجال الأعمال السعوديين بمقر مجلس الغرف السعودية، بتطوير النظام المالي والبنكي، واعتماد نظام النافذة الموحدة للمستثمرين، وتطوير إجراءات الاستثمار والأراضي والضرائب.
ومؤخراً قال رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إنه سيسهل دخول الاستثمارات السعودية إلى بلاده.
جاء ذلك خلال لقاء البرهان في الخرطوم وزير الدولة للشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية السعودية أحمد قطان، 18 فبراير 2021، وفق بيان صدر عن رئاسة مجلس السيادة السوداني.
كما أكّد البرهان في البيان حرص بلاده على تطوير التعاون مع المملكة في المجالات الاقتصادية والتجارية، مشدداً على أنه “وعد بتسهيل دخول الاستثمارات السعودية”.
والتقى الوزير السعودي، الذي قام بزيارة رسمية إلى الخرطوم، رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك. وقال الأخير، في بيان منفصل، إن الجانبين اتفقا على مشاريع استثمارية في 5 قطاعات، أهمها الزراعة والبنية التحتية والتصنيع، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وأردف حمدوك: “تم الاتفاق على زيارات متبادلة رفيعة المستوى لاستكمال خطط استكمال هذه المشاريع في أقرب وقت”.
من جانبه أكّد الوزير السعودي أن المملكة تسعى مع كل الأصدقاء للاستثمارات بالسودان في ظل سعي الحكومة السودانية لإزالة العقبات التي تواجه الاستثمار في أراضيه.