الاقتصاديون بحكم التخصص والدراسة والخبرة والممارسة العملية انقسموا إلى قسمين في الرأي حول حل ضائقتنا الاقتصادية وتأثيرها على عملتنا الجنيه ..قسم منهم يرى أن الحل لمعضلة الاقتصاد المنهار في الوطن هو دعم الحكومة الانتقالية للجنيه والاحتياجات الأساسية كالخبز والطاقة من بنزين وكهرباء وغيرها…أما رأي بعض الاقتصاديين الآخر والذي عزمت حكومة حمدوك الانتقالية على تطبيقه والعمل به هو تعويم العملة السودانية وتحريرها في أخطر محاولة حل استصعبها العديد من متخصصي الاقتصاد خوفا من الفشل لانها تتطلب مواجهة صعوبات عديدة تقف سداً منيعا في توفير عوامل حل المشكلة وأكثرها معضلة حرب السوق الموازي والفساد ووصول الشعب الى منتهى المعاناة في الحصول على لقمة العيش حتى وصلت حالة البعض وخاصة المعارضين للحكومة الانتقالية من العهد البائد ومن سار على ركبهم وغرضهم المبني أصلا على خلفيتهم الرافضة لإزالتهم من السلطة وقيام الثورة ضدههم بالمناداة باسقاطها معللين ذلك بفشل محاولة التعويم وأنها ستؤدي الى التجويع وأكثر مما وصل إليه من مستوى مضنٍ وفظيع …
وبغض النظر عن رأي الطرفين ومبررات كل منهما المبنية على الدراسة والخبرة فإن هناك رأياً مبنياً على الحكمة والتجربة الحياتية لمن سبقونا يقول: (القد إن غلبك سدُه وسًع قدُه) ولفهم هذا الرأي وضرب المثل ونجاعة الفكرة وتحقيقها للهدف وباختصار شديد ولتوصيل فهمها للذين لم يعايشوا زمانها.. فقد كان سقف البيوت قديماً يُبنى من جريد النخل أو القنا وعيدان (مروق) من الحطب، إضافة إلى مونة من الطين ومن كل ذلك خرج المثل وتفسيره هو: (أن القد الصغير في سقف البيت المكوٌن من الجريد أو القنا والقش ومروق الحطب حينما يسقط ماء المطر الغزير عن طريقه إلى داخل البيت و إذا لم يستطع صاحب البيت سده لإيقاف سقوط الماء المتواصل فعليه توسيع القد ليجد الماء سبيله للسقوط حتى لا يتسبب ماء المطر الشديد في إسقاط السقف كاملا).
وحالة السقف المقدود بماء المطر الغزير وحاجتها الى العلاج بزيادة توسيع ما أدى الى الضرر (وهو القد) شبيهة إلى حد كبير بحالة الشعب التي وصل إليها من معاناة قفة الملاح والحاجات الضرورية من دواء وكساء وغيره وخاصة أصحاب الدخل المحدود ورزق اليوم باليوم حتى وصلت حالتهم إلى حالة صعبة لا تًطاق مما أجبر بعض الاقتصاديين إلى علاجها بما يزيد من معاناتهم بتعويم الجنيه لتصل جراحهم إلى العظم… وتتطال الأزمة لحمهم الحي.. ولسان حالهم يقول الموت مع الجماعة عرس..
وبتطبيق تجربة تعويم الجنيه على ضوء دراستهم وخبرتهم يسير هؤلاء الاقتصاديون على نهج أو طريقة أهلنا الطيبين في حل معضلاتهم من الامور أو المشاكل بحكمتهم ومثلهم الذي يقول: (القد إن غلبك سدُو وسّع قدُه). ويتخذونها حلاً لمشكلة اقتصادية زادت من حدتها وضراوتها السياسات الفاشلة لنظام الانقاذ البائد مدة 30 عاماً.
………………….
… الرياض..