عامان انصرما على رحيل الاخ الأكبر والصديق الصدوق عطاالله حمد بشير ، فقد انتقل إلى دار الخلود في هدؤ يماثل طبعه فجأة ، وبلا وداع عصر الجمعة ٢٢ فبراير ٢٠١٩م .
رحل عنا ولم يرحل منا ، ولا يزال جرح رحيله المباغت طريا ، ولا تزال مرارة فقده تسد الآفاق .
بغيابه انطفأت شعلة ضؤ انارت بالمحبة والوداد والصدق والايثار ما حولها .. فقد كان أيقونة ومنارة تجذب العقول والقلوب. كانت له مقدرة فائقة على نسج خيوط الود والتواصل مع الجميع في بساطة ويسر وتواضع ، تميزة السماحة والذوق الرفيع والقبول ومحبة الجميع وصفاء النفس ونقاء السريرة .
طيلة سنوات معرفتي به منذ الثمانينات ، لم اشاهده متجهما مقطب الجبين او حانقا أو ساخطا أو شاتما ، بل كان -رحمه الله- دوما هادئ الطبع شديد التهذيب ، قويم المسلك عالي الهمة واسع الإدراك صبورا قليل الكلام الا فيما يفيد ، بحر من المعارف والعلوم ، قارئ نهم . كان محبا ومخلصا لمهنته وهواياته ، كان ألمعيا ذكي الفؤاد متعدد المواهب . وكان الدبلوماسي المحنك ، والاداري البارع ، والاقتصادي الضليع ، والرسام صاحب الريشة الساحرة والخطاط االماهر ، ولم أرى افضل منه في العناية الشديدة بتجويد ما يقوم به من عمل وفي حسن تنظيم الوقت واستغلاله فيما هو مفيد .
كان رحمه محبا لأسرته الصغيرة ، بارا بوالدته وأسرته وعشيرته ، مواصلا لأرحامه ، ساعيا بالخير بين الناس ، باذلا سخي الكف ، وفيا لزملاء الدراسة والمهنة ورفقاء الدرب . لذا شق نعيه على الجميع وكانت كارثة فقده قد أصابت الجميع بالذهول لهول الفاجعة . لقد اجتمع فيه النبل وحب الخير وكرامة النفس والوقوف مساعدا وناصرا لقيم الحق والخير والجمال .
ومثله لا يترك كل هذا العشق خلفه ويرحل الا حين يفيض القلب بالالم ، وتحين ساعة الفراق والاجل المحتوم ، فمضى راضيا مرضيا الى لقاء المولى عز وجل ، وخلف زوجة بارة وذرية صالحة وعشيرة وقبيلة من التلاميذ ورفقاء المهنة تدعو له بالرحمة ، وترك سيرة خالدة وذكرى عطرة تسير بها الركبان .
لله در أناس اينما ذكروا
تطيب سيرتهم حتى وان غابوا
نسأل االله تعالى ان يرحمه ويغفر له ويكرم نزله مع الابرار والصالحين وان يجعل البركة في ذريته وعقبه . سوف نظل نتذكر دوما وجهه الوضئ ، وابتسامته العذبة ، حتى نصير الى ما صار اليه .
ابا طلال لك رحمات الله ، ومحبة خلق كثير .
وسلام عليك في الخالدين .
بريتوريا/ 22 فبراير 2021م