دخل وزراء الحكومة الجديدة في اجتماعات مغلقة لايام، وحتى الحادية عشرة من مساء السبت موعد كتابة هذا المقال لم يتم تقديم تنوير وزير الإعلام الجديد حولها، وهي كما قال أحد الظرفاء معسكر مقفول للوزراء لمباراة الدافوري السياسي، تشبيها لهذا الاجتماع بالمعسكرات المغلقة لفرق كرة القدم استعدادا لمباراة مهمة.
المؤشرات جميعها تقول ان هذه الاجتماعات ستكون ناجحه في صناعة برنامج تنفيذي للحكومة، وناجحة في توحيد رؤية الوزراء وزيادة انسجامهم، وهذا ينبع من حقيقة أن القوى السياسية التي شكلت الحكومة الجديدة خالية من أكثر جماعتين مزعجتين ومفرقتين للشمل في تاريخ السياسة السودانية وهما الكيزان والشيوعيين، ولست متحاملا اذا قلت أن وجود أي كوز او شيوعي في حكومات الفترة الانتقالية ومؤسساتها سيؤدي إلى تفتيتها وتمزيقها وتحويلها من مؤسسات بناء إلى مؤسسات صراع، فهاتين الجماعتين حيثما وجدت كوادرهما وجد الصراع و(الحفر) واغتيال الخصوم، انظروا إلى حال تجمع المهنيين المتشظى بفعل الشيوعيين، وانظروا إلى حرب اللجنة الاقتصادية السابقة للحرية والتغيير مع وزير المالية وسياسته، وانظروا إلى من كان خلف انقلاب الإنقاذ ومن كان خلف انقلاب نميري وستعرفون أين تكمن أزمة هذا البلد.
لم يكن هناك قرار صحيح اتخذه الشيوعيون أفضل من مفارقتهم للحكومة الانتقالية، فقد كان وجودهم في داخلها خميرة عكننة بمواقفهم المزدوجة، وهجومهم على الحكومة وهم في داخلها، خروجهم أعاد الانسجام للحكومة الانتقالية، وأسكت أصوات الخلافات العالية، وها هي بشريات الانسجام تظهر ملامحها في التحركات الجيدة حتى الآن لوزراء المالية والخارجية والصناعة ورئاسة الوزراء، وسيتبعهم البقية بلا شك بعد هذا الاجتماع المغلق.
أحزاب الحكومة الراهنة بالإضافة إلى حركات الكفاح المسلح، منسجمة مع بعضها وان اختلفت فهي لا تصارع كما يصارع الكيزان والشيوعيين وإنما تبدي تحفظاتها بصورة موضوعية في النور وليس من خلف ستار، ولا تسعى لفرض ايدولوجيتها ولا تختطف المؤسسات المستقلة، ولا تهاجم الدول الصديقة والخارجية وتتهمها بالحق والباطل فتحول السودان من دولة باحثة عن موطيء قدم في العالم بالود والصداقة إلى دولة عدو تهاجم الجميع، جميع أحزاب الحكومة هي أحزاب أصيلة النضال وفي نفس الوقت سمحة عند الخلاف وخلوقة في الصراع، لذلك يشاهد الجميع اختفاءا ملحوظا لنبرة الصراع داخل الحكومة، ويرى الجميع تماسكا في التركيبة وتوافقا وسلام، نتمنى أن يستمر هذا التفاهم، وان تدعمه الاجتماعات المغلقة هذه ببرنامج واضح ومفصل ومتفق عليه، يقوم كل وزير فيه بما يليه فيتكامل الجميع في فريق ناجح ينقل البلاد إلى الأمام.
sondy25@gmail.com